23 ديسمبر، 2024 4:59 ص

قصف مطار كربلاء.. قصة حشد العتبات والدفع للأمام

قصف مطار كربلاء.. قصة حشد العتبات والدفع للأمام

في (13 آذار / مارس 2020)، أعلنت العتبة الحسينية إن منشآت مطار كربلاء الدولي قد تعرضت للقصف بعدة صواريخ من قبل الطيران الأمريكي مما أدى إلى مقتل أحد المدنيين وجرح آخرين ممن يعملون في تشييد المطار، إضافة إلى أضرار كبيرة في المنشآت الإدارية والخدمية. وجاءت الضربة العسكرية ضمن مجموعة ضربات جوية ضد أهداف تقول أمريكا انها للقضاء على مخازن السلاح الذي يستهدف القواعد العسكرية الأمريكية في العراق. وذلك ما حصل فعلا بعد ضرب قاعدة التاجي من قبل جهات عسكرية عراقية أدت إلى مقتل جنود أمريكيين ومتعاقدة بريطانية، الجولات الماضية بين الطرفين – الحشد الشعبي العراقي والقوات الأمريكية – سجال وقصف متبادل تبعا لايديولوجية عسكرية للطرفين فضلا عن التأثير الدولي في بيان القوة والردع في المنطقة. لكن الولايات المتحدة الأمريكية حاولت الإفادة من هذا السجال لدفع القوات غير النظامية التابعة للعتبات المقدسة في العراق والتي تختلف ايديولجيا مع باقي الحشود العسكرية فهذا الحشد يختلف من حيث العقيدة الإسلامية والنظرة لنظام الحكم فلا تؤمن هذه الفصائل بنظرية ولاية الفقية المطلقة بل تتبع في ذلك رأي المرجع الديني علي السيستاني، فيما اغلب باقي الفصائل الأخرى تؤمن بولاية الفقية المطلقة والتابعة عقائديا لهذه الفكرة، وهذا ما جعلها في قطيعة مباشرة مع مخرجات السياسة الأمريكية في العراق. لذلك كانت الضربة لمنشأت مدنية تابعة للعتبات المقدسة وقوع الاختيار على مطار كربلاء الذي تنشئه العتبة الحسينية والذي يعد حلم تحقيق اكتفاء على جميع المستويات وبناء منظومة اقتصادية داخل الدولة إذ الطاقة الاستيعابية للمطار وفق دراسة الشركة الفرنسية تبلغ (2) مليون زائر سنويا كمرحلة اولى اما في المستقبل وخلال 30 عاما ستبلغ الطاقة الاستيعابية اكثر من (20) مليون زائر، وهذا يحقق قفزة في نوعية المشاريع الاقتصادية التي تنشأها العتبات في العراق. فاختيار قصف المطار كانت حركة ضمن استراتيجية عميقة تعمل بنفس طويل لتفكيك الحشد الشعبي العراقي واخضاعه للسيطرة الأمريكية أو التخلص منه إلى الأبد، وبدأت استجابة العتبات سريعة في التخلص من العلاقة التي تربطها إداريا بالحشد الشعبي من خلال فك الارتباط من هيئة الحشد وهي الجهة الرسمية العراقية التي تدير الفعاليات والأنشطة العسكرية للفصائل المسلحة التي خاضت الحرب ضد داعش وكانت مساندة للقوات المسلحة النظامية للقضاء على التنظيم في العراق، والإعلان عن انضمامها إلى وزارة الدفاع العراقية، ومناغمة الإدارة الأمريكية من خلال رفع دعوى قضائية ضد واشنطن وتوكيل محام أمريكي الجنسية، فيما ستستمر الاستراتيجية الأمريكية بقضم الفصائل الواحدة تلو الأخرى لاسيما بعد القضاء على الاب الروحي للحشد العراقي ابو مهدي المهندس، ربما لا نعدم في قادم الأيام تطور كبير في نوعية التجهيز العسكري لفصائل العتبات وربما سيحصل لواء على الأكبر أو لواء أنصار المرجعية أو فرقة الإمام علي القتالية على دبابات برامز الأمريكية أو معدات وتدريبات عسكرية حديثة مقارنة بباقي الفصائل. ربما تتبع هذه الاستراتيجية خلق فوضى داخل قلب التشكيل الحشدي فسلسلة الإجراءات المدروسة ستوجه الماكنة الإعلامية إلى تأييد خطوة حشد العتبات وجعلها أنموذجا لباقي الفصائل التي لا تؤيد إجراءات بعض الفصائل الأخرى وتختلف معها سياسيا. لكن في الطرف الآخر تبقى قوى الحشد الشعبي المنظمة عقائديا عصية إلى الآن على سياسة الاحتواء الأمريكي فمن الممكن جر الحصان للماء ولكن من الصعب بمكان أن تجبره على الشرب، فعلى هيئة الحشد العمل على إيجاد المساحة المشتركة بين فصائلها وتحقيق الوحدة القيادية فالمعجزات وليدة الرجال المتحدين.