بعيدا عن الأسلوب التقليدي في توجيه الاتهام المباشر للجهة المنفذة دون دراسة الدوافع وتحديد الارهاصات وتشخيص المسببات أقول بان داعش ليس المسئول عما حدث من مأساة جراء قصف مدينة تازة خورماتو التركمانية بالأسلحة الكيمياوية ، لان داعش عدو شرير يتحكم به ثلة من المتهورين، وليس من العقل ان نتوقع منهم الرحمة او ان نطلب منهم الترفق في القتل وعدم استخدام أسلحة الدمار الشامل والاكتفاء بالأسلحة التقليدية في قتل أهلنا وشعبنا، لان داعش فئة من المتهورين يمكنهم تدمير الأخضر واليابس وهم أعداء الجمال وشذاذ الافاق ولصوص الأرواح. وأريد هنا ان أطالب بالبحث عن الأسباب الحقيقية التي أدت الى حدوث هذه الفاجعة الإنسانية بحق أناس مسالمين همهم العيش الكريم دون تدخل من الاخرين في شئونهم والعكس صحيح.
وإذا كان داعش مسئولا عما حدث فهو آخر المسئولين، والمسئولية الكبرى تقع على عاتق الدولة العراقية التي تسوف وتماطل وتضيع الوقت، والا ما معنى عدم تحرير منطقة بشير المحتلة لحد الان؟ ولماذا لا تفتح عدة جبهات مع داعش في وقت واحد خاصة وهي تتمتع بدعم دولي فعلي في مقاومتها لداعش، ثم ان المسئولية تتدرج لتشمل حكومات الدول المجاورة بالدرجة الأولى وحكومات دول العالم الأخرى بالدرجة الثانية
ويزداد عجبي من موقف الاخوة الكرد من هذه المأساة الإنسانية لاسيما وان لهم تجربة قاسية ومؤلمة في حلبجة التي تعرضت لقصف كيمياوي ظالم أدى الى سلب حياة الألاف من الرجال والنساء والأطفال، وكنت أتوقع بانهم ومن واقع معاناتهم سيكونون في المقدمة في الاحتجاج ورفع الصوت عاليا واتخاذ الخطوات العملية بما فيها الرد العسكري السريع لضمان عدم حدوث هجمات مشابهة أخرى على المناطق المكشوفة للتركمان وهم أي الكرد كما قلت ضحايا سابقين للسلاح الكيماوي الغادر، ثم اين رد الحكومة العراقية وأين الحكومة ككل وأين المعتصمون والمتظاهرون في بغداد من هذه المأساة؟، ولماذا لا يضمنون هتافاتهم بعضا من عبارات الاستنكار؟ اين الأحزاب والقوميات والأديان والمنظمات؟
اين المجتمع الدولي؟ اين أمريكا وروسيا؟ اين تركيا وإيران؟ وأين المرجعيات السنية والشيعية؟
ان ما حدث في تازة كان بسبب تقاعس المجتمع الدولي ككل امام احتلال داعش للموصل وبدؤهم بهدم قبور الأنبياء والصالحين والمباني الاثرية مثل منارة الحدباء التاريخية، وتقاعسه امام احتلال سنجار وسبي الايزيديات واغتصابهن.
لقد تحركت دكة الموتى ولم تتحرك ضمائرهم أولاد … كما قال مظفر النواب: ان حظيرة خنزير اطهر من اطهرهم، سكتوا وخنعوا وتساهلوا حتى استيقظوا على خبر القصف الكيماوي الغادر على منطقة تازة الآمنة المطمئنة ولكن هل تحركت الضمائر كما ينبغي؟
الجواب لا ولعلهم ينتظرون قدوم داعش الى هذه المناطق لقتل الرجال وسبي النساء والأطفال ثم بيعهم في أسواق النخاسة ولكن هيهات، تموت المرأة التركمانية ولا تُسبى.
وأخيرا أقول لكل من تقاعس او تباطئ في التفاعل مع مواجهة داعش بان الخطر قادم وسيجرف الجميع كما السيل ومن حُلقت لحية جاره فليسكب الماء على لحيته.