بائعة المثلجات
وجهها المدوّر الصغير يذكرّني بأصل الجنس الأصفر عند ساكني الصين البعيدة. هي في هذا اليوم تروح وتجيء بين الزبائن في مطعم صغير يطل على ساحة “سان ماركو” في وسط جزيرة كبيرة في مدينة البندقية الأيطالية. المناخ الحار جعل الزبائن يسارعون الى مثلجاتها المعروضة في مجّمدة مكشوفة من الخارج للمشتري. لم تسمعني وأنا أطلب منها قطعة ثلج لشراب العصير. مدّت يدها لتعطيني بقية من مبلغ لم أدفعه لها!، في حين راح طفلي يلعب بكرته الملّونة قرب تمثال مرتفع، سقط عند قدميه حوت ضخم.
المتحف
سمعت أن متحفا لأعمال الموسيقار فيفالدي يقع في منطقة أكاديمي في مدينة “البندقية”. وصلتها متأخرا ليلة البارحة بعد أن أخذني الزورق البخاري من مطار المدينة حتى مركز سان ماركو. في اليوم التالي وضعت خارطة المدينة الملّونة أمامي ودخلت المتحف. بعد نصف ساعة، أستقبلني الموسيقار بآلة كمانه القديمة البنيّة اللون الكالحة، ذات الأوتار الأربعة المشدودة وهو يقصّر الوتر ويشّده بوضع بنصره وخنصره عليه. الموسيقار كان فرحا نشوانا، مرتديا ملابسه المزركشة وقبعته ذات الريشة السوداء التي راحت تتراقص في مهب ريح طيبة في مدينة “البندقية” الساحرة.
عندها أدركت أن أحلامي قد بدأت تتحقق.
صالح العراقي
قرّر صالح العراقي أن يفترش أرض ساحة مدينة البندقية، ويضع فتات الخبز على يديه وساقيه ورأسه، ضاحكا بهستيريا واضحة، جامعا الحمام الزاجل من كل جانب. تتجمع الناس بشكل دائري حول صالح. راح البعض يلتقط الصور له ولحماماته الوديعة. بعد ساعة، ظلّ صالح مفترشا الأرض كما كان يوما في ساحة عامة في عمّان بائعا للسيكائر المهربة. وحده هديل الحمام يذكّره اليوم بأنه أنسان آخر.
زورق البندقية
يدفع فريدريكو البلاّم مجذافه الخشبي الأسود بين أزقة مدينة البندقية وهو يغني بصوت أوبرالي يسمعه الناس. لا أفهم لغته فأسارع لأغني معه بلغتي والزورق يتهادى بين بيوت ملونة بشبابيك مفتوحة أمام المطربين.
عري
فتح نافذة غرفته في الفندق اليوم متأخرا بعض الشيء. النافذة تطّل مباشرة على نهير صغير من نهيرات مدينة البندقية. رأى زورقا أحمرا تدفعه الأمواج دون هدى. الزورق فارغ، وفتاة نصف عارية في النهير، تسبح بشطارة حيث الشاطئ الخالي من الناس.
أنتبه أن صديقته من ليلة البارحة قد تركت سريرها مبكرا اليوم.
ذات صباح في “البندقية”
تمشي بتؤدة محاذاة نهير قريب الى ساحة لوكا في مدينة البندقية. متبخترة كأنها الوزة البيضاء التي شاهدها يوما تمشي في شوارع كارديف. كانت تجر معها كلبا صغيرا أتعبه الجو الحار فقفز في النهير المجاور عبر جسر صغير يعبره الناس. الكل شاهد الكلب وهو ينازع نفسه غير قادر على السباحة. صاحب الكندولا او الزورق مدّ له مجذافه وسحبه ..أنتفض الكلب وهرولت صاحبته باكية أليه. هز جسمه الكلب فنشر رذاذ الماء على الناس المعروقين.