تعرضت المرأة العراقية؛ الى شتى أنواع العنف الجسدي واللفظي والأشد نفسياً، وتلك الكائن اللطيف التي يسكن لها الرجل والعائلة؛ تحولت الى كتلة لصد الصدمات واللوعات، وإذا كان حال الأمهات من أجيال سابقة قد تعودن على تحمل المكابدة؛ فكيف بتلك الصغيرة المتزوجة حديثاً؛ وهي تفقد أبنها الرضيع وبيتها وأخوتها وعائلتها، وقصص مروعة ومرعبة كثيرة لا يسعها الخيال.
فترات مريبة وقاسية من الزمن، وخوف من حاضر ومستقبل، ومجهول يُهدد بالسبي والإغتصاب، وأن كان الرجال في أسوأ الأحوال القتل؛ فللنساء شرف بدونه يتمنيّن القتل.
تعاني المرأة العراقية، ومن القرن الماضي؛ مختلف أنواع العنف والعناء، وفقدان الأزواج والأبناء في حروب عبثية، ومسؤولية العائلة بظروف قاسية من الفقر والحرمان، ورغم ذلك ربيّن الأبناء على حب الوطن وتجشمن تقاسم رغيف الخبز والمعاناة؛ إلاّ أن ما بعد دخول الأرهاب تنوعت أساليب العنف وأشدت مرارتها، ومنهنّ نساء فقدنّ أبناءهن وأطفالهن وأزواجهن جراء العمليات الإرهابية، وآخريات أغتصبت أرضهنّ، وصرن بمواجهة أعنف وبمسؤولية المحافظة على الأب والأبن والعائلة والشرف، وركز الإرهاب على أساليب ممنهجة متوحشة أقلها السبي والأسر والإعتداء الجنسي.
قصص كثيرة تحملتها النساء، ومخيمات النزوح تروي مآسي؛ عندما تكون خارج بيتها وعائلتها وزوجها وأطفالها، وإذا بها تُقاد أمام الرجال ويقتل ذويها، وتباع وتشترى في سوق النخاسة، ومنهن من أجبرنّ على ولادة أطفال لا تُعرف أنسابهم أو أجبرن على تلبية رغبات وحوش الإرهاب، وستواجه تبعات الحروب والتهجير، وما قصة شابة في مقتبل عمرها واحدة، وهي لم تصقلها التجارب، وإذا بها ترى طفلها الرضيع يوعدها مختنقاً بغاز مخلفات حرائق كبرت أشعله داعش، أو غيرها من فقدّن أزواج وأبناء، وحرارة أشد عند اللواتي لم يعرف مصير بناتهن الأسيرات عند الدواعش، وقصص تتعلق بالشرف والكرامة، لا يسمح الضمير الإنساني بذكرها.
إن داعش عصابة من الوحوش؛ أنذالاً في كل التصرفات، ومع النساء جرائمهم أشد بشاعة وإنحراف وإنحطاط، ومنهنّ من غرر بهن، وتحولّن الى أجساد لإشباع الغرائز الحيوانية السادية المريضة، وآخريات غصبوهن وأغتصبوهن وفرقوا عنهن رجالهن بالرصاص، والمظلومية وقعت على مختلف الإنتماءات؛ إلا بعض الشاذات المنحرفات اللواتي غررّن بغيرهن، وما إعادة الهيبة للمرأة العراقية؛ إلاّ للحفاظ على وعاء الأجيال المستقبلية ومنع تفكك المجتمع.50 عام من المتغيرات القاسية على المرأة العراقية، وأسوأ الفترات وقوعهّن تحت متناول عصابة مجرمة منحرفة.
تجربة قاسية وحلولها معقدة، ولا تقتصر على المعالجات الأمنية والعسكرية، وهناك جرح نازف وشرخ في الكرامة؛ عانته المرأة بمختلف عناوينها وحملت العبأ الأكبر من هول الكارثة، وذلك الإرهاب الأعمى لا يفرق بين قومية ودين، وتعامل بوحشية مع النساء، وإتخذ منهن بضاعة لغرائزه، وكسر كل قيم الكرامة وحدود الإنسانية، وسيواجه العراق تبعات مجتمع أصيب صميمه، ولا يستطيع إعادة الثقة بالنفس؛ أن لم يُساعد النساء على النهوض وإعادة الثقة، وتجاوز الضغط النفسي والآثار الإجتماعية، العيش دون المرأة، ولا يصمد المجتمع دون نساء قويات، ويجب أن يكون بالحسبان جزء كبير من الجهود لبرامج تأهيل المرأة؛ وإلا سندفع تبعات نتائج قاذورات الإرهاب.