قبل فترة وجيزة عاد احد الاصدقاء من رحلة دامت اسبوعين متنقلاً فيها بين عدة دول أوروبية , مما أثار فضولي وانا العراقي الذي يحرم علي جوازي دخول هذه الدول لأسباب لا يعلمها الا الله والراسخون في العلم .
بدأت بسؤاله عن القارة العجوز كسؤال طفل ملهوف يريد فتح لعبته الجديدة التي احضرها له والده في العيد , هل ذهبت الى برج ايفل ؟ هل رأيت ساعة بك بن الشهيرة ؟ أكيد ذهبت الى متحف اللوفر ؟ ورأيت الفاتيكان ؟ والف هل وهل ….
أجابني صديقي والذي هو في الحقيقة زميلي في الدراسة والذي يحمل جنسية أحدى دول الخليج , أجابني بزهو ما بعده زهو , وأنا أستمع أليه متعجباً أيما تعجب , كأني أشاهد أفلام الكارتون الشهير أليس في بلاد العجائب , مستغلاً بذلك لهفتي , هول لي صديقي الامور وهو يصف القارة العجوز , ومن شدة ذهولي ظننت أنه ذهب الى جنة عدن أو عاد بالزمن الى مملكة سليمان حيث العجائب والغرائب , أو يمكن أن يكون هذا الصديق العزيز قد تحدث بصراحة مطلقة وهو يصف أوروبا ولشدة جهلي كنت أظنه يبالغ في الأمر .
أدار صديقي دفة الحديث الى حيث أهوى وأشتهي ويشتهي كل شاب لم ير الى القتل والدمار أدارها الى حيث النساء والخمر وما حرم ربي من الخبائث , وأنا أسال وهو يجيب :
أنا : هل رأيت النساء الشقراوات كما نراهن من على شاشة التلفاز ؟
هو : رأيت ! بل فعلت ما خطر وما لم يخطر لك على بال وما أكثر بائعات الهوى هناك .
أنا : وهل شربت حتى الثمالة ؟ , قلت ذلك وبدأت أذكر له أسماء أرقى أنواع الخمور حتى لا يظن صديقي أني أجهل كل شئ .
هو : وهل ما ذكرته يصنف من ضمن الخمور ؟ وبدأ صديقي يعدد لي أسماءً أظن أن معظمها قد أخترعه للتو واللحظة ويمكن ان يكون ما ذكر صحيح ولكني لم اسمع بهذه الانواع لجهلي المزمن الموروث كما أسلفت سابقاً .
أنا : وهل اقمت علاقة مع أحداهن ؟
هو : لقد سألت هذا السؤال قبل قليل ولكن بصيغة مختلفة , لا تتمسك بما يسيل لعابك , سأحدثك عن ذلك بالتفصيل لاحقاً .
لقد أثار جوابه حفيظتي , وكدت أختنق من كلامه الجارح , وكأني لم أر نساءً في حياتي , من يظن نفسه هذا المتكبر ؟
أنا : هل تذوقت لحم الخنزير ؟ يقولون أن له طعم لا ينسى ؟
قطب صديقي جبينه وأرتعد وسرت في جسده قشعريرة باردة كمن سمع سباباً أو لعن وشتم بأهله , ولم أعد أنا صديقه العزيز الذي يكن له كل الود والاحترام فصرخ في وجهي قائلاُ : لعنك الله يا زنديق , كيف سولت لك نفسك أن تسأل هكذا سؤال ؟ يا عدو الله الا تعلم أن لحم الخنزير حرام !!!!!!
سبحان مغير الاحوال ! لقد تحول هذا الصديق الى مؤمن بقدرة قادر , بعد أن أقبل على فعل كل الموبقات ما ذكر منها في الكتب السماوية وما لم يذكر , فسبحان المعز المذل الذي قلب الاعمى الى بصير .
دمتم عل حب العراق …..