18 نوفمبر، 2024 1:42 ص
Search
Close this search box.

قصتي مع ايران (3) 

ما لمسته في سوريا عن التحالف مع ايران هو ان هذا التحالف كان استراتيجيا بحق اندفعت اليه سوريا كونها جارة ابدية لاسرائيل وتركيا ، وأردن وادي عربة ، وخليج الامريكان ، ومصر كامب ديفد والمغرب العربي الغائب ، اما علاقاتها مع العراق فتتلخص في حالة غريبة . على علماء الاجتماع وعلماء النفس ان يفسروها ، وهي لماذا كلما انشقت جماعة عن حزب ما في دول العالم الثالث يصبحان اشد عداوة لبعضهما من عدوهم الرئيسي ( بعث العراق وسوريا ، التيار الصدري والعصائب، الدعوة والفضيلة ) ، بل لماذا عادة ما يكون الطرفان احدهما يدعي الشرعية وغيره لا يمتلكها ، وليس لا يمتلكها فقط بل هو بالتأكيد خائن وعميل، فضلا عن انه بالامكان توحيد الملائكة والشياطين ..اما توحيد شطري حزب فهو من باب الاستحالة المطلقة .
مشكلتنا اننا عندما نرفض امرا نرفضه برمته وعندما نقبله نقبله برمته ولا نفكك المسائل ونعيد ترتيبها ، ونظرية المؤامرة تعطينا عادة حلولا جاهزة ومريحة …قال الملك عبداللة (الهلال الشيعي) وهو الاقرب الى نظرية المؤامرة ، والاسهل تحليلا للتحالف السوري الايراني …       لا نسأل كيف تكون سوريا السنية في غالبيتها والشيعة فيها اقل من مسيحييها بكثير جزءا من هلال شيعي ؟؟يجيبوك ان الحكم علوي وهم لا يعلمون ان العلويين اقرب الى السنة من الشيعة…ناقشت احد السنة يوما وللتاكيد قلت له الا ترى ان الاسد يضع يمينه على يساره عندما يصلي ..يجيبك  -لانه لا يريد ان يرفض نظرية الهلال الشيعي الذهبية – بانه رآه مرة يسبل يديه وبعد ذلك وضع يمينه على يساره ..اجبته هل تريده ان يدخل الجامع مكتوف اليدين لتصدق ذلك ؟؟ اقول هذا وانا لا يهمني بالمطلق كيف يصلي الانسان وكيف يزور او يتعبد كون ذلك برمته موضوع مباشر بين الرب وعبده وعلى حد علمي انه تعالى لم يعين وكيلا له او وسيطا  بينه وبين عباده ، وهو جل جلاه لم يقل ان الدين عند (الدولة) الاسلام بل ان الدين عند الله الاسلام الذي يهمني ان تكون تلك المسائل خارج اطار الدولة والسياسة لأن الدول لا يجوز لها ان تتدين..انه حق للافراد والجماعات ولكنه ليس من حقوق الدول الا اذا وجد دين لا مذاهب فيه وكان اتباع هذا الدين يشكلون نسبة 100% من السكان ..
ما هكذا تورد يا اهل العراق الابل..السياسة مصالح متبادلة وليست مذاهب واديان ولم تتحالف اوربا كونها بروتستانتية او كاثوليكية ولم يتحالف س مع ص لكونهما شيعة او سنة فالاديان والمذاهب هي على مر التاريخ الحديث والمعاصر ليست الا اغطية لطموحات قومية امبراطورية ، فالشاه اسماعيل الصفوي عندما شن حملة التشيع بالقوة وغيرها كان يريد حماية بلده من التهديد العثماني الذي كان يكتسح البلدان باسم الدين ..وعندما انتهى عصر الرسالة وجائت الدولة الاموية وبعدها العباسية البراغماثيتان لم يكن تمددهما بدافع نشر الاسلام الذي نسميه (فتوحات) بل كانت طموحات قومية مستجيبة لغريزة الهيمنة توظف عادة لخدمة فرد ، او فرد وعائلته (آل هبسبورك،آل بوربون، آل سعود جماعة ولي ولي العهد..آلخ ) وغيرهم الكثير .
دعوني اتفق مع نظرية الهلال الشيعي والتي تنظوي تحتها فرضية الانبطاح السوري امام ايران وبنفس الوقت اسمحو لي بطرح بعض المعطيات التي تدحض النظرية وفرضيتها ، وأذكر كيف ان السيد المالكي المعروفة علاقته مع ايران وصل الامر بينه وبين الرئيس الاسد الى طلب محاكمته دوليا كداعم للارهاب ، وكيف ان كل عملية ارهابية تحصل داخل العراق تتهم بها سوريا…المعطيات التي تدحض هذه الرؤية كثيرة ايها الاخوات والاخوة ولا يتسع المجال لذكرها كلها ، ومنها ان سوريا حرضت كل القوى المناهضة للاحتلال في سوريا وقدمت لهم وسائط النقل والتنسيق المستمر للقيام بتظاهرة عارمة ضد الاتفاقية الامريكية العراقية ، ورغم كل الحث والاستعدادات والدعم كان عدد المتظاهرين مخجلا مما يجعلك تتلمس القدرة الحقيقية لقادة تلك القوى في التأثير بالجماهير العراقية هناك …بعدها جائت الانتخابات ووقفت سوريا بكل قوتها لدعم القائمة العراقية المرفوضة بالمطلق من لدن ايران ، ولا يمكنني ان اطرح كل ما قدمته سوريا بل اذكر منها انها حاولت افشال خطة السلطة العراقية بوضع المراكز الانتخابية في اماكن بعيدة عن جماهير العراقية فقامت سوريا بتهيئة وسائط النقل المجانية من حلب مثلا الى السيدة زينب بدمشق ،فضلا عن الدعم الاعلامي والمادي وغيره ، وقيام الاسد بأرسال مبعوث شخصي الى ايران لرفع الاجتثاث عن بعض رموز القائمة كون القطيعة كانت قائمة مع النظام في العراق ونجح في ذلك …الا ان الجالية العراقية في سوريا وقياداتها المفترضة فشلت فشلا ذريعا وكان كل المقترعين للقائمة العراقية وغيرها 37 الفا فقط من مجموع ما لا يقل عن 700 الف ناخب ، ويمكننا تصور كيف جمع فلان وفلان كل تلك الاصوات بل ان السيد المالكي جمع اكثر من هذا العدد في ابوغريب التي كانت غارقة بالفيضان ليلة الاقتراع ، وهي نفس الليلة التي جائت فيها قوة عسكرية ورفعت صناديق الاقتراع الفارغة من مسشفى ابو غريب ، كما وان ذلك يعطيك دليلا على (دقة) الارقام المعلنة عن المصوتين على الدستور ..ولمن لم يصب بالمرض العراقي المعروف (الزهايمر) اقول ان العدد كان 8000000 فقط لا غير.
المختصر في كل ذلك ان سوريا شعبا وحكومة هي سوريا العروبة ، وهي لم تعلن تشيعها ولا تسننها يوما كما تشيعت السلطة في العراق ، وتسننت القوى السنية فيه رغم انها جزء من المشهد السياسي وليس من السلطة كما قد يتصور البعض ، وهذه القوى لم تتمكن يوما من تقديم اي شيء لجماهيرها المفترضة بل انها قدمت خدمة جليلة للسلطة لأن وجودها وتمسكها بكراسيها المليئة بالمسامير ولولاهم لم تمكن السيد ابراهيم الجعفري ان يصف الحكومة بانها حكومة ملائكية
النقطة الاخيرة والاكثر اهمية هي ان الدستور الايراني ينص في المادة 12 منه على ((الدين الرسمي لايران هو الاسلام والمذهب الجعفري الاثني عشري ، وهذه المادة غير قابلة للتغيير الى الابد)) وفي مكان آخر يمنع تقديم اي مقترح بهذا الخصوص ..بينما يشير الدستور السوري الجديد في مادته الثامنة الى (( لا يجوز مباشرة اي نشاط سياسي ، او قيام احزاب او تجمعات سياسية على اساس ديني او طائفي)) وهذا يعني اجتثاث واضح للاحزاب الاسلامية برمتها والتي هي طائفية برمتها (بالضرورة) …اما المادة الاولى فتقول (( الجمهورية (العربية) السورية دولة ديمقراطية وهي جزء من (الوطن) العربي والشعب في سوريا جزء من الامة العربية)) ولنلاحظ ان القواعد الفكرية والدستورية متناقضة الى ابعد الحدود في ايران وسوريا ، وعلينا ان لا ننسى ان سوريا هي سوريا البعث ( الكافر) بالنسبة لايران ، وأن البعث (السوري) الذي سبق له ان قاد المعارضة وآواها ضد النظام في العراق لا زال مجتثا في العراق رغم انف الدستور وبرضى ايراني تام .
وللحديث بقية[email protected]

أحدث المقالات