18 ديسمبر، 2024 9:15 م

قصة وطن.. الحلقة الرابعة: (الفيضانات في عراق العهد العثماني)

قصة وطن.. الحلقة الرابعة: (الفيضانات في عراق العهد العثماني)

ابتلى العراق بالفيضان.. وفي مدد متقاربة كوباء يخيف العراقيين.. فلا سدود.. ولا خزانات لمياه الأمطار.. ولا مشاريع ري.. ولا كري الأنهار والروافد.. علاوة على مشكلة الرواسب (طمي الأنهار).. التي كثيراً ما ترتفع في بعض الترع والجداول.. وتؤدي إلى إغلاقها وبالتالي انحسار الماء عن قرى ومزارع آهله بالسكان.. فيضطر أهلها إلى الهجرة وترك الزراعة.. وبالرغم من الزراعة شكلت العمود الفقري للاقتصاد العراقي.. كانت زراعة بدائية.. تعتمد على الآلات الزراعية البدائية (الكرك والمنجل).. وكانت القبائل بقيادة شيوخها هي التي تقوم بالزراعة..وكانت مهمة الولاة العثمانيون هي جباية الضريبة عن المحصول الزراعي.. أو ما يسمى ب(الخراج)..
مشاريع أروائية متواضعة:
ـ ظلت هذه الحالة المزرية حتى ثلاثينيات القرن التاسع عشر.. عندما حاول داود باشا آخر ولاة المماليك في بغداد.. الاستفادة من إحياء من بعض المشاريع الأروائية المتواضعة.. أهمها:
ـ نهر عيسى: الواقع غرب بغداد.. ونهر النيل.. ومشروع رفع المياه من نهر دجلة.. حيث أنجزت العمل خلال عامي 1826و1827..
ـ وقام والي بغداد محمد رشيد الكوزلكي بفتح :
ـ نهر الهارونية والمشيرة بالقرب من مدينة المقدادية.. وكري عدد من الأنهر والقنوات..
منها: نهر الدجيل في منطقة بلد التابعة لقضاء سامراء..
ـ وبالرغم من هذه المشاريع.. لكن لم يتم بناء سدود وخزانات لمياه الأمطار.. والانتفاع منها وقت الحاجة بدل أضرارها وقت الفيضان.. لقد أدت الفيضانات المتكررة الى زيادة الأراضي المالحة.. وانخفضت نسبة الأراضي الى واحد الى عشرة من مجموع الأراضي الصالحة للأعمال الزراعية..
ـ وكانت نتائج هذه الفيضانات كارثيه على حياة العراقيين.. وتسببت بخسائر بشرية ومادية كبيرة.. فضلاً عن تفشي ألأمراض بين السكان.. وغرق الأراضي الزراعية وشحة المحاصيل الزراعية.. وبالتالي غلاء معيشة الناس..
أهم الفيضانات..
ـ حدثت خلال ذلك العهد العثماني فيضانات كثيرة في العراق.. إلا إن أهمها:
1ـ فيضان العام 1701.. في نهر الفرات.. وسبب أضراراً جسيمة.. منها:
ـ موت أعداد كبيرة من الناس..
ـ إتلاف المحاصيل الزراعية والبساتين..
ـ توقف حركة التجارة والتنقل.. خاصة النقل والمواصلات النهرية..
ـ انقطاع الطرق ما بين المحافظات.. خاصة بين ألانبار والسماوة..
ـ انتشار الأمراض الوبائية..
ـ وعلى أثر هذه ألأضرار الجسيمة.. قام الوزير سليمان باشا (1779ـ 1802).. ببناء سد على شكل سور.. يقع في جانب الكرخ.. استخدم لدرء الفيضان.. كما استخدم للأغراض العسكرية..
2ـ فيضان العام 1881:
ـ يعد من أخطر الفيضانات التي حصلت في ذلك العهد.. إذ صاحبه موجات من الكوارث والنكبات..
ـ فقد تسبب بغرق جزء كبير من بغداد..
ـ وانتشار وباء الطاعون.. الذي أدى موت خمسة عشر ألف شخص..
ـ وموت وهلاك أعداد كبيرة من الحيوانات والدواب..
ـ وتهدمت حوالي عشرة آلاف بيت في بغداد فقط..
ـ وتهدمت جراء هذا الفيضان السدود..
ـ فضلاً عن اضطراب ألأوضاع الاجتماعية في البلد.. كانتشار السرقة بين الناس..
ـ وسجل أحد الرحالة عند دخولهم الى بغداد.. كيف إن مياه هذا الفيضان.. كانت تضرب الحيطان.. وتجرف أجساد الموتى.. وصارت الزوارق هي وسيلة التنقل..
ـ بعد يومين انخفض مستوى الماء.. والفيضان عن المدينة..
3ـ فيضان بغداد العام 1907:
ـ في أواخر شهر آذار العام 1907 حدث في بغداد فيضان هائل.. لم تشهد له بغداد مثيلاً منذ زمن بعيد..
ـ وأسميً بعام الفيضان.. غرقت كل بغداد.. وضاع كل شيْ.. وعاد المواطنون ع الحديدة..
ـ دمرً الفيضان كل بيوتهم الطين.. وخرب البيوت الأخرى.. وألتفً أثاثهم وأغطيتهم وكل شيْ..
ـ وانتشرت الأمراض والأوبئة..
ـ وماتت إعداد كبيرة من البشر.. أو بسب الأوبئة التي كانت نتيجة هذا الفيضان..
ـ وهلكت جميع الدواب والحيوانات الأخرى..
ـ ولا معين لبغداد إلا الله..
4ـ فيضان العام 1914:
ـ في منتصف ليل 29 تشرين الثاني العام 1914إجتاح بغداد فيضان مدمر في نهر دجلة..
ـ وكانت الحكومة المحلية في المدينة قد تلقت قبل حدوث الفيضان برقيات من الموصل بسقوط أمطار غزيرة تهدد بفيضان خطير.. غير إنها لم تعر أي اهتمام لهذه البرقيات الواردة إليها..
ـ أدى الفيضان الى غرق جانب الرصافة.. واستمر الفيضان ثلاثة أيام..
ـ وتهدم نتيجته ما يقارب 2000 دار.. ودمار محلات مدينة بغداد.. وقسم من بيوتها..
ـ على أثر ذلك تم عزل عزت بك الفارسي رئيس بلدية الرصافة.. وتعين رؤوف بك الجادرجي رئيساً لبلدية الرصافة والوكالة..
جسور بغداد:
خلال أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين تم إقامة ثلاثة جسور في بغداد..هي:
1ـ جسر قراره (كراره): تم افتتاحه في أيام الوالي مصطفى عاصم باشا في العام 1889..
2ـ جسر الخر أو المسعودي: تم افتتاحه العام 1897.. وقد سميً بالجسر ألحميدي.. لكن الناس أطلقوا عليه تسمية جسر الخر.. الذي تحول اسمه أخيراً الى (جسر الخير)..
3ـ جسر بغداد: وقد أمر بتشييده الوالي نامق باشا (الصغير) العام 1902..
وطبيعياً كانت جسور بغداد الثلاثة مكون من عوامات خشبية.. وكانت أول الغارقين.. وآخر المنتشلين..
ـ وبعد نقول: إذا كان أهالي الموصل وبغداد والبصرة في العهد العثماني يموت الآلاف منهم بسبب الفيضانات.. والطاعون والجدري والكوليرا..
ـ فإن الموت في العراق الملكي.. استمر من جراء الفيضان.. ومن جراء الأمراض.. لكن بشكل أخف.. لانتشار المدارس.. والنظافة.. والمستشفيات والأطباء..
ـ أما الموت في العهد الجمهوري الأول (1958 ـ 1963).. فقد تضاعف بشكل بير.. فكان بمئات الآلاف.. ولأسباب تافهة هي اختلاف الأحزاب والأيديولوجيات.. التي كانت تتقاتل بغباء..(هذا رجعي.. هذا عفلقي.. هذا شيوعي).. وشهية العسكريين رفاق عبد الكريم قاسم في تدبير الانقلابات العسكرية عليه..
ـ أما في عهد البعث الأول شباط 1963.. فأصبح العراق بركة دم.. ويتباهى أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة إنهم قتلوا800 ضابط في اليوم الأول لإنقلابهم.. يشكون بأنهم شيوعيون وقاسميون..
ـ أما في عهد البكر ـ صدام فأن الموت تنوع وتفننت أدواته:
بالتعذيب.. والتصفية الجسدية للمعارضة والمنافسين..
بالحروب الداخلية والخارجية التي حصدت شباب العراق..
أو بقتل أكراد العراق بالحروب المستمرة.. وبالنابالم.. والكيمياوي..
أو بالموت ألبطيء بالحصار الاقتصادي..
أو بسحق انتفاضتي عرب وأكراد العراق.. العام 1991..
أم بالحروب (الحرب مع إيران.. وغزو الكويت.. والتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل)..
ـ أما خلال الاحتلال الأمريكي.. فالقتل بالجملة تحت يافطة (ارهابيون).. فكان لكل عراقي قصة في الموت في كل العهود..
ـ أما في عهد العملية السياسية التي مازالت قائمة: فتعددت الأسباب الى 100 سبب.. والموت واحد.. وقد يكون القتل بلا سبب.. الك الله يا عراق..
(ملاحظة): قصة وطن.. الحلقة الخامسة: (الانقلاب في إسطنبول.. والفوضى في بغداد) ..