18 ديسمبر، 2024 5:56 م

قصة مفتاح جدّتي والحقّ السّليب

قصة مفتاح جدّتي والحقّ السّليب

صدرت عام 2021 عن دار أ. الهدى ع.زحالقة قصّة الأطفال”مفتاح جدّتي” للكاتبة الفلسطينيّة د.روز اليوسف شعبان، وتقع القصّة التي رافقتها رسومات مريم الرفاعي في 26 صفحة.

موضوع القصّة:

تدور أحداث القصّة حول الحفيدة “رنا” التي انتبهت لمفتاح خزانة جدّتها الذي تعلّقه في جديلة شعرها، فيثير فضولها وتحاول أن تعرف ما يوجد في خزانة الجدّة دون جدوى، وعندما استطاعت انتزاع المفتاح من جديلة الجدّة وهي نائمة، لم تفتح الخزانة لأنّها شعرت بالخطأ الذي ارتكبته وأعادت المفتاح إلى جديلة جدّتها. وبقيت تستمع لأغاني جدّتها وحكاياتها الشّعبيّة، إلى أن وصلت بقناعاتها الشّخصيّة بعد أن حدّثتها جدّتها عن الأغراب الذين احتلوا بلدا، وشرّدوا أهله الذين ظلّوا يحتفظون بمفاتيح بيوتهم.

الأسلوب:

أسلوب الكاتبة سرديّ انسيابيّ مشوّق، وقد جاء في السّرد أكثر من قضيّة تربويّة وتعليميّة بطريقة غير مباشرة، وتحفّز الطفل القارئ على التّساؤل والتّعلّم. ومن القيم التّربويّة والتّعليميّة التي وردت في القصّة وجود عناوين لحكايات شعبيّة حكتها الجدّة للحفيدة مثل:”قصّة الشّاطر حسن، جبينه ونصّ انصيص” ص 5، ويلاحظ في الصّفحة ذاتها كيف اعترفت الحفيدة بحبّ جدّتها وتدليلها لها.

– ورود أكلات شعبيّة كانت تعملها الجدّة لحفيدتها مثل: “الفطائر والحلويّات المحلّاة بالقطر، كالفطير الملولو المحشوّ بالسّمسم، ولقمة القاضي والقطايف المحشوّة بالجوز والجبن. ص 7.

– وإذا كانت الجدّة تطبخ وتعدّ الحلويات، فإنّ الفيدة كانت تساعدها “في تعشيب الأرض وقطف الثّمار عن أشجار البرتقال والخوخ والرّمّان.”ص7.

– عندما أخذت الحفيدة مفتاح خزانة الجدّة التي غفت من التّعب، لتفتحها وتنظر ما فيها، شعرت بالخطأ الذي ارتكبته، وأعادت المفتاح إلى جديلة الجدّة كما كان، وهنا تجلّت الحكمة في أسمى معانيها:” تذكّرت نصائح والدتي لي بعدم القيام بعمل في السّرّ ما دمت أخشى القيام به علانية، وهذا أيضا ما كانت تؤكّده معلّمتي في دروس الدّين والتربيّة.” ص11، وهذا تعريف لفعل الخطأ أو الحرام، وهو الذي يُعمل في السّرّ خوفا من عمله في العلن.

– تعليم الطّفل على الصّدق والابتعاد عن الكذب، لذا شاهدنا الحفيدة الطّفلة تصدق مع جدّتها عندما سألتها حول محاولتها أخذ المفتاح فأجابت:” نعم يا جدّتي، لكنّي تراجعت، سامحيني، لن أفعل ما يغضبك أو يغضب أمّي أو ربيّ.”ص 13.

– ونلاحظ أيضا تعليم الطّفل فضيلة الإعتذار عن الخطأ، حيث طلبت الحفيدة السّماح من جدّتها.

– استعمال الجدّة للأغاني والأهازيج الشّعبيّة، وهذه دعوة غير مباشرة لحفظ التّراث الشّعبيّ.لاحظ الأغاني ص 21 و22.

– انتهت القصّة بمعرفة الحفيدة الطّفلة عمّن شرّدوا من ديارهم تاركين أملاكهم خلفهم، واحتفظوا بمفاتيح بيوتهم وهم على قناعة بحقّهم في العودة إليها.

أعجبني

أعجبني في القصّة أنّ الكاتبة سردتها بسلاسة، وأوصلت أهدافها بسلاسة أيضا بطريقة بعديدة عن المباشرة والوعظ؛ لتثير تساؤلات الأطفال حولها، كما أوصلت للأطفال نكبة الشّعب الفلسطيني وتشريده من دياره دون أن تأتي على ذكر النّكبة والمجازر والمذابح التي رافقتها، وهذا هو الإبداع.

هفوات في القصّة

هناك هفوات لغويّة لا تخفى على الكاتبة لو انتبهت قليلا لها، ومن هذه الهفوات: ما ورد في الصفحة 5 حول”قصص الشّاطر حسن وجبينه ونص نصيص”، فهذه حكايات شعبيّة وليست قصصا. ومنها الأغاني الشّعبيّة التي وردت في الصّفحتين 21و22، ووصفت بأنّها أناشيد، والصّحيح أنّها أغاني شعبيّة. وهناك ما أعتبره خطأ في كتابة الفعل الماضي المتّصل بفاعله تاء المتكلّم، وبضمير المفعول به للمفرد الغائب، فمثلا مع أنّه ورد في كل شطر بالأغنية:

” يا زرع قطفتو والنّدى عليه

يا سامي ندهتو واسم الله عليه

فلماذا كتبت الكاتبة “قطفتو” و”ندهتو”، ولِمَ لَمْ تكتبها “قطفته” و”ندهته”، وهكذا في بقيّة الأفعال المشابهة التي وردت في بقيّة الأغنية.

الرّسومات والأخراج:

الرسّومات التي أبدعتها الفنّانة مريم الرّفاعي، جميلة وتناسب موضوع القصّة، وكذلك مونتاج وإخراج القصّة.

ومذا بعد؟

تبقى هذه القصّة جميلة وغاية في الإبداع، وتشكّل غضافة نوعيّة لأدب الأطفال العربيّ.