قصة قصيرة – الوجه الآخر للنص

قصة قصيرة – الوجه الآخر للنص

يعتصر داخله ألمٌ، حدّق في الصور أمامه بتمعّن، كان كل إطار يحمل قصةً من قصص النسيان. أمسك العصا التي يتوكأ عليها، وشعر أن نُحول جسده قد تجاوز عمره، رغم أنه لم يبلغ الخامسة والثلاثين. دوره كرجلٍ مسنٍّ في المسرحية جعله يتقمص الشخصية بعمق، التفت يمينًا مستعينًا بقدميه الثابتتين دون حراك، محدثًا الجدار وكأن جمهورًا غفيرًا أمامه، ثم عاد ليواجه الجمهور. كلمة نطق بها كانت كصرخة من أعماق روحه، تعكس معاناته الحقيقية.

تاه في الشخصية، وبدأ يرتدي ثقل السنوات على كاهله، كأنه يلبس عباءة الزمن. في لحظةٍ ما، أدرك أن التمثيل ليس مجرد أدوار، بل هو تجسيد للألم والأمل، فكل لحظةٍ على خشبة المسرح كانت تعكس قصته الحقيقية، وكل نظرة من الجمهور كانت مرآةً تعكس صراعه الداخلي.

تعالى تصفيق الجمهور، وكان بمثابة صدى لروحٍ تسكن في كلٍ منهم، لامس داخلهم جميعًا، وشاركوه في تلك المعاناة. شعر بشعورٍ غريب، كأنه لم يعد وحده، بل أصبح جزءًا من تلك الأرواح التي تتوق للفهم وتلمس عمق الإنسان داخله.

عندما انطفأت الأضواء، لم يكن مجرد ممثلٍ، بل كان رسولًا يحمل أوجاع الآخرين، ينقلها على أجنحة الكلمات، ليُعيد للأمل معنى في عالمٍ يعجّ بالظلام.