17 نوفمبر، 2024 9:53 م
Search
Close this search box.

قصة طبيب عراقي

عاهدت نفسي بأن لااذهب لأي عيادة طبيب أبداُ بسبب جهل الكثيرمنهم بالطب الحديث وقلة خبرتهم ولامبالاتهم بالمرضى والاخطاء التي يرتكبوها في التشخيص والعلاج وكثير منها أخطاء قاتله فضلاُ عن اخطائهم الجسيمة والمعروفه في اجراء العمليات التي سببت امراضاُ مزمنة أو موتا للمرضى, ولكني أضطررت أن اصطحب ابني الصغير لمختص بسبب حالته المفاجأة ولكن بعد التحري وسؤال الكثير من المعارف أخيرا نصحوني بأحدهم في مدينة البصرة. واليكم ماجرى:

لي طفل عمره اقل من سنتين تعرض للاغماء مرتين بعد ان سقط على راسه جراء اللعب، فقررت ان استعين بطبيب متخصص للكشف عن اسباب الاغماء، فتوجهنا الى عيادة الطبيب المختص بالاعصاب المعروف شعبياُ ب (الجملة العصبية) مازن العوض في مدينة البصرة, دخلت عليه بعد انتظار طويل ومعاناة مع الحر وعدم وجود قاعة انتظار مكيفة يزدحم فيها أكثر من ستين شخص الكثير منهم كان ينتظر ساعات خارج العيادة على الرصيف قبل وقت فتح العيادة، كان في مكتبه (غرفته) اكثر من سبعة اشخاص، نساء ورجال واطفال منهم من يحاول ان يسأله عن الدواء ومنهم من يلح عليه لمعرفة نتيجة تخطيط الاعصاب ا ومنهم من يتوسل اليه ان يسمعه، الخ , دخلت مع زوجتي وابني وهو في وسط هذه الفوضى، واحترت كيف يمكننني ان اكلمه سيما وان الحاله تستدعي وقتا وهدوءا لشرحها له، ولكني بادرت على اية حال ورفعت صوتي كما يفعل الاخرون واخبرته بما جرى على الطفل, فقال وبدون تردد اذهب وقم باجراء تخطيط للدماغ، هذا كل شيء انتهت الزياره في غضون خمسة ثوان، لم يتحدث بكلمه واحده اخرى ولم يسالني عن اي شيء اخر ولم يطلب مني الجلوس ولم يفحص الطفل، كانت اسرع زيارة طبيب في حياتي ولكني قلت في نفسي سنعود وسيشرح لنا كل شيء.

وبعد معاناة طويله اخرى مع مختبر تخطيط الدماغ في العشار للدكتورة شيماء جاسم التي كتبت على لوحتها بانها حاصله على PHDفي تخصص الاعصاب والبورد ايضا, قضينا هناك ماقارب ال 3 ساعات في عيادتها التي هي عباره عن بيت قديم وصغير اشبه مايكون الى القبو منه الى عيادة طبية, يزدحم فيها اكثر من خمسين مريضاُ دون وجود للتكييف طبعا، يقوم بأستقبال المراجعين موظف سألني عن سبب قدومي وحالتي وكأنه هو الطبيب ثم ناولني قصاصه صغيره مطبوع فيها كلمتان وقبل ان اسأله عنها بادرني بقوله: اذهب واجلبها من الصيدليه ودع الطفل يشرب المحلول لينام فقلت: ينام؟ لماذا؟ واماذا بعد ذلك؟ قال الله كريم بعدها! فقلت ماذا تعني الله كريم؟ فرد علي عندما ينام سادخلك لاجراء التخطيط الدماغي عليه، لم اسمع من قبل بان تخطيط الدماغ يحتاج الى تخدير كامل، ولكني قلت في نفسي لايمكنني ان اجادله فأنا غير متخصص في تخطيط الدماغ، وبعد ان اجبرت الطفل على تناول المشروب المنوم اللاذع والقوي بصعوبه نام من فوره فأدركت حينها اني ارتكبت خطاءُ بفعل ذلك، على اية حال, اخبرت الموظف بنومه ولكنه كان منشغلا بهاتفه وبالمراجعين الجدد، قضينا اكثر ساعتين هناك نتراوح بحمل الطفل بيني وبين زوجتي التي عياها الاعتناء بابتنا الصغيره الاخرى التي لايتجاوز عمرها الثمان اشهر، ثم سمح لنا بالدخول، أدخلني في غرفه صغيره جداُ لاتتجاوز مساحتها المترين المربعين فيها شاب طلب مني ان اجلس على كرسي صغير والطفل في حضني حيث ليس هناك في عيادة الدكتورة صاحبة البورد وال PHD اي شيء اخر فلا أريكه (سديه) ينام عليها المريض ولا سرير ولا حتى طاولة. وبعد ان قام بربط المجسات الكهربائية على رأسه طلب مني ان أستدير بوجهي عكس الجهاز لكي لا تؤثر اشعة الجهاز على دماغي حسب زعمه!!! وكأن الاشعة لاتؤثر على جسمي اذا كان وجهي عكس واجهة الجهاز!!

وبعد مرور اكثر ٤٥ دقيقة انتهت عملية الفحص خرجنا ولكن كان علينا الانتظار اكثر من ساعة لاستلام نتيجة الفحص والعوده بها الى الطبيب المختص مازن العوض، استلمت التقرير والذي كلفني ٣٥ الف دينار وثلاث ساعات انتظار في القبو/العيادة التي لم فيها نرى السيدة الدكتوره ابدا سوى الشاب المذكور الذي قيل لي أنه غير متخصص ومؤهله الوحيد هو أنه أحد أقارب الدكتورة!!

راودني شك كبير بعمله الغير مهني وبصحة التخطيط, ولكن على أية حال عدنا مجدداُ الى عيادة مازن العوض وكان الازدحام اشد من قبل، وبعد جهد كبير دخلنا عليه وكان في مكتبه الكثير من الجلبه الفوضى كما في السابق وهو يدير رأسه يمنيا ويسارا لكل شخص يكلمه وينطق بكلمات قليله جدا وبصوت خافت وعلى وجهه علامات اللامبالاة وعدم الاكتراث لهم، تناول التقرير من يدي وقرأه بسرعه ثم كتب على قصاصه العلاج شيئاُ وقال اجلبه لي من الصيديلية تلك وأشار الى صيدلية قريبة!! ، حاولت ان أعرف أكثر عن مرض أبني ولكن الضوضاء كانت تملأ المكان فيما هو يجيب المراجعين المندفعين بأقتضاب وبرود عجيب، كان المنظر اشبه بروضة اطفال يتصايح فيها الصغار ومربية الاطفال لاتكترث لأمرهم.

توجهت الى الصيدليه لجلب الدواء ثم عدت الى مكتبه بعد عناء، فشرع يصف لي كيفية استخدام العلاج للطفل ، دون ان يشخص لنا نوع مرضه فاستغربت كثيرا من ذلك وسألته وما مشكلة الطفل فرد باقتضاب وعدم اكتراث فائلاُ (صرع جزئي)، فاذهلتنا كلماته، وكادت امه ان تقع من هول المفاجاة، سألت ماسبب ذلك وكيف حدث هذا الخ لكنه تجاهلني وقال بملل استعمل العلاج دون توقف! ماذا تعني دون توقف؟ قال: نعم ولاتتوقف حتى تعود لي، وكررها ثلاث (عد لي) حاولنا ان نعرف منه اكثر لكنه تجاهلنا وانشغل بالاخرين.

كانت تلك اغرب زياره اقوم بها لاي طبيب في حياتي، وكان هو اغرب طبيب اراه. وعندما قرأت فيما بعد التقرير المرفق مع تخطيط الدماغ أندهشت لعدم ذكر (صرع جزئي) في التقرير, كما أن اعراض الصرع الجزئي تختلف تماماُ عن حالة الطفل التي تذكرها المواقع الطبيةالمتخصصة الانجليزية والعربية.

ندمنا كثيرا على زيارته وعلى هدر الوقت و الجهد والمال وعلى أستخفافه بالناس وعدم أحترامه لمشاعر المرضى, ولأننا لم نثق بكلامه ولا تشخيصه ولم نعتقد بصحة تقرير المختبر, قررنا السفر الى دولة اخرى للتاكد من حالته.
[email protected]

أحدث المقالات