(حزيران يونيو 1246 ) حبس مريدو جلال الدين الرومي انفاسهم ليمر على خير عرض رقصة صوفية أسمها سما او (الدراويش) والتي سيقدمها أستاذهم بنفسه مع ستة من الدراويش امام سكان مدينة قونية بحضور ملكهم كاي خسرو. يحصل ذلك وقدغيرت الناس من نظرتها للرومي الزاهد، العابد، العالم، الفقيه المفوه بسبب تغيرطباعه وسلوكه بعد مصاحبته لدرويش اسمه شمس التبريزي والذي كان يحث الرومي باستمرار على التخلص من الكثير من العادات والتقاليد التي لم يكن يرى فيها بحسب المدرسة الصوفية سوى امراض اجتماعية وتضخم انويات (جمع أنا ) ليس لها من الدين شيء وتحول دون الارتباط المباشربالمعشوق (الله ) فمثلاً كيف يدخل الرومي الى حانة ويجالس سلمان السكران ؟وكيف يستقبل في بيته عاهرة اسمها وردة الصحراء حتى وان هربت من بيت البغاء تائبة ؟
واليوم يرقص ؟
تقدم الرومي وخلفه ستة من الدراويش ودار حول نفسه ويديه ممدودتان الى الجانبين كانهما جناحان وكف الى الاعلى حيث السماء والاخرى الى الاسفل نحو الارض فكل نقطة حب ننالها من الله نتعهد بتوزيعها على الناس جميعاً.قال الرومي منهياً رقصته .نال العرض رضى الحضور وشعر الجميع بشيء من الراحة بعد هذا التفاعل الذي أبداه الناس وتغيير نظرتهم لشمس التبريزي .تقدم الملك كاي خسرو تجاه المنصة ووقف مزهوا وبغطرسة وكبرياء وبعجرفة شديدة أطلق ضحكة عالية وقال ” أهنئكم ايها الدراويش ، لقد اعجبتني رقصتكم كثيراً”شكره الرومي بلطف شديد ،ألتفت الملك الى احد حراسه الذي ناوله كيسا مخمليا مليء بالنقود الذهبية والقى به الى المنصة حينها صفق الجميع متأثرين بكرم الحاكم .ما ان خطا الملك خطوات باتجاه الباب مزهوا واثقا حتى تناثرت النقود الذهبية تحت قدميه ! أنه شمس التبريزي وقد رمى الكيس على الملك قائلا :لانرقص من اجل المال ، سما رقصة روحية من اجل الحب ، الحب وحده ، خذ نقودك جلالة الملك فهي لاتنفع هنا .
ان هذا الاقتباس من رواية حياة جلال الدين الرومي يبين مدى التفرد والحياة الموحشة التي كان فيها رجل يتصرف منفردا وحيدا خلافا لكل ما كان سائدا وقت ذاك ولكنه لم ييأس ولم يتراجع وخلده التاريخ فيما نسى الاخرين .
التاريخ سيتحدث مستقبلا عن الكثير من الرجال في ايامنا هذه ولعل العمل الذي انجزه الزميل منتظر ناصر لحساب تحقيق صحفي استقصائي مع مجموعة مهمة من الصحفيين العالميين يعتبر نقطة مضيئة لجهة الاكثرية النزيهة في العراق والتي طغت عليها نقاط سوداء عدة نتمنى ان تزول كلها وذلك بعد ان بتنا كبلد نتصدر قوائم الفساد التي تصدرها المنظمات الدولية لتقيمات النزاهة والشفافية .وهنا لابد ان يكرم كل منا منتظر على طريقته الخاصة .
التكريم , لايعني ان يقف الزميل منتظر ناصر على منصة في قاعة مستأجرة بأموال دفعها حزب فاسد او في منصة قاعة كانت سابقاً مملوكة للدولة وسيطر عليها حزب فاسد وان يقدم له درعاً من (تنك ) او ورقة مطبوعة على عجل فيها من الاخطاء الاملائية ماشاء الله . لا، لايعنينا ذلك .
لانريد ، بل لانحتاج ان يصافح واحد من السياسيين الفاسدين الزميل منتظر ليقول له مبروك، كما لاننتظر ان تلتفت جهة معنية بالمهنة كنقابة الصحفيين لهذا المنجز الصحفي الناصع وتضع التجربة ومحتواها معياراً للاختبارات التي تجريها للمتقدمين للأنتماء كمتمرنين في المهنة , أبدا ، لايعنينا ذلك .
البعض سيقول: ان هيئة الاعلام والاتصالات جهة معنية بالمراقبة وستجد في ذلك بابا ابيضاً يقودها لسلم الصعود نحو تعزيز قيم الشفافية والنزاهة وتعزيز الثقة بالصحفي العراقي ومصادقا على التزامه بقيمه وشرف مهنته ولكن للاسف لم يحصل ذلك . مع ذلك لايعنينا ذلك .
هناك من كرم منتظرسريعاً فضيق عليه وطرده من وظيفته في شبكة الاعلام العراقي وهناك من كتب مقالا يشتم فيه منتظراً ويصفه بأنه داعشي وبعثي . أيضاً لايعنينا فؤلائك مثل بيبرس المحارب وعمه الدجال
أخرون ومن الزملاء تحديداً أشاحو بوجوههم بعيداً وبعضهم غضوا ابصارهم حياءً من احوالهم ووماألت أليه مصائرهم .أنا يامنتظر أرى ان أفضل من كرمك هي نفسك ، فقد انصفتك حين اخذتك الى الشغف بالقضية .
اراك شمساً الذي يسير منفردا خلاف ما يسير عليه الجميع .
مبروك ايها الزميل المشَرف .