7 أبريل، 2024 6:36 م
Search
Close this search box.

قصة الفساد في العراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

الفساد مستشري بشكل غريب في العراق وفي جميع مفاصل الدولة وسلطاتها (التنفيذية, والتشريعية, والقضائية) وقد وقع الكثير في مستنقعه واغرائه الذي يتم من خلال الاموال والسيارات ذات الالوان الفاقعة, فالذي يرى الاموال الطائلة والسيارات الجميلة  يصاب بالتخدير والذهول,
ولا يعرف الفساد في العراق كبيراً او صغيراً فاغلب الذين يعملون في الدولة ودوائرها مشتركون فيه, من الموظف الصغير الذي يأخذ الرشوة الى الكبير الذي يلهم مال الله وعباده , وقد استخدمت كثير من المصطلحات للتغطية عن هذه الجريمة وتبريرها, فسميت بأسماء تحللها, هدية , مساعدة , ريوگ، وماشابه ذلك, واكاد اجزم إن اكثر المشاكل ايذاء بالشعب العراقي هو الفساد, وقد كتب عنه الكثير, فمنهم من اشبع الموضوع وكتب عنه بشكل رائع ومنهم من كتب عنه ولم يشاهد بأم عينه بل يسمع من الناس فقط ولذلك لم يف بالغرض .. وقد قرأت مؤخراً كتاب صدر حديثاً للكاتب والسياسي موسى فرج الذي كان يشغل منصب مدير هيئة النزاهة في العراق, وكان عنوان الكتاب (قصة الفساد في العراق). من خلال هذا الكتاب تستطيع ان تتطلع على حجم الفساد في العراق بشكل واضح وجلي, خصوصاً وان كاتبه كان شاهداً ورأى مئات الجرائم بعينه… يتسم الكتاب باسلوب رائع وجذاب, فتارة تجد الاسلوب الاكاديمي, ومرة تجد الاسلوب الساخر, الذي تتجلى بكلماته كل معاني الحرقة والالم على الناس الفقره.. يطرح الكاتب قصة الفساد الذي نخر جسد المجتمع العراقي ويصفه مع الارهاب وجهان لعملة واحدة, ويجعله سبباً باكثر المصائب والاوضاع المزرية التي حلت بالشعب العراقي, فـغياب الخدمات وكثرة الجرائم وعدم وجود الامن والامان وتفشي الفقر وكثرة البطالة بسببه, كيف لا وهو يقول ان راتب رئيس وزراء العراق يعادل راتب الرئيس الصيني لمدة 16 سنة, وينقل الكاتب حادثة عن الرئيس الالماني كريستيان فوفلف .. انه اجبر على تقديم الاعتذار وطلب الصفح من الشعب فيتـساءل الكاتب..ماهي جريرته؟زوجة صديقه الثري حصلت له على قرض بفائدة مخفضه من بنك ليس حكومياً وانما يملكه زوجها الثري ليبني به الرئيس مسكنه.في حين ان الالماني العادي لا يحصل على قرض من ذلك البنك بفوائد مخفضه.وفي نفس الوقت رئيسنا العظيم اخذ مليوني دولار مصروف جيـب عند ايفاده لحضور اجتماع الامم المتحدة وعندما سأله واعترض عليه بعض المثقفين في امريكا بشكل مباشر او غير مباشر قائلين . هناك في نيويورك (كلمن قهوته من كيسو ) لو على حساب المنظمة الدولية؟ضحك مطولاً ورد عليهم  غير لجّه انتم العراقيين ..يابه هاكم خرده زادت بجيبي نص مليون دولار واسكتوا…إن من يقرأ الكتاب بتأن يجزم بأن الفساد لا ينتهي بسهولة في العراق وخصوصاً ان كبير القوم متميز بالفساد فـكيف بالتابعين ؟! او كما يستشهد الكاتب موسى فرج ببيت لاحد الشعراء : اذا كان رب البيت بالدف ناقراً . فشيمة اهل البيت كلهم الرقص …ان ملف الفساد في العراق شائك ومعقد فـيعرض الكاتب كل هذه التعقيدات التي واجهته اثناء مساره في مكافحة الفساد, وخصوصاً ان يداً واحدة لا تصفق, حيث تجد جل اصحاب المناصب مشتركين بالفساد والكل يحتفظ بملف ساعة العازة, اتذكر  اني سمعت رئيس الوزراء يقول (اننا لدينا ملفات ضخمة من يحرك ساكناً ضدنا نخرجها بوجهه ونسكته). ان هذه السياسة الفاسدة التي يتكلم الكاتب عنها من ضمن قصة الفساد في العراق حيث يقول: ينشر الغسيل الوسخ لهذه الحكومة , لكن سرعان ما يخفت ويخبو هذا الضجيج , ثم يندثر ويتوارى في طيات النسيان , بفعل التستر وكم الافواه ومبدأ الدولة الحديثة  الذي اتخذته منهجاً لممارستها النتنة في (شيلني وشيلك) (واسكت عني واسكت عنك) . ان هذا الاسلوب النتن كما يسميه موسى فرج عانى منه الشعب اشد معاناة حيث انه سيساعد الذي يحتفظ بـملف ان يعيث في العراق فساداً لانه لا يستطيع ابن امرأة ان يمسه بشعرة, لاسيما وإن الكل يخافون على منصبهم وسمعتهم… وكذلك يطرح الكاتب قضايا حساسة جداً ونستشعرها يومياً فـهو يتساءل عن المثقفين في العراق ويقول هل ان وضع المثقفين عندنا سليم ..لا..لماذا؟ لان الذي يسمم وعي الناس بالتطاحن الشيعي السني هذا ليس مثقفاً ..ثم يقول, المثقف لا يقر بغير المواطن هوية للعراق والمثقف هو النزيه والمواجه للفساد حقاً وليس رياء ..حيث يجعل الكاتب موقف المثقف ليس بحفظ النظريات والتشدق بقضايا تلوث فكر الناس, ولكن ينبغي على المثقف ان يكون شاهداً على وضع المجتمع الذي يدور حوله ومحارباً للفساد المتفشي في وطنه …ان كتاب قصة الفساد في العراق حقاً جدير بالاحترام وامنيتي ان يقرأه كل عراقي شريف حتى يرى المدعين للوطنية والدين, كيف ساعدوا بخراب هذا الوطن وقتل امال واحلام الناس المساكين او كما يقول موسى فرج حتى لا يفخر احفادهم بين احفادنا غداً ويقولون ان اباءنا كذا وكذا فأكيد ان هؤلاء الناس المساكين سيقفون بوجوههم ويقولون لهم هؤلاء اباؤكم وهذه ملفات فسادهم  ان مايجعلك تحب الكتاب وتتمسك به سهولة التعبير وحلاوة التلوين, وبسطاته البعيدة عن التزويق والزخرفة اللفظية..والقاء الضوء على الافة الخطيرة, وحث الغيورين وكل ابناء العراق الشرفاء على وأد الفساد الذي ارجعنا مئات الاعوام وجعلنا نتمنى ان نكون في مصاف الدول التي كانت تتمنى ان يكون لديها عشر مالدينا, وفي اعتقادي ان مهمة تنقية العراق من الفساد مهمة شاقة وطويلة وتتطلب جهود كثيرة وحازمة الا انها ليست مستحيلة مادام هناك مواطنون شرفاء من امثال موسى فرج قادرون على تسليط الاضواء عليها وحث الشعب على محاربتها فهذا الكتاب الذي ألفه موسى فرج سيكون نافذة الى عوالم الفساد في العراق لمن يريد الاستقصاء عن هذا المرض الذي أخذ الشعب العراقي الى الهاوية, وحقاً نقول ان كاتبه متميز بنباهة اجتماعية ووطنية قل نظيرها .. ونحن لم ننقل لكم كل القضايا التي تكلم عنها موسى فرج لأن الكتاب طويل جداً بـ 560 صفحة, من القطع الكبير ,فنقلنا المواضيع الحساسة التي تكلم عنها الكاتب ولو تكلمنا عن كل مفاصل الكتاب لطال المقام بنا,  واخيراً اقول ان الكتاب تناول في طياته مرضا عراقيا  عانينا منه اشد المعاناة فندعو الى قراءته كي يتسنى لنا مواجهة الفساد والاستفادة من تجارب الاخرين في محاربة هذا المرض المتفاقم. 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب