19 ديسمبر، 2024 2:44 ص

قصة السدود في العراق

قصة السدود في العراق

المدينة التي تعرفها انت

الواقعة على شاطئ الفرات

ان تلك المدينة قد تقادم العهد عليها

فرأى الآلهة العظام ان يحدثوا طوفاناً…….. .

وحتى الآلهة ذعروا وخافوا من عباب الطوفان.

( هذه المثلوجيا السومرية من ملحمة كلكامش حول الطوفان العظيم)

ثم يأتي الشاعر بدر شاكر السياب بعد اكثر من 5000 الاف سنة على الطوفان المذكور ليخط انشودة المطر الخالدة:

كأن اقواس السحاب تشرب الغيوم

وقطرة فقطرة تذوب في المطر

وكركر الاطفال في عرائش الكروم

ودغدغت صمت العصافير على الشجر

انشودة المطر..

مطر..

مطر..

مطر..

 

لمحة تاريخية عن الروافد وانهارالعراق

 

بذوبان الثلوج قبل حوالي 12 الف سنة مع انتهاء العصر الجليدي الاخير على الكرة الارضية, جرت المياه من المناطق العالية (تركيا وايران) ومن الجبال في شمال العراق الحالي الى المناطق الواطئة والسهلية في جنوب وادي الرافدين, لتلتقي هذه الروافد والانهر في جنوب العراق مشكلة شط العرب والتي تصب في الخليج.

فباعتدال الجو في اغلب انحاء الكرة الارضية ومنها وادي الرافدين بدأ الانسان بالخروج من الكهوف والجبال بأنشاء مستوطنات بشرية قبل حوالي 11 الف سنة ومزاولة الزراعة وتدجين الحيوانات, وتحولت فيما بعد الى حضارات ومدنيات معروفة في تاريخ المنطقة وتعتمد على الامطار و مياه الانهار للري والسقي والشرب.

ولكن مشكلة الانهار والروافد في العالم ومنها التي تجري في العراق هي عدم جريانها الانسيابي والمستقر على طول السنة وفي كل الازمنة , فتقل مناسيب المياه تبعا للفصول والسنوات , ففي السنوات التي تهطل الامطار والثلوج بكثرة في اواسط اناضول ومرتفعات ايران و العراق تهيج الانهار والروافد الجارية في العراق مشكلة فيضانا في الربيع او وفرة مائية , وفي السنوات التي تقل الامطار والثلوج في الاماكن الجغرافية المذكورة تأدي الى تراجع مناسيب المياه في الانهار والروافد التي تخترق العراق.

فكر الانسان قديما في خزن المياه الجارية لفترات الجفاف ولفصل الصيف بواسطة اقامة السدود.

والسد هو : بناء جدار في وادي او منخفض طبيعي او مصنوع لسد تدفق المياه لحجزها , لاستعمالها في وقت الحاجة.

ومن دلائل اهتمام العراقيين القدماء سكان وادي الرافدين الاوائل بالفيضانات والجفاف , اقتران كتابة السومريين لتاريخهم بحدوث فيضان عظيم. فكانت تاريخهم تنقسم الى قسمين , تاريخ واحداث قبل الفيضان وما بعد الفيضان . ويذكر التاريخ ايضا ان اقدم السدود المكتشفة في العراق هو سد نمرود الاشوري في شمال العراق.

وما الجنائن المعلقة احد عجائب الدنيا السبع الا نتاج بشري اعتمدت على مياه هذه الروافد الجارية في العراق.

كما ان التاريخ يذكر بوقوع سنوات جفاف ادت الى انخفاض مناسيب المياه في انهار العراق, منها ما يذكره حنا بطاطو بحادثة نزاع بين عشيرتين في الجنوب في العشرينات من القرن الماضي اثناء الاحتلال البريطاني بسبب شحة المياه في الانهر .

وكان للتغيير المناخي لارتفاع درجات الحرارة في العالم والانفجار السكاني والتوسع في البناء خلال العقود الاخيرة ,اضرار جسيمة ادت الى اختفاء اكثر من نصف المياه العذبة من سطح الكرة الارضية والى نقص حاد في المياه الصالحة في اماكن مختلفة من العالم, كما ان قذف النفايات والملوثات الصناعية الى الانهر ادت الى تلوث الكثير من انهار العالم ,

 

سدود العراق في العهد الحديث

 

لاتوجد لدينا ارشيف الدولة العثمانية لنعرف عن بناء السدود والمشاريع المائية في فترة قبل انشاء المملكة العراقية , ولكن يمكن معرفة بعض المعلومات عن طريق الجرائد التي كانت تصدر حينها.

اقدم بعض الولاة العثمانيين على اجراء اصلاحات ادارية وبناء طرقات وسدود وانشاء سكك حديدية .. الخ

فبدأت الاصلاحات في العراق بعد سنة 1830, بعد تبنى السلطان العثماني محمود الثاني مفهوم الدولة المركزية الحديثة بفعل تأثيرات النهضة الاوربية الحديثة على الشرق بعدما كان الحكم في ولايات التابعة للدولة العثمانية بيد الاسر والعشائر النافذة وبقيت كذلك في بعض الامصار الى نهاية الدولة العثمانية ,بدأت الاصلاحات بشكل متذبذب امتدت حتى الحرب العالمية الاولى باصلاحات ادارية وفتح الطرق وانشاء تراموي وسدود ترابية في اطراف بغداد للوقاية من الفيضانات , ووصلت ذروة اهتمام والي بغداد الى تسيير وسائط نقل حديثة متمثلة بالبواخر وانشاء سدود.

سدة الهندية

كانت سدة الهندية اول سد مائي معروف في تاريخ العراق الحديث وتم بناءه سنة 1836 على نهر الهندية بامر الوالي علي رضا باشا ومحمد نجيب باشا لتحويل بعض مياه نهر الهندية الى نهر الحلة التي شحت فيها المياه, الا ان السد تحطمت سنة 1851 وتم تجديد بناء السد مرة اخرى في سنة 1858 الا انها لم تصمد ايضا فحدثت فيها تصدعات ايضا , فقامت السلطات العثمانية باستقدام خبير سدود فرنسي حينها وهو المهندس شوندرفر , فتم بناء السد على نفقة وزارة الاشغال العثمانية , وافتتح السد سنة 1890 . وكان طول السد 1200 متر وارتفاعه 6 امتار وعرضه 100 متر , فعادت المياه الى نهر الحلة وانتعشت الزارعة والظروف المعيشية للسكان في تلك المنطقة.

ونتيجة الترسبات العالية وراء السدة لم تقاوم مدة طويلة واصيبت بعض اجزاءها , فتم صرف 174475 ليرة عثمانية حينها لاصلاح سد الهندية (حسب الصحف في تلك الفترة) , الا انها انهارت مرة اخرى في فيضانات عام 1903 .

وجدت السلطات حينها ان مشكلة المياه في العراق تتفاقم وتترتب عليها مشاكل اقتصادية واجتماعية فتم استقدام شركة استشارية في سنة 1908 برئاسة المهندس الانكليزي وليم كيلكوكس وبرفقة 12 مهندسا مع عدد من المساحين وبعد أن مكثت الشركة زهاء السنتين والنصف انجز خلالها التحريات الفنية اللازمة ,فقدم إلى وزارة الاشغال العامة تقريرا مفصلا حول كل المشاكل والحلول المتعلقة بالري والسدود في وادي الرافدين وارفق التقرير ب 84 خارطة وتصميمات للمشاريع المقترحة لمدة 100 عام.

ومن مقترحاته المهمة مشروع سدة الهندية الذي اشتمل على إنشاء سدة الفرات في جنوب المسيب لتامين تجهيز المياه في شط الحلة وفي جداول الكفل وبني حسن والحسينية, احيل انجاز المشروع من قبل الدولة العثمانية إلى شركة جون جاكسون البريطانية . ووفق شروط, منها أن يأخذ المتعهدون على أنفسهم اتمام العمل برمته مع تحميلهم التبعات المالية في حالة عدم اتمام المشروع .بوشر العمل في بناء السدة في شباط سنة 1911م ، واستغرق العمل زهاء السنتين ، وتم افتتاح السدة في 12كانون الاول سنة 1913م من قبل الوالي العثماني حينها.

كما تم في العهد العثماني بناء نواظم لتوجيه قسم من مياه نهر الفرات بأتجاه الصحراء الى بحيرة رزازة لتخليص بغداد من الفيضانات في فترة ارتفاع مناسيب المياه.

 

وبعد تأسيس الدولة العراقية على اثر سقوط الدولة العثمانية , تبنت الدولة الحديثة تقرير ومقترحات وليم كيلكوكس كأساس في مشاريع الري واقامة السدود في العراق .

 

بناء السدود بين الحربين العالمين في العراق

 

بنشوب الحرب العالمية الاولي توقفت بناء السدود والتي كانت مخططا حسب توصيات الشركة الاستشارية الانكليزية في العهد العثماني .

ولكن بعد خروج العراق من الانتداب البريطاني في 1932 رسميا , تم المباشرة في سنة 1934 ببناء سدة الكوت من قبل شركة بلفور بيتي البريطانية وتم افتتاحها من قبل الملك غازي في 29 آذار 1939 بحضور جمع غفير من المسوولين والسفراء المعتمدين.الا ان بناء السدود توقفت على اثر الحرب العالمية الثانية ودخول القوات الانكليزية للعراق خلال الحرب وظهور مشاكل سياسية في العراق على اثر دخول تلك القوات والوضع الاقتصادي السئ.

 

ثورة السدود في الخمسينات ومجلس اعمار العراق.

 

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بفترة واستعادة العراق لجزء آخر من استقلاله بشكل تدريجي من بريطانيا وانتعاش الاقتصاد العالمي نسبيا وصل سعر برميل النفط الى 4 دنانير عراقية, قام العراق بالضغط على الشركات الاجنبية العاملة في قطاع النفط لزيادة حصة العراق من ريعه , فتم ذلك للعراق فتناصف العراق مع الشركات الاجنبية العاملة نصف قيمة كل برميل نفط يصدر .

في سنة 1952 تم تاسيس مجلس اعمار العراق وتم تخصيص %70 من عائدات النفط للمشاريع الستراتيجية والبنية التحتية , فكانت تخطيط ومشاريع المجلس في كل المجالات ثورة اعمار كبرى قياسا لدول المنطقة الاخرى , فتم التخطيط والمباشرة لمئات المشاريع اوالطرق والمطارات والشركات والمعامل والمستشفيات والمدارس ..الخ , ومن بينها السدود المائية والمشاريع الاروائية.

في اوائل الخمسينات وفي عهد رئيس الوزراء التركي عدنان مندريس ابلغت تركيا العراق عن نيتها في بناء سدود على نهري الدجلة والفرات في الخمسين السنة المقبلة واقترحت للعراق بالشروع ببناء السدود ايضا . ولكن لعدم توفر الاموال اللازمة والازمات السياسية التي عصفت لتركيا حالت دون بناء تركيا السدود. اما في العراق فكان الوضع مختلف .

فتم المباشرة ببناء سدود دوكان ودربندخان وثرثار والرمادي ونواظم ا لسماوة والناصرية وفتح القنوات واستصلاح الاراضي ….الخ. فافتتح الملك فيصل الثاني سد ثرثار في سامراء سنة 1956 . وهي عبارة عن منخفض بين دجلة وفرات ينظم مناسيب المياه في النهرين المذكرين مع خزنها لأوقات نضوبها ,لان مشكلة نهر الفرات انه يهيج بسرعة في الربيع ثم تنزل مناسيب المياه فيه الى مستويات ضحلة جدا , واضيفت نواظم اخرى على سد الثرثار في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين.كما تم افتتاح قسما من المشاريع التي بدأها مجلس اعمار العراق في نهاية الخمسينات واوائل الستينات مثل سد دوكان ودربندخان.

وكانت الغاية من تلك السدود اضافة الى تخزين المياه لوقت الحاجة ووقاية مدينة بغداد من الفيضانات وتوليد الكهرباء.

وفيما يلي سدود العراق الحديثة وتاريخ افتتاحها:

سد الهندية 1836 (تهدمت)

سدة الهندية 1913 (اعادة بناء)

سدة الكوت 1939

سد سامراء(ثرثار) 1956

سدة الرمادي 1956

سد دوكان 1959

سد دربندخان 1961

سد دبس 1965

سد ديالى 1969

سد الابيله 1973
سد الاغري 1974
سد الحسينية 1976
سد سري 1976
سد حمرين 1981
سد الرطبة 1981
سد الرحالية 1982
سد ام الطرقات 1982

سد فلوجة 1985
سد حديثة 1986
سد الموصل 1986

سد كوفة 1988

سد شامية 1988
سد دهوك 1988
سد العظيم 2000
سد الابيض 2002

 

سدود كانت قيد الانشاء.

سد بخمة:

وتعود محاولة وضع الدراسات الأولية لسد بخمة ، وبحث جدواه الاقتصادية إلى الثلاثينات من القرن الماضي , و كلفت فعليا شركة جيولوجية امريكية في عام 1953 بتقديم دراسة عن موقع انشاء السد, الا ان العقد مع الشركة الامريكة قد الغيت بسبب الانقلاب العسكري في 1958,

ولكن تم الشروع ببناء السد بشكل جدي في سنة 1987الى عام 1991 وتوقفت بعد ان وصلت نسبة الانجاز الى %35 نتيجة تداعيات حرب الكويت وما تلتها من فوضى ونهب طالت آلات ومكائن الشركتين التركية (انكا) واليوغسلافية (هيدروكرافينيا) العاملتان في السد .وانا شخصيا شاهدت آلات ومكائن الشركتين العاملتين تباع عبر حدود حاج عمران بعد خروج المنطقة الشمالية من العراق من سيطرة الدولة العراقية.

وتم تغريم العراق خسائر الشركتين نتيجة نهب آلاتهما.

وكان مخططا على ان تخزن سد بخمة 17 مليار متر مكعب من المياه المتجمعة من داخل العراق من سقوط الامطار ومن مياه الثلوج الذائبة في فصل الربيع , واهمية هذا السد تكمن ان معظم مياهه تتجمع من داخل الاراضي العراقية وقلة تبخيره وخزنه الهائل والستراتيجي وتوليده للكهرباء.

 

سد بادوش:

 

تم الشروع في تنفيذه في التسعينات من القرن الماضي على نهر دجلة في غرب الموصل الا ان المشروع توقفت بعد سنة 2003.

 

سد مكحول:

سد مكحول على نهر دجلة يبلغ طوله بحدود 3.6 كم وطاقته التخزينية 12 مليون م3 تم البدأ بتنفيذه سنة 2000 ولكن العمل توقف سنة 2003 .

 

سد البغدادي في محافظة الانبار:

, مشروع قديم تم البدأ به الا انه توقف العمل به .وبعد استباب الامن في المنطقة في سنة 2019 تم المباشرة به , ولم يكتمل بعد.

سدود صغيرة في كركوك

هناك 3 سدود صغيرة في شرق مدينة كركوك وواحدة في خانقين,كانت متوقفة وتم اكمالها سنة 2006 وبعدها وهي سدود تولساق وخليكان وخازر وباكرمان لتوطين المزارعين الكرد في شرق كركوك وخانقين .في فترة تولي عبد اللطيف جمال رشيد وزارة الموارد المائية في الحكومة المركزية.

وهناك مطالبات من قبل السلطات المحلية في اربيل والسليمانية لتخصيص مبالغ لتشييد سدود في شمال العراق , ففي حالة الشروع والانتهاء من هذه المشاريع سوف تكون للعراق اكثر من 20 سدا في شمال العراق والذي لا تسيطر الدولة على اكثرها.اي ان خزين العراق الستراتيجي من المياه تكون خارج سيطرته الفعلية!.

 

سدود تركيا والعراق.

اطلقت تركيا في سنة 1977 في عهد رئيس وزراءها سليمان ديمريل مشروعا لتطوير البنية التحتية ولتعزيز تنمية مستدامة لجنوب شرق تركيا , والتي تعاني من نقص المياه وقلة الامطار بالاضافة الى قلة فرص العمل والاستثمار والمشاكل الاخرى. فتم تخصيص سنويا 2 مليار دولار لهذا الغرض ويشار للمشروع باختصار ب (كاب) وهي اختصار للعبارة التركية (مشروع جنوب شرق اناضول).وتتكون المشروع من 22 سدا على نهري الفرات ودجلة و19 محطة كهرومائية.

وتعاني تركيا في العقود الاخيرة من نضوب في المياه العذبة حيث انخفضت حصة الفرد من المياه من 4 الاف متر مكعب الى 1300 متر مكعب سنويا.

بالطبع ان شروع تركيا ببناء السدود على نهري دجلة والفرات ولدت مخاوف في العراق لتسببه نقصا في كمية المياه الجارية نحو العراق وخاصة ان سوريا هي الاخرى كانت تبني السدود على نهري الدجلة والفرات .

فاقيم في بغداد في عام 1981 مؤتمر لغرض تدارس مستقبل المياه في العراق وآثار بناء تركيا السدود, ولتأكيد اهمية المؤتمر حضره رئيس الجمهورية العراقية حينها وتم بث وقائع المؤتمر من خلال تلفزيون العراق, فتم اتخاذ جملة من القرارات بخصوص بناء السدود والمشاريع المائية.

ولكن دخول العراق في دوامة الحروب المزمنة والعبثية اثرت على بناء السدود والمشاريع المائية الاخرى.

ومن الاثار السلبية لبناء السدود في تركيا وايران وسوريا والعراق ارتفاع ملوحة المياه في الانهر و ضعف اندفاع المياه باتجاه شط العرب وبالتالي للخليج مما تسبب في اندفاع مياه الخليج المالحة باتجاه معاكس لجريان مياه الشط .

 

سدود ايران

 

بعد انتهاء الحرب العراقية – الايرانية ,زار الرئيس الايراني بوفد رسمي تركيا في عهد رئيس وزرائها الانسة تانسوا جيلر, وكانت من اولويات زيارته بالاضافة الى عقد اتفاقيات اقتصادية, وزيارته للاماكن الاثرية والثقافية الاطلاع عن قرب على السدود التركية.مما عكست الزيارة عن الاهتمام الايراني لبناء السدود ومشاريع الري.فبنت ايران اكثر من 150 سد لحد الان منذ انتهاء الحرب مع العراق فاصبحت مجموع سدودها 172 سدا, وبقدرة تخزينية تصل الى 52 مليار متر مكعب.

وتجري الان انشاء 120 سد على قدم وساق لاضافتها على السدود الموجودة , وهناك دراسات لانشاء مئات السدود الاخرى!.

وضعت ايران خطة لبناء مئات السدود الكبيرة والصغيرة, وخاصة انها تخطط الان لمضاعفة عدد سكانها, بعد ان استمرت في تحديد النسل من اواخر الثمانينات بشكل مقنن, فتكون النتيجة زيادة كبيرة في عدد النفوس وبالتالي زيادة في استهلاك المياه, فتأثر اكثر على الروافد الجارية نحو العراق او سيقطعها بشكل تام.

وتنبع من ايران 44 رافدا ونهرا باتجاه العراق في الوسط والجنوب , وبما ان بعض السدود اقيمت على الانهر التي تنبع من داخل ايران والتي تجري في العراق ,لذا انخفضت مناسيب المياه في الانهر الجارية نحو العراق ,وتم تغيير مسار بعض الانهر ,فانقطعت عن الجريان داخل العراق. اما بالنسبة لنهر كارون الذي يصب في شط العرب فقد انخفض مناسيب المياه فيه لتحوير كمية كبيرة من مياهه باتجاه المناطق القاحلة في ايران واقامة عدة سدود عليه مما اثر سلبا على نوعية مياه شط العرب.

 

مستقبل المياه في العراق.

تعاني العراق حاليا من عدة مشاكل في المياه وتعود اكثرها لسوء الادارة المزمن والتبذير والهدر في الثروة المائية, واستخدام طرق بدائية في الري . كما لا توجد للعراق برنامج واضح وستراتيجية في مجال المياه والزراعة واستصلاح الاراضي والقضايا المتعلقة بالمياه تجري بشكل عشوائي وغير مخطط,والفلاح العراقي يزرع الارض موسم واحد في السنة بينما يزرع الارض في الكثير من الدول في السنة مرتين او ثلاث مواسم, وتزيد من مشكلة المياه في العراق , التهييج والاخبار الملفقة في مواقع التواصل على الانترنت نتيجة عدم الاعتماد على قدرات الحكومات المتعاقبة في حل المشاكل.

فحسب المقاييس الدولية فان العراق يهدر اربعة اضعاف احتياجه الحقيقي للمياه نتيجة عدم استعمال الطرق الحديثة في الزراعة!.

كما ان تلوث الانهار من المشاكل المهمة التي تعاني منها العراق نتيجة جريان مياه المجاري والنفايات والقاذورات باتجاه الانهر. وكذلك التجاوز على اطراف الانهر وتحويلها الى مساكن عشوائية.

ووقوع مخزون العراق الستراتيجي من المياه في شمال العراق , خارج سيطرة الدولة العراقية , تشكل مشكلة اخرى تضاف للمشاكل في قطاع المياه.

وحاول العراق منذ مدة طويلة بعقد اتفاقيات مع تركيا وايران وسوريا حول تقاسم نسبة المياه المتدفقة نحو العراق, الا ان ليس احدا من هذه الدول مستعدة لتوقيع اتفاقية مع العراق والزام نفسها, لانها تعتبر هذه المياه ثروة وطنية طبيعية تنبع او تجري في اراضيها!. وهذه الدول تدعي ايضا انها تعاني من مشكلة المياه او ان جزء من اراضيها تفتقر الى المياه كما تعاني من مشكلة الامن الغذائي والمشاكل الاقتصادية.

اين الحل؟

يكمن الحل الواقعي للعراق في اقامة السدود والخزانات المائية واملاءها من المياه النابعة والمتساقطة داخل الاراضي العراقية ومن الانهر الجارية الى العراق والاعتماد على نفسها اكثر وحفر الابار , وخاصة انه بعد اكتمال سد أليسو التركي ازداد تدفق مياه الابار في بعض مناطق محافظة نينوى نتيجة ضغط مياه السد ونفوذه الى باطن الارض , رغم اضراره من جانب آخر , كما انه من المهم اكمال السدود التي كانت قيد الانشاء, وكذلك الاستثمار واستعمال تكنلوجيا السقي والري المتطورة, وترشيد الاستهلاك الصحيح للثروة المائية.والاهتمام بمعالجة النفايات ومخلفات المعامل حتى لا تأخذ طريقها للانهر.

كما ان للعراق مخزون مائي تحت الارض هائل وحسب التقديرات انها تكفي العراق لمدة 300 سنة القادمة.

كما ينبغي على العراق التعاون والتفاوض مع ايران وتركيا والاستفادة من خبراتهم, حيث وعدت تركيا سنة 2019 عن نيتها في مساعدة العراق في بناء السدود واقامة مشاريع الري والغابات.

وان الفيضانات التي اجتاحت في ربيع سنة 2019 عموم العراق وايران وبعض دول الشرق الاوسط نبهت الى اهمية بناء السدود والخزانات المائية , فلو كانت للعراق سدود كافية لامكن خزن المياه التي جرت الى داخل العراق لعدة سنوات.

أحدث المقالات

أحدث المقالات