5 نوفمبر، 2024 6:53 ص
Search
Close this search box.

قصة الخلق في القران … آدم ليس أول البشر

قصة الخلق في القران … آدم ليس أول البشر

الوجود الانساني وجود تطوري وليس وجود لحظي

يظن الكثير من المسلمين وغير المسلمين ان آدم عليه السلام اول البشر وقد انزل عليه الوحي , ولكن على الرغم من ان هدا القول هو المشاع فهو يناقي المنطق ومن قبله القران الكريم فلو جئنا الى الجانب المنطقي كيف يبعث الله نبيا الى اناس لم يولدوا بعد اما من الناحية القرانية فسنجد ان القران الكريم رفض قبول فكرة ان ادم عليه السلام اول البشر بل جاء بمفهوم جديد للخليقة يختلف اختلافا جدريا عن ما هو سائد في الكتب الدينية الاخرى وفي الاساطير البشرية فالقران الكريم يرفض فكرة ان الوجود الانساني او النظام الكوني قد خلق دفعة واحدة انما مر بمراحل التطور حتى وصل الى الكمال الحالي انظر الى النظام الكوني كيف يصفه الله تعالى {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ }الأنبياء30 . فهما كانت رتقا وتحولت الى دخان ومن ثم الى ما هي عليه
{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ }فصلت11 .
وكذ ا الحال مع النوع الانساني فهو قد مر في مراحل كثيرة حتى وصل الى هذا الطور البشري العاقل السميع البصير فقد قال الله تعالى {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً }نوح14, ولكن لا يظن البعض اننا نناصر نظرية دارون في نشوء الانسان وانه تناسل من الحيوانات حتى صار على ما صار عليه كلا ان النشأة الانسانية نشأة مختلفة وهي قد نشأت في بداياتها قبل خلق السموات والارض حيث يقول الله تعالى ( أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً{15} وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً{16} وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً{17} (سورة نوح) , فهدا يعني ان البدرة الانسانية كانت موجودة قبل خلق السموات والارض وهي مرت بمراحل متعددة منذ خلقها من العدم الى ان تطورت ودخلت مراحل عدة فعندما خلق الله الارض انزل الله هده البذرة للارض لتأخد صورتها لدا قال (وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً ) وكانت هده البذرة كالنبات الضعيف الذي لا يتحرك ويستمد غذائه من الارض ورطوبتها ثم اخد يتحول شيئا فشيئا الى وجود متحرك وما يحصل للانسان من موت يؤكد المفهوم القراني حيث يوارى الانسان في التراب الامر الدي يشهد على ان بدأ الخلق كان من تراب الارض ولكن يبقي الله تعالى منه تلك الحالة الدائمة المتطورة (البذرة الانسانية) والتي زرعت في طين الارض من قبل فانشات الوجود الانساني , فكذلك الامر مع البعثة الاخرى اذ نلاحظ ان الانسان يبعث كذلك من تراب هده الارض لان البذرة التي فيه لم تمت وهي قاردة على الانبات من جديد بامر الله فتنشأ الخلقة الاخرى
لذا كما قلنا فان اولى مراحل الخلق الانساني كانت من العدم ثم الى اشبه ببذره وهذا لا يعني بذرة واحدة فقط انما بذور عديدة مرت بمراحل عدة من التطور انبتها الله في الارض بعد ان خلق الارض نبتت هده البذور كالنباتات الضعيفة ومن ثم مرت بمراحل تطور حتى وصلت الى مرحلة الوجود المتحرك فبدأت تتحرك وكانت هده المرحلة مرحلة التناسل الطيني {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ }السجدة7 وبعدها جاء على الانسانية طور اخر هو طور التناسل من ماء مهين فقال الله تعالى {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ }السجدة8 , ان هدا التطور كما اسلفنا هو تطور معزول عن باقي الحيوانات فهو تطور خاص بالبشر وليس كما زعم دارون ..
ثم يصور لنا القران الكريم المرحلة الثانية من مراحل التطور الانساني وهي التكاثر من ماء مهين تم بعد ان اكتسب الانسان وجوده الحركي وقدرته على التنقل وقدراته المتنوعة التي تختلف عن باقي الحيوانات فيقول الله تعالى {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً }الإنسان2 فالبشر مند نطفهم امزجتهم مختلفة وطباعهم مختلفة وفيهم القدرة على التطور والتحول العقلي بينما لا نرى دلك في الحيوانات التي لم تتطور مند بدء الخليقة الى الان مما يثبت وبدليل اخر على عدم صحة نظرية دارون , وكأن في كلمة أمشاج معنى الحيوان الناطق اذ اردف بعدها (فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً) وهاتان الصفتان تدلان على المبالغة وهي خاصة بالانسان فقط فالحيوان يسمع ولكنه ليس سميعا لانه يسمع ولكنه لا يعقل ما يسمع وهو يبصر ولكنه ليس بصيرا لانه لا يتفكر فيما يرى وهكذا كان ادم اول مظهر لتلك القوى المودعة في النطف والامشاج والتي تجلت في الصقتين (السميع البصير) وبالتالي فان الوجود البشري كان قبل ادم ولكنه اكتمل في زمان ما وصار الانسان يعي ما يسمع ويتفكر فيما يرى وصار مؤهلا لتلقي الوحي الانساني فبدأ نزول الوحي على بني الانسان لان هاتين الصفتين تدلان على النظر الفكري والفهم لايات الله وتعددها فقد قال الله تعالى ِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{23} مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ{24} (هود)  لذا كان ادم اول مظهر لحالة الكمال البشري التي استحق بها ان يدعى انسانا حقيقيا جديرا بحمل الشريعة , وبذلك جاز ان يكون ادم ابا البشر من الناحية الروحية لانه المبتدأ للعالم الروحاني وكان أول إنسان تشرف بالوحي الالهي وهو ليس ابو البشر من الناحية الجسمانية لان هناك بشر كانوا في زمن النبي ادم إذ بحسب مراحل التطور الانساني التي فصلناها من قبل لم تكن حاجة الى وجود احادي يتفرع منه فالاصل بدور نمت وتفرعت وقد ايد القران الكريم كون ادم ليس اول البشر في اقواله تعالى
1- وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }البقرة30
وهدا يدل على ان هناك بشر يقتل ويسفك الدم ويفسد ولما اراد الله تعالى اختيار احدهم خليفة تساءل الملائكة لماذا من بين البشر وهو سؤال ليس اعتراضي كما يفهم البعض بل هو سؤال استفهامي لانه ختم بعبارة ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك (اي ننفي عنك كل عيوب ونثبت لكل كل الكمال-
2-  قوله تعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ }الأعراف11 وهذا دليل على ان هناك اناس كثر تم تصويرهم ولكن السجود كان لاحدهم وهو ادم انظروا الى (صورناكم) ومن ثم اسجدوا لادم اي لفرد واحد منهم
3-  قوله تعالى {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ }البقرة35 والزوج هنا الاصحاب والجماعة وليس ادم وزوجته فقط وليس ادل من ذلك الا قوله تعالى {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ }البقرة36 فاهبطوا هنا للجمع بينما كان الخطاب في (أزلهما) للمثنى وقد يعترض معترض بالقول ان ضمير المثنى حضر في اية اخرى لقوله تعالى {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى }طه123 ونقول هنا ان ضمير المثنى لم يدل على اثنين بل على جماعتين لانه اردف بعد اهبطا جميعا التي تدل على الجمع فقط اي اهبطوا يا فريق ادم ويا فريق الشيطان
4-  إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ }آل عمران33 وهدا معنى الاصطفاء يدل على اختيار فرد من بين افراد فاصطفى ادم من بين البشر في زمانه كما نوحا وال ابراهيم وال عمران .

أحدث المقالات

أحدث المقالات