أستطيع القول، إن الآيدز هو مرض مصنع، وليس مشابها للأمراض المعروفة في الأرض منذ القدم، وتؤدي الإصابة به الى إنهيار الجهاز المناعي في الجسم، ويتسبب بتصدع الدفاعات الطبيعية التي تمنع أشكالا من الأمراض والأورام التي يمكن أن تؤدي بالإنسان الى الموت البطيء الذي لاينفع معه علاج، غير إن الدراسات تشير الى فترة ليست ببعيدة ظهر فيها المرض، وسبب خطرا في أفريقيا الوسطى، والغريب إنه ينتشر في المناطق الفقيرة حيث لايوجد أي ترياق يمكن أن يتصدى له مايؤدي الى الوفاة بعد أن يكون المريض قد نقل الفيروس الى عشرات غيره من نساء ورجال وأطفال.
وينتقل الآيدز عبر الملامسة، ونقل الدم الملوث بالفيروس، وعبر السائل المنوي من الرجل، ومن مهبل المرأة المصابين، وعبر الحقن، وعن طريق ممارسة الجنس بطرق غير آمنة، وكانت سنوات الثمانينيات من القرن الماضي شهدت موجة إعلامية، وتسليطا للضوء على المرض بطريقة غير مسبوقة فاجئت العالم وأربكته، وجرى الحديث عن مؤامرة عالمية من شركات مصنعة للدواء وأخرى مهتمة بأبحاث الطب، وهناك من يقول، إن الترياق الشافي للمرض متوفر لكنه يباع بثمن باهظ، ولايتوفر لأحد إلا في مراكز طبية أمريكية، ولذلك يسافر المصابون به من الأغنياء الى الولايات المتحدة لتلقي العلاج اللازم.
قيل في حينه، إن شركة فرنسية مررت الى العراق هذا المرض عن طريق دم ملوث وردته في الثمانينيات، وأصيب به عشرات من الأطفال، وقد أتخذت تدابير طبية، وتم التكتم على الأمر، ثم عاد الحديث عنه مجددا قبل سنوات قليلة حين كشفت تقارير تلفزيونية عن وجود مئات من المواطنين العراقيين المصابين بالمرض يتوزعون على جانبي الكرخ والرصافة في بغداد، وفي محافظات أخرى، ولايعرف على وجه الدقة عددهم، ولكن تسريبات تقول، إن هولاء يتلقون مبالغ مالية شريطة عدم التنقل، والمكوث في منازلهم.
تحول العراق بعد العام 2003 الى بيئة مفتوحة نتيجة عدم الإستقرار السياسي والإقتصادي والأمني، وصار سهلا دخول العاملين في قطاعات مختلفة دون أن يتم التأكد من سلامتهم الصحية، يمكن أن يكونوا ناقلين للفيروس، بينما لايتم فحص الوافدين، ولا المواطنين الذين يسافرون الى مختلف البلدان في العالم من العراقيين الذين يعودون وقد يكونوا مصابين بالمرض دون أن يشعروا به لصعوبة إكتشافه إلا بعد مدة من الزمن يكون فيها قد تمكن من المصاب، وربما إنتقل الى آخرين يعايشونه، كما إن الذين يسافرون بغرض السياحة لايتحسبون للممارسات الجنسية، وبعضهم يسافر الى بلدان تعيش على تجارة الجنس، وهناك معلومات عن إصابة مايزيد على المليون مواطن بالمرض في بلد عربي يزوره العراقيون بكثرة.
نحن هنا لانتهم أحدا بالتقصير، أو بالتسبب بإنتشار المرض فهو على أية حال مرض عالمي، وقد دخل العراق في عهد النظام السابق، ولكن لابد من إجراءات أكثر فاعلية لمنع إنتشاره، وممارسة أقصى درجات الإنضباط في التعامل مع الوافدين والعمالة الأجنبية، وفحص العائدين، والإهتمام اكثر بالمواطنين الذين أصيبوا به، وعدم السماح بإهمالهم، ونحن على ثقة بالجهات المسؤولة في أن تقوم بماعليها من واجبات دون تردد.