منذ تأسيس نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، نجح في توظيف عدة عوامل و أمور من أجل خدمته في تحقيق أهدافه و کذلك من أجل الحفاظ على النظام و إبعاد المخاطر و التهديدات، وقد کان الانتخابات الجارية في ظل هذا النظام الصارم و الذي يجمع کافة السلطات و الصلاحيات الاساسية بيد المرشد الاعلى للنظام، واحدة من تلك العوامل التي إستفاد منها هذا النظام من أجل التغطية على طابعه و نهجه القمعي خصوصا بعد أن قام بمصادرة الثورة الايرانية التي إندلعت ضد النظام الملکي من أجل الحرية و الديمقراطية.
الانتخابات الجارية في ظل هذا النظام بمختلف أنواعها ولاسيما الانتخابات التشريعية و الرئاسية، تمت الاستفادة منها بصورة واسعة النطاق و إستغلالها أيما إستغلال ولاسيما بعد أن قام بإدافة مزاعم الاعتدال و الاصلاح بها، حيث إنبهر بها البعض على الصعيدين الاقليمي و الدولي و إقتنعوا بأن هناك فعلا تيار معتدل و إصلاحي بإمکانه أن يغير من نهج هذا النظام و سياساته المتطرفة وبالاخص تصديره للتطرف الديني و الارهاب و تدخله في دول المنطقة، ومن هنا کان مشاغلة هذا النظام العالم بإنتخاباته من خلال إيحائه من إنه سيتم إجراء تغييرات و إصلاحات في النظام.
مزاعم الاصلاح و الاعتدال ومنذ أن بدأ بإدعائها الرئيس الاسبق الراحل رفسنجاني ومن ثم تلاه في ذلك خاتمي الى أن إنتهت بروحاني، لم تستطع أن تقوم ولو بتغيير طفيف في المباني العقائدية الصارمة و المتطرفة لهذا النظام، حيث بقي النظام کما کان عليه في زمن خميني، والمثير للسخرية إنه وعلى الرغم من إن أحدا لم ير أي إجراءات أو خطوات إصلاحية تغير من السياق المتطرف للنظام، لکن مع ذلك بقي هناك من لايزال يصر على الرهان على أکذوبة الاعتدال و الاصلاح التي صارت موضع سخرية و تهکم من جانب مختلف الاوساط السياسية و الاعلامية خصوصا بعد أن شهد العالم کله بأن تنفيذ أحکام الاعدامات في إيران في ظل حکم الاعتدال و الاصلاح المزعوم لروحاني قد وصلت الى أعلى مستوياتها مثلما إن إضطهاد المرأة و مصادرة حقوقها من خلال إصدار قوانين تمتهن کرامتها الانسانية، قد وصل هو الآخر الى أعلى مستوياته.
خاتمي و من بعده روحاني اللذين جاء بهما النظام وهو يواجه مشاکل و ازمات داخلية و خارجية و يعاني من عزلتين إقليمية و دولية، نجحا فعلا في مساعدة النظام في تخطي محنته ولکن من دون أن يحلا الازمة العميقة للنظام حيث تحاصره تلالا من المشاکل و الازمات من کل جانب وليس بإمکانه إطلاقا إيجاد الحلول لها، وإن الانتخابات القادمة في اواسط مايو/أيار القادم ومايعقده بعض من الذين لم يتعظوا من آمال على روحاني في تحقيق التغيير، هي في الحقيقة إنتخابات رئاسية في مرحلة بالغة الحساسية ويبدو إن النظام يحاول إعادة روحاني بعد مسرحية درامية مشحونة بالاحداث و التطورات لکي يوفر له طوف نجاة للعبور الى ضفة الامان في هذه المرحلة الحاسمة، لکن الانتخابات وبنظر المعنيين و المختصين بالشأن الايراني ليست إلا قشة في يم عاتي، وإن السبيل الوحيد الکفيل بحل المشاکل و الازمات العويصة لهذا النظام تکمن في إسقاطه کما دعت و تدعو و تصر عليه المقاومة الايرانية، وإن معظم الشعب الايراني صار مقتنعا بهذا الامر و يرى فيه المخرج الوحيد لإنقاذه من براثن الاوضاع الوخيمة التي يعاني منها.