/ الجزء الرابع /
وانكشفت الأردية القبيحة التي لبسها هذا الدور طيلة هذه العقود من الزمن والتي تمثلت بأفعال ضغط مباشر أو بحكومات وتسلطات دكتاتورية تم زجنا تحت ظلالها لتعبث بمقدراتنا بما يتناسب مع الأدوار التي خطها ورسمها تحت أقدامنا ذلك الغرب . ففشلت كل مشاريعنا بكل مسمياتها ، وانعدمت تأثيرات كل تياراتنا الوطنية – اليسارية – القومية – الأسلامية ، وتشظى كل أمل بفعل أو بارقة نهوض جديد .
حتى جاء صقور الغرب ليحطوا على ربوة وطن وشعب تم تركيعه وتهيئته وتدجينه على مدى نصف قرن من التشرذم المتواصل ، جاؤونا تحت شعار (( تحرير العراق )) من الدكتاتور والنظام الدكتاتوري واقامة (( النموذج الديمقراطي )) في الشرق الأوسط . حلم جميل طالما داعب مخيلتنا المتعبة المريضة التي تتشبث بأي خيط لتستعيد جزء من أنفاسها المنقطعة فأستكانت لهذا الحلم وأناخت نحو الأرض للركوب فوق ظهرها مجددا .
الهدف المعلن هو (( تحرير العراق من الدكتاتور)) الذي صار يشكل تهديدا عالميا ، والأهداف المتعددة الخفية والمخبوءة في أروقة ودهاليز مخابرات الغرب ومراكز أبحاثه يتلخص بما يلي :
1- (( أن ندفع ثمن تطلعاتنا الوطنية ونزعاتنا الثورية الوطنية أو القومية التي طالما ظهرت واضحة في حراكنا وفي تياراتنا الوطنية بمختلف توجهاتها ومشاربها على مدى القرن المنصرم ، فنحن التهديد الدائم الذي ينظرون اليه والذي سيقلب موازين الطاولة في أية فرصة مؤاتية له ، لأننا أبناء الوعي والفكر والثقافة التي لم تفلح قوى التسلط والأستبداد على كثرتها وتعدد وجوهها بمشانقها وسياطها ومنافيها ومعتقلاتها ومحاولاتها المستمرة بشتى الوسائل لنزع وعينا ووجداننا وذاكرتنا أو بويلات سنوات الحروب المتعاقبة وسنوات الحصار الظالم على مقدراتنا المعاشية والحياتية من أن تطفيء فينا هذه الجذوة الرائعة التي تخمد حينا ولكنها لن
تنطفيء)) .
2- (( هذا الشعب اذا تمكن من التقاط أنفاسه سيشكل مع بعض شعوب المنطقة العربية التي تم استهدافها أيضا تهديدا لدولة – اسرائيل اللقيطة – في منتصف الوسط العربي – الأسلامي )) .
3- (( ماتحتويه هذه المنطقة من كنوز وخيرات فوق الأرض وتحت الأرض ، حيث تقتضي سياسة الغرب الأقتصادية وضعها تحت اليد وتحت الهيمنة والسيطرة لخدمة اقتصادها ومقتضيات تطورها واستحواذها على اقتصاد العالم )) .
4- (( هذه الخيرات المتوفرة بلا حد في هذه المنطقة لو اتيحت بيد أبناءها أصحاب الأرض وأتيح لهم التصرف والتحكم الكامل بها فأنهم سيصبحون خلال فترة ليست طويلة من الزمن مراكز قوة اقتصادية وسياسية عالمية وهذا لايتناسب مع كل مخططات الغرب المرسومة منذ عقود طويلة )) .
هذه النقاط هي التي دفعت بهم الى التحالف مع بعض الأنظمة في المنطقة ثم الأنقضاض عليها كما حصل لدينا حين دعمت الولايات المتحدة النظام العراقي الدكتاتوري السابق طويلا في حربه مع ايران ، وحين انقلبت عليه بعد هزيمته في حرب الكويت بعد أن حققت بواسطته كل أهداف المرحلة المرسومة له . لقد كانت انتكاسة الجيش العراقي على يد الدكتاتور في العراق هي اللحظة التي ينتظرها الغرب للكشف عن المخططات الخبيئة التي كانت تجري في دهاليز السياسة التي لانعلمها ، فالولايات المتحدة هي التي سمحت لصدام أو تغاضت أو ادعت عدم الأهتمام ان اجتاح الكويت وضمها الى محافظات العراق ، لكنها سرعان ماأعلنت كم هي مهتمة بقرارات الأمم المتحدة وكم أصبحت الكويت بالنسبة لها المفتاح السحري لحلول كثيرة تنتظر انجازها ، ضرب الجيش المنسحب بالطائرات بقسوة أثناء عملية الأنسحاب لأضعافه وشل قدراته لأن هذا الجيش لو وصل بمجاميعه
وقياداته الملتئمة لن يتوانى عن اسقاط النظام كرد اعتبار للأنسحاب المشين بحقه الذي أمر به صدام في ذلك اليوم ، وقد كان تحطيم صور صدام الذي قام به بعض افراد الجيش العراقي ابتداء من البصرة اثناء الأنسحاب خير دليل على ذلك وكانت هي شرارة التمرد التي انطلقت من البصرة الى 14 محافظة عراقية خلال ساعات ، فتعرض الجيش المنسحب الى اسوأ عملية ابادة ، وتعرضت جموع الشعب الثائرة عفويا بلا تنظيم وتخطيط مسبق الى أبشع انواع القمع حين سمحت الولايات المتحدة (( نفسها ! !)) لصدام (( نفسه ! ! )) بقصف الشعب بالطائرات بحجة ان هذه الجموع ترفع خطابا طائفيا مدعوما من ايران .
—- يتبع الجزء الخامس —–