22 ديسمبر، 2024 6:36 م

في كل عصور حكام الجوروفي الشدائد التي لا يستطيع الانسان ان يبوح به مناخا رائع للادب الساخر. والادب الساخر ينم عن الم موجع يرجع الكاتب اليه ليشفيه من الم خفي عميق يداوي جراحه والوقوف مع الامه بالضد ولان الكاتب لايتستطيع ان يلغي هذه الالم او يعالج اسبابها تولد الشخصيه الساخره فكل شخصيه ساخره هي دنميت انساني مشحون بكل منغصات الحياة له ولان الاسباب مختلفه يظهر بشكل فردي او جماعي لنقد مناخ سياسي او عصر من العصور بعبارات تهكميه ظاهرها المرح وباطنها الجرح وكل لون حسب اسبابه ومسبباته
ولذلك قيل لكل زمن جحاه… حيث
يُنسب جحا العربي إلى أبي الغصن دُجين بن ثابت الفزاري. عاصر الدولة الأمويّة، وقد أُعجب الناس بما سمعوا من طرائف ونوادر منسوبة إليه، ولشدة إعجابهم بها أصبحوا ينسبون إليه كل دعابة ظريفة، وطرفة مليحة، مما جعل نوادره تتداخل بنوادر غيره، وبالتالي تعذّر التمييز بين الأصل والتقليد فتدخل (الجحويات) من هنا وهناك حبت ونهضت ومشت وركضت وكبرت حتى تعملقت ولو افاق جحا من جحوياته لنزع ثوبه وسرواله احتجاجا لما نسب له
والناس مولعون بما يدخل البهجه في نفوسهم.. فالادب الساخر هو ليس لاجل الضحك بل هو تعبير عن هموم واوجاع سوداء اجتماعيه وسياسه ونفسيه ومفارقات ترسم البسمه على وجه المتلقي والكاتب ان لم يكن له الم اوقضيه يتحول الى مهرج ولذلك فان فن صناعة الموقف يحول الموقف المؤلم الى بسمه وقد يموت ضحكا من فرط الالم
فالسخريه هي السد المنيع التي تقف بيننا وبين الامنا لتجعلها خفيفة الوطأه على الروح ولان الواقع مليئ بمفارقات جحويه او قراقوشويه ففي مورثنا الشعبي الشرابي باع احدهم جاموس الى صديقه المسيحي الذي كان يثق فيه ثقه مطلقه وكانت (الجاموسه)مفرد جاموس غير حامل اي ليس ذات حمل لانها لم تلقح فقال المسيحي للشرابي كم تقدر حملها اي عمر العجل في بطنها وهو الذي اشتراها على اساس انها حامل اي من العشار فقال الشرابي سافحصها لك وعندما وضع يده بجنبها لم يمسك شي وهو يعلم ان لا عجل فيها قال:
ماشاء الله عجلها كبير فرد عليه المسيحي قائلا:الجاموس لك وانت البائع وانت الشخص الذي تفحص بامكانك تكبر العجل وبامكانك تصغره وفق ما تريد لكنني اشتريت؟
ومن القرقوشيات يحدثنا الارث القرقوشي من سيرته (597هـ)(وقراقُش معناها بالتركية – العقاب أو الطّير الجارح – (قوش : الطّير، قرا : أسود) كان خادم صلاح الدين الأيوبي وقيل خادم أسد الدين شيركوه، عم صلاح الدين فأعتقه
انه شكا اليه رجل ان هذا الجندي وخز زوجتي في السفينه عندما كنا مسافرين فيها وكانت حبلى بسبعه اشهر فسقطت جنينها فحكم له ان على الجندي يوفر لها المسكن والملبس والمطعم والخدم في بيت خاص ففرح الزوج بهذا المغنم لكن السيد قرقوش اردف وعليه ان يعيدها لك بعد سبعه اشهر حبلى بجنين عمره سبعه اشهر فما كان من الزوج الا ان اخذ زوجته وهرب.
ومن قرقوشياته ايضا شكى رجل الى قرقوش ان لدي دين على هذا الرجل ولم يرد لي سداد مابذمته..فقال لم لا تسدد ما بذمتك؟فقال ياسيدي المبلغ كبير كلما اجمع المبلغ لفتره طويله ويكتمل لدي ابحث عن هذا فلم اجده فما كان من صاحب القضاء العادل
الا ان يامر بحبس صاحب المال ويحتجزه (ليجده عند الحاجه) حتى يكتمل المال عند المدان فما كان من صاحب المال الا ان اطلق العنان لرجليه
في فضاء الريح…
وقصتنا مع الدستور العراقي لا ادري جحويه ام قرقوشيه معلوم ان المقدس الوطن وليس الدستور فاصبح تقديس الدستور مقدم على الوطن .
ومعلوم ايضا ان جهه مستقله وصاحبة اختصاص تضع الدستور لمصلحه الوطن العليا وليس لجماعات معينه علما ان الدستور العراقي كتبته جهات حزبيه فئويه وكل واحده تثبت مصالحها التي تضاد المصلحه العليا للوطن وكل ما يحصل خلاف بين الجهات الحزبيه التي سرقت البلد من اهله يقولون نرجع لحكم قرقوش.عفوا الدستور الذي وضعوه لصالحهم وليس لصالح ستراتيجي للمواطن فالجهات السياسيه متغيره والوطن ثابت وعليه تعديل الدستور بلجان متخصصه غير حزبيه تضعه في مصالح عليا واجب انساني واخلاقي ونحن نرى منذ عام 2003 نسير باتجاه الهاويه والمتهم الاحزاب كلها لكنها هي المتنفذه وهي الحاكمه… وفي كل خلاف يكبرون العجل او يصغرونه وفق قاعدة الشرابي!