يقارب القرض الذي رصده البنك المركزي نصف المبلغ الذي رصده مشروع مارشال لبناء اقتصاد الدول الأوربية المنهار بعيد الحرب العالمية الثانية, ولكن هل يحقق هذا المبلغ الكبير هدفهه في دفع اقتصاد البلد, وتحريك عجلة الإنتاج فيه, وتخفيف اعتماد الدولة على النفط ,الذي أصبحت أسعاره لا تسمن ولا تغني من جوع؟؟ هذا السؤال على الجميع التفكير به ملياً لان فرص إنقاذ الاقتصاد العراقي باتت قليلة بعد ان طالعتنا توقعات منظمة أوبك بضآلة الأمل في ارتفاع أسعار النفط خلال سنة 2016.
الحكومة العراقية إن أرادت لهذا المشروع أن يثمر في القريب العاجل, فينبغي لها أن توفر المناخ المناسب لنموه وتطوره, وإلا ستذهب هذه الأموال كما ذهب غيرها, سواء بالروتين الذي يعيق صرف هذه المبالغ, ام بالتحايل عليها, وبالتالي ستكون طريقا الى إثراء الفاسدين اذ لا يعدمون الحيلة في الاستيلاء على أي أموال سائبة, لذا ومنذ انطلاق فكرة هذا المشروع أكدت المرجعية العليا على ضرورة ايجاد الضوابط في صرف هذه الأموال الطائلة على المشاريع الإنتاجية, والحد من التحايل في تنفيذها.
لم نشهد انطلاق صرف المبالغ على مريديها لحد ألان, بل تفتقد اغلب المصارف الى تعليمات بشأن طبيعة الصرف, وهذا ما يثير الشك في جديه هذا المشروع, وحيث يمر البلد بظروف اقتصادية صعبة فان أي مشروع يساهم في النهضة الاقتصادية لابد ان يسلط عليه الضوء من الجميع لإيجاد ثقافة تدفع صغار المنتجين الى المبادرة في إنشاء أحلامهم الصغيرة, ولكن هل اوجد القائمون على هذا المشروع منبراً لتوضيح ما يستهدفه هذا المشروع؟ هل وجد موقعا الكترونيا يوضح ما هو مطلوب من المقترضين؟ هل عقدت الندوات التعريفية بحجم هذا المشروع وأهميته في دفع اقتصاد البلد المتهالك؟
اول المشاكل التي تواجهنا عند النظر في هذا المشروع, انه لا يراعي التكامل بين القطاعات المراد دفعها لاسيما الصناعي, الزراعي -وما يشتمل عليه من الثروة الحيوانية-, فمراعاة التكامل بين القطاعين من خلال برمجة المشاريع المستهدفة, له أهمية كبيرة في نمو تلك المشاريع وعدم تقهقرها, إضافة الى مساعدة الدولة في انتهاج سياسية لحماية المنتج المحلي في المستقبل, فأي فائدة ترجى ان دفعت الدولة إلى تشجيع الثروة الحيوانية كالدواجن بصنفيها البياضة واللاحمة, والأبقار المنتجة للحليب واللحوم من دون الدفع بالمشاريع الصناعية المكملة لها كمعامل الحليب والتعليب للحوم ومشاريع الجزارة وغيرها فالتكامل بين المشاريع مهم جدا في نجاحها واستمراها ومعرفة الحكومة لموارد التشديد الكمركي.
ملكية الأرض والموافقات المارثونية, التي على الفلاح أن يخوضها لاسيما من وزارات النفط, والبلديات, والبيئة, سوف تضيع الفرص على أكثر الفلاحين في المحافظات الجنوبية, اذ كل الفلاحين لا يملكون الأرض الا بعقود زراعية, وهذا من اهم الامور التي ينبغي للحكومة تشكيل لجان من اجل الموافقة المستعجلة بمشاركة مندوب من كل وزراة معنية, ولعل هذا من نقم النفط على سكان المناطق الجنوبية, اذ لابد ان تستحصل موافقة تلك الوزارات, حتى لو أردت إنشاء مسجد في قرية نائية.
ان نجاح مشروع مارشال, يعزى الى استهدافه للقطاعات الإنتاجية في الدول الأوربية, وتنمية رأس المال من خلالها, وما لحقها من سياسات مدروسة بدقة, فليس الأمر أن تلقي بالمال من دون تخطيط متقن, فهل ستلقي النكهة العراقية التي تتسم بالبعثرة وعدم التنسيق بظلالها المعتمة على هذا المشروع الخطير؟!!.