19 ديسمبر، 2024 12:48 ص

قررت أن اكون مجنوناً

قررت أن اكون مجنوناً

تصيبنا نزلات جنون أشبه بنزلات البرد، ففي يوم سالف في ظل حكومة الرئيس صدام حسين قررت أن أرشح لمنصب رئاسة الجمهورية منافساً للسيد الرئيس استنادا على دعوة الرئيس نفسه بفتح الترشيح للعراقيين جميعا للمنافسة على المنصب، معتقداً أن الأشياء تدار بطريقة عقلانية والحمد لله لم تتم عملية الترشيح لأن الرئيس أعلن في حينها نفسه رئيسا أبديا لجمهورية العراق بقرار انفرادي منه، وفي نزلة أخرى كتبت رسالة إلى المرحوم الأستاذ مؤيد البدري منتقداً فيها تولي عدي صدام حسين أكثر من خمسة مناصب، وكلي قناعة أن المرحوم البدري قرأها وضحك كثيرا ودندن مع نفسه أن صاحب الرسالة يسكن مستشفى المجانين في الشماعية، ونزلات أخرى أصابتني لا تقل جنوناً مما ذكرت، حتى بت أعتقد أني فعلا مجنون، وراجعت أحد الأطباء النفسيين وشرحت له الموقف فقال لي بعد أن وجه لي بعض الأسئلة: إننا جميعاً نصاب بهذه النزلات، لذا اطمئن لغاية الأن أنت سليم وغير مجنون ولم تتجاوز النسبة المقبولة، ولكن أن تكررت معك هذه النزلات مرة أخرى عليك مراجعتي فوراً، ومن وقتها وأنا أعتقد أن في عقلي نسبة من الجنون وأن تلك النزلات تتكرر بين الحين والآخر.

تذكرت هذا الشريط من الذكريات وأنا أطلع على ما أعلنه المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء المكلف المرتبط بقبول ترشيحات الوزراء عن طريق البريد الإكتروني، وأيقنت أني لست المجنون الوحيد في هذا العالم فهناك مجانين كثر يشاركوني هذه الصفة، ومنهم من اقترح هذه الطريقة لقبول الترشيحات، ومنهم صدقها ووافق على اعتمادها، والأكثر جنوناً هو من بعث اسمه من دون أن تبلغه جهة سياسية معينة بذلك، وللحقيقة حاولت أرسال اسمي لكن تذكرت نصيحة ذلك الطبيب وعدلت عن هذا الأمر حفاظاً على ما تبقى من عقلي.

مجانين لاننا نصدق الرؤساء، ومجانين لاننا نعتقد أن الأشياء تسير وفق نظام ديمقراطي سليم، ومجانين لأننا نعتقد أن المصلحين الذين يدعون ذلك هم فعلا مصلحون، ويسهرون الليل والنهر من أجلنا، وتيقنت أنهم جميعا شرفاء كشريف روما، ومجانين لاننا نعتقد أن ثمة أمل في تغيير المعادلة السياسية في المدى القريب، ومجانين لأننا لم نزل على قيد الحياة، ولم نقتل في إحدى سفارات بلدنا التي تعج بالاغبياء والأميين أسوة بعدنان خاشقجي، وبعدها تعلن زوجاتنا أننا انتحرنا لتأنيب الضمير لتقصيرنا في حب الرئيس.

د. غالب الدعمي

تصيبنا نزلات جنون أشبه بنزلات البرد، ففي يوم سالف في ظل حكومة الرئيس صدام حسين قررت أن أرشح لمنصب رئاسة الجمهورية منافساً للسيد الرئيس استنادا على دعوة الرئيس نفسه بفتح الترشيح للعراقيين جميعا للمنافسة على المنصب، معتقداً أن الأشياء تدار بطريقة عقلانية والحمد لله لم تتم عملية الترشيح لأن الرئيس أعلن في حينها نفسه رئيسا أبديا لجمهورية العراق بقرار انفرادي منه، وفي نزلة أخرى كتبت رسالة إلى المرحوم الأستاذ مؤيد البدري منتقداً فيها تولي عدي صدام حسين أكثر من خمسة مناصب، وكلي قناعة أن المرحوم البدري قرأها وضحك كثيرا ودندن مع نفسه أن صاحب الرسالة يسكن مستشفى المجانين في الشماعية، ونزلات أخرى أصابتني لا تقل جنوناً مما ذكرت، حتى بت أعتقد أني فعلا مجنون، وراجعت أحد الأطباء النفسيين وشرحت له الموقف فقال لي بعد أن وجه لي بعض الأسئلة: إننا جميعاً نصاب بهذه النزلات، لذا اطمئن لغاية الأن أنت سليم وغير مجنون ولم تتجاوز النسبة المقبولة، ولكن أن تكررت معك هذه النزلات مرة أخرى عليك مراجعتي فوراً، ومن وقتها وأنا أعتقد أن في عقلي نسبة من الجنون وأن تلك النزلات تتكرر بين الحين والآخر.

تذكرت هذا الشريط من الذكريات وأنا أطلع على ما أعلنه المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء المكلف المرتبط بقبول ترشيحات الوزراء عن طريق البريد الإكتروني، وأيقنت أني لست المجنون الوحيد في هذا العالم فهناك مجانين كثر يشاركوني هذه الصفة، ومنهم من اقترح هذه الطريقة لقبول الترشيحات، ومنهم صدقها ووافق على اعتمادها، والأكثر جنوناً هو من بعث اسمه من دون أن تبلغه جهة سياسية معينة بذلك، وللحقيقة حاولت أرسال اسمي لكن تذكرت نصيحة ذلك الطبيب وعدلت عن هذا الأمر حفاظاً على ما تبقى من عقلي.

مجانين لاننا نصدق الرؤساء، ومجانين لاننا نعتقد أن الأشياء تسير وفق نظام ديمقراطي سليم، ومجانين لأننا نعتقد أن المصلحين الذين يدعون ذلك هم فعلا مصلحون، ويسهرون الليل والنهر من أجلنا، وتيقنت أنهم جميعا شرفاء كشريف روما، ومجانين لاننا نعتقد أن ثمة أمل في تغيير المعادلة السياسية في المدى القريب، ومجانين لأننا لم نزل على قيد الحياة، ولم نقتل في إحدى سفارات بلدنا التي تعج بالاغبياء والأميين أسوة بعدنان خاشقجي، وبعدها تعلن زوجاتنا أننا انتحرنا لتأنيب الضمير لتقصيرنا في حب الرئيس.