قرار واشنطن بحظر السفر إلى العراق… استثمار في مهب التحذيرات
عراق الاستثمار في اختبار عسير.. وكردستان بين المطرقة والسندان
في خطوة تعكس تنامي المخاوف الأمنية، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية تحذيراً جديداً من” المستوى الرابع، لا تسافر” يشمل العراق بأكمله، بما في ذلك إقليم كردستان، محذرةً من مخاطر تشمل الإرهاب، الاختطاف، النزاعات المسلحة، واضطرابات مدنية متكررة. وجاء في نص التحذير أن القدرة على تقديم الدعم القنصلي للمواطنين الأميركيين في البلاد شبه معدومة مما عزز مناخ القلق لدى المستثمرين الدوليين لا سيما أولئك الذين يعتمدون على الاستقرار الأمني والسياسي كعنصر حاسم في قراراتهم
استثمار تحت الحصار الأمني
القرار الأميركي ليس معزولاً عن السياق العام، إذ تزامن مع تحركات عسكرية في المنطقة وتصاعد التوترات الإقليمية، ما دفع السفارة الأميركية في بغداد إلى اتخاذ خطوات لإجلاء بعض موظفيها. وقد انعكس ذلك بشكل مباشر على المستثمرين، خاصة الشركات الأميركية التي تعتمد على موافقة حكومية ضمنية للسفر والتواجد في مناطق تصنّف “عالية الخطورة”
تحذير واشنطن لا يعد مجرد إشارة دبلوماسية بل يحمل في طياته تداعيات اقتصادية واستثمارية كبيرة. فالتصنيف من المستوى الرابع “يمنع بشكل غير رسمي الجهات الأميركية من التواجد داخل العراق”، ويلزم الشركات باعادة تقييم أو تأجيل مشاريع قائمة، ويدفع شركات التأمين إلى رفع تكاليف تغطية العمليات، أو حتى رفضها تماما
ماذا عن إقليم كردستان؟
لطالما اعتبر إقليم كردستان منطقة أكثر استقرارا وأمانا مقارنة بباقي أنحاء العراق. شهد الإقليم طيلة السنوات الماضية تدفقا استثماريا واضحا في مجالات النفط والسياحة والبنى التحتية، بفضل بيئة تشريعية أكثر انفتاحا، ومؤسسات إدارية مستقرة نسبيا
لكن التحذير الأميركي الجديد لم يستثن كردستان. فقد جاء بصيغة عامة تشمل كامل أراضي جمهورية العراق، وهو ما أثار استغراب بعض الدوائر الاقتصادية لا سيما أن تقارير عديدة منها صادرة عن مراكز بحثية أميركية طالبت بضرورة إصدار تحذير خاص للاقليم بمعزل عن العراق الاتحادي، كما تفعل بعض الدول الأوروبية
رغم هذا، يرى خبراء، أن كردستان ما زال يحتفظ بجاذبية نسبية لدى المستثمرين غير الأميركيين، خاصة الأوروبيين والإقليميين الذين لا يخضعون لقيود السفر ذاتها. هذا يفتح بابا لفرص استثمارية عبر شراكات محلية أو تمويلات غير مباشرة وإن كانت بنطاق محدود مقارنة بما كان متاحا قبل صدور التحذير
تمويل وتكنولوجيا في خطر
تتعدى آثار القرار الأميركي مجرد حركة الأفراد. إذ تشير تقارير اقتصادية إلى أن التحذير الأخير يضاف إلى سلسلة من القيود المالية التي فرضت مؤخرا، منها الحد من تعاملات البنوك العراقية بالدولار، وهو ما يعقد عمليات التحويل والتمويل للمستثمرين الدوليين. كما أن القطاع التكنولوجي الذي يعتمد بشكل كبير على خدمات واستشارات أميركية سيشهد على الأرجح تباطؤا أو تجميدا لمشاريع كانت قيد التطوير
الخلاصة
ين رغبة العراق في جذب الاستثمارات الخارجية وتوفير بيئة مشجعة، وبين تحذيرات دولية تعكس هشاشة الوضع الأمني، يبدو المشهد معقدا ومفتوحا على جميع الاحتمالات. فبينما يشكل التحذير الأميركي ضربة قاسية للبيئة الاستثمارية، يظل إقليم كردستان بارقة أمل وإن كانت محاطة بالقيود أمام المستثمرين الراغبين في اغتنام الفرص في منطقة ما زالت تمتلك الكثير من الموارد والطموحات.
لكن السؤال يبقى: هل يستطيع العراق بكامل مكوناته أن يعيد بناء الثقة الدولية؟ وهل سيتحرر إقليم كردستان من عباءة التصنيفات العامة يوما ما ليعامل كمنطقة ذات خصوصية أمنية واستثمارية مستقلة؟
أسئلة تبقى معلقة، بانتظار تطورات ميدانية قد تعيد رسم خريطة الاستثمار في بلاد الرافدين