15 أبريل، 2024 10:58 م
Search
Close this search box.

قرار قضائي لا دستوري بإسم الشعب العراقي لمداراة و تجميل متنفذ سياسي

Facebook
Twitter
LinkedIn

على حساب هدر أموال الشعب العراقي
أصدرت محكمة جنح الرصافة المختصة بقضايا النزاهة قرار حكم بالعقوبة بالعدد: 628/ج/2017، و هذا نصه:
تشكلت محكمة جنح الرصافة المختصة بقضايا النزاهة و الجريمة الإقتصادية و غسيل الأموال بتاريخ 28/9/2017 من قاضيها السيد (ندى محمد عيسى) المأذون بالقضاء بإسم الشعب و أصدرت قرارها الآتي:
المشتكي/ الحق العام
المتهم/ ج. غ. ع. ج./ وكيلاه المحاميان ف. ح. إ. و ن. ع. ا.
القرار/
1- قررت المحكمة الحكم على المدان ج. غ. ع. ج. بالحبس البسيط سنة واحدة إستنادا ً لأحكام المادة 268 من قانون العقوبات و لكون المدان شاب و في مقتبل العمر و طالب دراسات و لم يسبق الحكم عليه تقرر إيقاف تنفيذ العقوبة بحقه لمدة ثلاث سنوات على أن يتعهد بحسن السيرة و السلوك خلال الفترة أعلاه و بدفع تأمينات في صندوق المحكمة مقدارها مائتا دينار تعاد له بعد مضي المدة أعلاه إستنادا ً لأحكام المواد 144 و 145 و 146 من قانون العقوبات.
2- صدر القرار إستنادا ً لأحام المادة 182/أ الأصولية قرار حضوريا قابلا ً للتمييز و أفهم في 28/9/2017 (إنتهى).
إن صيغة القرار أعلاه تخالف الصيغة التي حددها قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المحددة بالمادة 224 – أ: يشتمل الحكم أو القرار على إسم القاضي أو القضاة الذين أصدروه و إسم المتهم و باقي الخصوم و ممثل الإدعاء العام و وصف الجريمة المسندة إلى المتهم و مادتها القانونية و الأسباب التي إستندت إليها المحكمة في إصدار حكمها أو قرارها و أسباب تخفيف العقوبة أو تشديدها و أن يشتمل الحكم بالعقوبة على العقوبات الأصلية و الفرعية التي فرضتها المحكمة و مقدار التعويض الذي حكمت به على المتهم و المسؤول مدنيا ً عنه إن وجد أو قرارها برد الطلب فيه كما يبين في الحكم الأموال و الأشياء التي قررت ردها أو مصادرتها أو إتلافها و يوقع القاضي أو هيئة المحكمة على كل حكم أو قرار مع تدوين تاريخ صدوره و يختم بختم المحكمة (إنتهى).
حيث بناء ً على نص المادة أعلاه فإن قرار الحكم قد أهمل ذكر إسم ممثل الإدعاء العام الحاضر في المحاكمة و وصف الجريمة المسندة إلى المدان و الأسباب التي إستندت إليها المحكمة في إصدار حكمها على المدان و مقدار التعويض الذي حكمت به المحكمة على المتهم أو قرارها برد الطلب فيه.
إن واجب ممثل الإدعاء العام في المحاكمة هو مراقبة تطبيق المحكمة للقانون على المدان نيابة عن الشعب المتضرر من الجريمة، و من حق الشعب أن يعرف من كان يمثله في المحاكمة إستنادا ً للقانون، أما إذا جرت المحاكمة بدون وجود ممثل الإدعاء العام فهذه طامة أكبر، و على ما يبدو من صيغة قرار الحكم فإنه لم يكن في المحاكمة ممثل عن الإدعاء العام. أما الخرق الثاني للقانون في قرار الحكم فهو عدم ذكر وصف الجريمة المسندة إلى المدان في قرار الحكم، و من حق الشعب أن يعرف الجريمة التي إرتكبها المدان ضده وفق القانون.
و الخرق الثالث للقانون في قرار الحكم هو عدم ذكر الأسباب التي إستندت إليها المحكمة في إصدار حكمها، و هذا الخرق لا بد أن يحدث لأن القرار أساسا ً لم يذكر وصف الجريمة المسندة إلى المدان و بالتالي لا يمكن ذكر الأسباب التي إستندت إليها المحكمة في إصدار حكمها. أما الخرق الرابع للقانون في قرار الحكم فهو عدم ذكر مقدار التعويض الذي حكمت به المحكمة على المتهم أو قرارها برد الطلب فيه، و هذا الخرق أمر طبيعي أن يحصل لأن ممثل الإدعاء العام لم يحضر في المحاكمة الذي من واجبه أن يطالب نيابة ً عن الشعب بالتعويض من المدان إلى الشعب.
إن الجريمة المسندة إلى المدان، حسب البيان الصادر عن مجلس القضاء الأعلى، هي إشتراكه في تهريب مدير عام التجهيزات الزراعية من السجن (المحكوم عليه بالحبس الشديد لمدة سنتين لأنه ألحق ضررا ً بأموال الدولة مقداره 30 مليار دينار، حسب تصريح هيأة النزاهة. ملاحظة: لأن هذا الشخص متنفذ يقال أنه ألحق ضررا ً بأموال الدولة و لا يقال أنه سرق أموال الدولة) و هذا الوصف للجريمة كان يجب ذكره في قرار الحكم حسب القانون.
إن سبب الخروقات الأربعة للقانون في قرار الحكم هو جهل القاضي بالقانون أو تعمده بعدم تطبيق القانون. و هما خياران أحدهما أكثر مرارة من الآخر. فإذا كان القاضي يجهل بالقانون الذي يقضي به فهو مصيبة، أما إذا كان القاضي يتعمد عدم تطبيق القانون فهذه مصيبة أكبر. و كلا الخياران يشيران بأن القاضي لا يطبق القانون و بالتالي لا يقيم العدل و أن حقوق الشعب مهدورة لصالح المتنفذ بإرادة و حماية الدولة حيث أن الدولة تعطي الراتب العالي للقاضي بحدود 6 إلى 10 مليون دينار مع توفير الحماية المسلحة له.
بالنسبة لقرار الحكم أعلاه فإن عدم ذكر وصف الجريمة المسندة للمدان فهو للتستر عليه و تخفيف ردة فعل الشعب إتجاه القضاء الذي يصدر قرارات متساهلة بحق المتنفذين. و في الحقيقة فإن قرار الحكم أعلاه هو قرار مديح و تبجيل للمدان لأنه لم يذكر وصف جريمته و إنما ذكر أسباب تخفيف العقوبة بعبارات رقيقة ناعمة عندما وصف المدان بأنه شاب في مقتبل العمر و طالب دراسات و لم يسبق الحكم عليه، و بالحقيقة فإن هذا سيفيده في الإنتخابات القادمة. و كذلك فإن هذا القرار يعتبر دعاية مجانية لا تقدر بثمن للمحاميان وكيلا المدان لأنهما سيدعيان بأن هذا القرار ناتج عن جهودهما.
من غرائب ما ورد في قرار الحكم هو سبب تخفيف العقوية بحق المدان بأنه شاب و في مقتبل العمر و طالب دراسات. فإذا كان المدان شاب و في مقتبل العمر و طالب دراسات قد شارك بتهريب محكوم بالحبس عن إلحاقه ضررا ً بأموال الدولة مقداره 30 مليار دينار، فيا ترى ماذا سيفعل هذا المدان عندما يصبح متقدما ً بالعمر و يحمل شهادة عليا و ذو خبرة في الحياة. المفروض بالدراسة أن تهذب الشخص و تجعله واعيا ً لما يفعل أكثر من الشخص غير المتعلم. و في هذه الحالة فإن الشخص غير المتعلم لا يمكن أن يلام إن قام بأفعال أسوأ مما فعله المدان.
إن عدم تطبيق محكمة جنح الرصافة المختصة بقضايا النزاهة و الجريمة الإقتصادية و غسيل الأموال بما جاء في المادة 224 – أ من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 يخرق دستور جمهورية العراق لسنة 2005 في مواده التالية:
المادة 5: السيادة للقانون، و الشعب مصدر السلطات و شرعيتها، يمارسها بالإقتراع السري العام المباشر و عبر مؤسساته الدستورية.
المادة 19 – أولا ً: القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون.
المادة 88: القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، و لا يجوز لأية سلطة التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة.
و كل هذه الخروقات للدستور في قرار الحكم فإنها صدرت و كما هو مكتوب في القرار بإسم الشعب، و ذلك إستنادا ً للمادة 128 من دستور جمهورية العراق: تصدر القوانين و الأحكام القضائية بإسم الشعب (إنتهى). طبعا ً المقصود بالشعب هو الشعب العراقي و ليس الشعب الصومالي.
ملاحظة: الأسماء المشار إليها بالحروف في المقالة هي معروفة و معروضة في الإنترنت و صادرة عن جهات حكومية، و عليه ليس هنالك من ملاحقة قانونية إذا تم ذكرها. و أن ذكر الأسماء سيكون دعاية مجانية لأصحابها كما جاء في المقالة. و المقالة مخصصة لدراسة القرار من الناحية القانونية فقط لا غير.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب