لقد كتبت مقالة قبل قرار السيد رئيس الوزراء الذي يامر القوات الامنية باستقبال النازحين السورين الهاربين من المعارك في سورية . وتطالب المقالة بان تفتح الحدود لاستقبال اللاجئين السورين الفارين من جحيم طاغية دمشق , لرد الجميل والعرفان لشعب السوري سبق وانه احتضن العراقييون واحزاب المعارضة وقدم لهم كل اشكال الدعم والمساندة , وكانت المقالة بعنوان ( بادرة طيبة لكنها منقوصة ومبتورة ) والان اكتملت الصورة المبادرة , بتقديم الدعم والمساندة للاجئين السورين , قبل ان يكون مطلب انساني بحت , بل انه رد فعل لرد الجميل والعرفان لشعب السوري ولهذا السبب بذلت الحكومة العراقية جهودا مثمرة من اجل اجلاء العراقيين الذين ضاقت بهم سبل النجاة من الجحيم السوري . رغم ان الحملة جاءت متاخرة بعض الشيء إلا انها تصب في الاتجاه المطلوب في عودة العراقيين الى وطنهم الام , بعدما تعرضت المدن السورية ومنها دمشق الى دمار هائل وتشغيل ماكنة القتل في اعلى درجات نشاطها المسعور بالدمار والرعب . واصبح نزيف الدماء تسيل بدون انقطاع . مما جعل السلطات العراقية ان تسرع بعملية انقاذ العراقيين من المجاز المحتملة مثلما تكوي بشراهتها وقسوتها الشعب
السوري ..ان عودة العراقيين سالمين من الجحيم السوري يضع حد للاشكالات السلبية التي رافقت غربة العراقي في محنته بسبب العنف الطائفي الذي حرق الاخضر واليابس وحول حياة العراقيين الى جحيم حقيقي . ولعب دور التمايز الطائفي والعرقي والديني . وتساهم العودة العراقيين الى الوطن الام في زيادة لحمة النسيج الاجتماعي وتعميق الاخاء والتسامح والتعايش السلمي وعودة لم الشمل , تقتضي بتوفير مستلزمات الحياة الحرة والكريمة . وتوفير فرص العمل والتغلب على المشاكل التي فقدوها اثناء هروبهم من الجحيم السوري التي فرضت على بعضهم بسبب العنف الطائفي والتخندق السياسي الضيق . ان اجراءات نقل العراقيين بالسرعة المطلوبة في سبيل انقاذ جاليتنا العراقية من الموت والدمار ومن العواقب الوخيمة وقد شملت هذه الرعاية ايضا الشعب السوري ونتطلع الى فتح الحدود والمعابر باسرع وقت حفاظا على الدم السوري وما يعانيه , الاخوة السوريين الذين يواجهون الموت في اي لحظة . انها مهمة انسانية تحتم مد يد العون والمساندة في وقت الشدة والظروف الصعبة من جحيم النظام السوري , الذي حول الارض السورية الى دمار وخراب حقيقي , والموت يطال الالاف من المواطنيين في سبيل استمرار عرش السلطة حتى لو كان على جماجم الشعب . ان الشعب السوري يمر في ظروف حرجة ومأساة انسانية التي فرضت عليه بقوة الحديد والنار . وهذا جاء مطلب فتح الحدود وبناء المخيمات للاجئين والفارين والهاربين من الموت المحقق , وهذا يحتم تقديم كل اشكال الدعم الانساني والاخلاقي لشعب يتعرض الى ألة الموت والدمار , وان المساعدة العراقية سيكون لها اثر ايجابي في المستقبل القريب وخاصة وان النظام يصارع انفاسه الاخيرة و موته المحقق . ومد يد العون ستساعد وتساهم في توثيق اوصر العلاقة والاخاء والمحبة بين الشعبين الشقيقين وتدعم الاستقرار والامن في المنطقة . وخاصة وان التأريخ يشهد بحروف من المحبة والتقدير حينما كانت الارض السورية ملجأ ومأوى لكل العراقيين بدون استثناء ان رد الجميل والمعروف هو من شيمة واخلاق الشعب العراقي بكل نسيجه الاجتماعي . وان مساندة الصديق او الشقيق من خصال هذا الشعب العريق صاحب اعرق حضارة في التاريخ ( حضارة وادي الرافدين – المعروفة عالميا ميسو بوتاميا – معناها بلاد ما بين النهرين ) ومثلما كانت الشام التي احتضنت العراقيين بجميع طوائفهم واعراقهم دون تحديد بعد سقوط النظام المقبور حينما تفجر الوضع الامني بفعل نشاطات زمر القاعدة الاجرامية وايتام البعث باشعال العنف الطائفي والعرقي واليوم يتطلع الشعب السوري الى الخلاص من النظام الطاغي الذي جثم على صدور الشعب لاكثر من اربعة عقود . ان نهاية الطغاة ستكون عار يدل على حثالاتهم الضحلة , مثلما وجد صدام المجرم في حفرة يعيش فيها الجرذان , والسفاح القذافي في مجاري الصرف الصحي . اما طاغية الشام سيكون مصيره أسوأ من اقرانه الطغاة . وتهب نسمات الحرية في
ربوع الارض السورية وتنتهي مأساة شعب و يظل التاريخ يتذكر وقوف الشعب العراقي الى جانب شقيقه السوري . مثلما نتذكر نحن وقوف الشعب السوري بكل محبة وتقدير في محنتنا العصيبة . ان صداقة الشعوب كنز ثمين لايمكن اهداره مهما كان الثمن .