ابتداءً نحن لم نكن نثق بمجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحادية . وخصوصا رئيسها مدى الحياة . لانه قد سبق وان حرًَف الدستور من خلال اجتهاداته لصالح عرابه المالكي ، الذي كان رئيسا للوزراء ، فتم حصر كل الصلاحيات الدستورية بيده . اضافة الى الحاق الهيئات المستقلة به ايضا . فاستفرد بالحكم ، وعاث فسادا في البلاد والعباد . وبالرغم من ذلك فاننا انتظرنا قرار الحكم من المحكمة الاتحادية التي وعدتنا بانها هذه المرة ستكون عادلة وبجلسات علنية ، للبت في طلبات كتلتي مجلس النواب المتخاصمتين حول شرعية ودستورية القرارات الصادرة عنهما .وبعد طول انتظار اصدرت المحكمة الاتحادية قرارها ببطلان جلستي مجلس النواب الاولى في 14 / نيسان . والثانية في 26 منه . . ويبدو ان قرار المحكمة الاتحادية هذا كان مسَيسا ، حيث حاولت الوقوف في منتصف الطريق ، ولم تتخذ القرار الصائب . وقد كانت تنتظر طوال فترة المرافعات ان يتم الصلح بين الطرفين المتخاصمين . وبعد ان يئست من ذلك اتخذت قرارا ب لا غالب ولا مغلوب . خصوصا وان هذا القرار سيبقي رئيس مجلس النواب في منصبه . وهذا هو المطلب الامريكي الايراني في العراق . وبهذا ينئى السيد رئيس المحكمة الاتحادية بنفسه عن مجابهة اي قوة او كتلة صادمة قد تطيح به ، ولو انه رئيس السلطة القضائية مدى الحياة. !
هذا من جهة . . ومن جهة ثانية فان كتلة المعتصمين التي اقالت رئاسة مجلس النواب ، قد استغفلتنا وكذبت علينا عندما اعلنت ان النصاب كان كاملا . فظهر انهم لا يتمتعون سوى ب 131 صوتا . فاين الاغلبية التي ادعوا انهم حصلوا عليها ؟ . انظر الى هذا العدد من النواب وهم يكذبون علينا جهارا نهارا . ويملؤون الدنيا زعيقا بالاصلاح ، وكتلة الاصلاح ، وتوفر الاغلبية الدستورية ، وهم في كل هذا يكذبون . . يكذبون في الاغلببية ، ويكذبون بالاصلاح ، ويكذبون في اسقاط الرئاسات الثلاث . وحاولوا استغفال الشعب عن طريق الثوريات اليمينية الرجعية التي يتصفون بها لكونهم كتل واحزاب دينية فاشية متهرئة ، لا تخدم الا اسيادها الذين اوصلوهم الى المقاعد النيابية بالتزوير والرشى والارهاب .
ثم هناك نواب الكتلة الثانية التي ادعت انها صاحبة النصاب الدستوري ، ولم نعرف هل هم حقا تمكنوا من تحقيق النصاب ام لا . خصوصا وانهم قد منعوا النواب الاخرين من دخول القاعة الثانية التي اجتمعوا بها ، وكرسوا من خلالها رئاسة مجلس النواب . اضافة الى اقصاء وزراء ، وتعيين وزراء اخرين بدلا منهم . . واتضح ان قراراتهم هي الاخرى لسبب او لاخر غير دستورية ، ولا يمكن العمل بها او تنفيذها نتيجة بطلانها من قبل المحكمة الاتحادية نفسها .
نلاحظ من كل هذا ، التخبط والكذب والخداع الذي مارسته المحكمة الاتحادية ، وكل من كتلتي المجلس النيابي الاولى والثانية على حد سواء . فكيف يمكن ان نثق بقضاء يخشى مراكز القوى . وكيف يمكن ان نثق بمجلس يتلاعب نوابه بالمواد الدستورية على هواهم ، ومن دون رادع قانوني او اخلاقي . . ورئيس الجمهورية الذي يفترض به ان يكون راعي الدستور ، صامت ، لا حول ولا قوة له . عين له على كوردستان التي يمثل نصفها . واخرى على كرسيه الغالي ، الذي يخشى فقدانه ، ولو كان من دون سلطات غير سلطة مراقبة الدستور التي تجاهلها . ففقد بذلك كل شرعية لبقائه .
اما رئيس الوزراء ، الذي جاء الى السلطة بموجب برنامج عمل لم يقم بتنفيذ اية فقرة من فقراته ، فهو الآخر فقد شرعيته من تنصله من كل هذه الالتزامات ، اضافة الى خداعه للشعب باصلاحات وهمية ، يدعي بها يوميا ، دون ان نجد اي صدى لها على ارض الواقع ، وقد سقطت آخر قطرة حياء من وجهه دون ان يكترث بذلك . . ولازال رئيس الوزراء السابق يدير نصف الدولة عن طريق بعض قوات الحشد الشعبي الذي اتخذه درعا حصينا له تجاه محاسبته عن الاموال المفقودة ، وعن الوطن الذي ضاع على يديه خلال سنوات حكمه العجاف . ان الحقيقة لا يمكن ان يغطيها غربال الكذب والنفاق والدجل . . . فانظر ايها المواطن كيف استغفلك اولئك الذين يحكمون البلد ، باسم الشعب وهم يمارسون سلطاتهم من دون اي رادع من ضمير او دين او خلق . . ان الواجب يحتم علينا الان وليس في وقت اخر اسقاط الرئاسات الاربعة التي فقدت شرعيتها ، وفقدت تمثيلها للشعب .