6 مارس، 2024 3:57 ص
Search
Close this search box.

قرار المحكمة الاتحادية العليا في الدعوى 71/ اتحادية وموحداتها

Facebook
Twitter
LinkedIn

بخصوص قانون شركة النفط الوطنية رقم (4) لسنة 2018
الإجراءات…. والنتائج
تشكل الثروة النفطية عصب الاقتصاد العراقي والمورد الوحيد الذي يتم من خلال استثماره بالشكل الصحيح توفير الحياة الكريمة للعراقيين لذا فان تشريع قانون شركة النفط الوطنية رقم (4) لسنة 2018 الذي تضمن العديد من المواد التي تتعارض مع الدستور والتي يمكن من خلال هدر هذه الثروة في غير المجالات الصحيحة مما دفع العديد من المعنيين وبشكل خاص الخبراء في المجال النفطي الذين ادركو خطورة هذا القانون بمضامينه الحالية على مستقبل العراق .
لذا ولغرض تنوير المواطن العراقي بجوانب هذا القانون وعملية الطعن بدستورية اهم مواده نستعرض مراحل تشريعه والطعن الذي تم امام المحكمة الأتحادية العليا لتوثيق الحقائق .
صوت مجلس النواب العراقي على قانون شركة النفط الوطنية رقم (4) لسنة 2018 في جلسته (الرابعة عشر) التي عقدت بتاريخ 5/ آذار/2018 ونشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بعد ان صادق عليه رئيس الجمهورية بالعدد (4486) الصادر بتاريخ 9/ نيسان/ 2018 وأصبح نافذاً منذ ذلك التاريخ .
بتاريخ 26/4/2018 تمت إقامة دعوى امام المحكمة الاتحادية العليا من قبل المحاميان زهير ضياء الدين وسلام زهير ضياء الدين وكالة عن كل من الخبير النفطي فؤاد قاسم الأمير والمهندس السيد ماجد عبد محمد صالح علاوي وقد قبلت المحكمة الدعوى وتم تسجيلها بالعدد 71/ اتحادية/2018 وقامت المحكمة بارسال عريضة الدعوى الى المدعى عليه السيد رئيس مجلس النواب (إضافة لوظيفته) .
بعد تبادل اللوائح تم تحديد الجلسة الأولى للمحكمة في 9/9/2018 وقررت المحكمة في هذه الجلسة توحيد هذه الدعوى مع كل من الدعاوي 66/ اتحادية/2018 المقامة من قبل مجلس محافظة ميسان و 157/ اتحادية/2018 المقامة من قبل السيد وزير المالية (إضافة لوظيفته) لوحدة الموضوع واخيراً وفي جلسة يوم 23/1/2019 قررت المحكمة توحيد الدعوى المقامة من قبل السيد محافظ البنك المركزي (إضافة لوظيفته) مع الدعاوى أعلاه .
كما قررت المحكمة ادخال كل من السيد رئيس مجلس الوزراء (إضافة لوظيفة) والسيد وزير النفط (إضافة لوظيفته) اشخاص ثالثة في الدعوى لأستطلاع رأيهم لعلاقتهم المباشرة بموضوع الدعوى.
قررت المحكمة في جلستها المنعقدة بتاريخ 3/10/2018 تكليف الخبير النفطي الأستاذ حمزة الجواهري لتقديم تقرير خبرة في الدعوى من جوانبها المختلفة .
في جلسة المحكمة المنعقدة بتاريخ 1/11/2018 قدم الخبير النفطي تقرير الخبرة المكون من احدى وعشرون صفحة تناول فيه مواد القانون مع التعليق عليها وبيان الرأي فيها من الجوانب الفنية والمالية مع نظرته للقانون بشكل عام وطلبت المحكمة من اطراف الدعوى تقديم لوائح بصدد تقرير الخبرة.

كانت المحكمة قد استلمت رسالتين الكترونيتين عن طريق البريد الالكتروني من الخبير النفطي الأستاذ احمد جياد تتضمن ملاحظاته حول القانون وحول تكليف الخبير النفطي الأستاذ حمزة الجواهري وقد طلبت المحكمة من اطراف الدعوى تقديم لوائح تتضمن رأيهم بما ورد في تلك الرسائل مما شكل سابقة قضائية بمشاركة شخص ليس له علاقة مباشرة كطرف في الدعوى وقد يكون رأي المحكمة انه بالنظر لأهمية الموضوع فلا بأس بالاستئناس بأراء خبراء من خارج اطراف الدعوى وهو برأينا مؤشر إيجابي بالرغم من ان المحكمة وفقاً للقانون ملزمة باتباع احكام قانون المرافعات المدنية.
بتاريخ 23/1/2019 أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارها في الدعاوى الموحدة المشار اليها انفاً والمقامة للطعن بصدد بعدد من مواد قانون شركة النفط الوطنية رقم (4) لسنة 2018.
بلغ عدد مواد القانون التي استجابت المحكمة للطعن بعدم دستوريتها (10) مواد بشكل كلي او جزئي من مجموع مواد القانون البالغة (21) مادة .
بصدور قرار المحكمة الاتحادية العليا ووفقاً لأحكام المادة (94) من دستور جمهورية العراق التي نصت على ( قرارات المحكمة الاتحادية العليا بأنه وملزمة للسلطات كافة ) فأن مجلس النواب ملزم بتعديل قانون شركة النفط الوطنية رقم (4) لسنة 2018 بحيث يأخذ بنظر الاعتبار قرار المحكمة المتضمن الاستجابة للطعون وحسب ماورد فيه عند اجراء التعديل . ولكون الطعون التي استجابت لها المحكمة تشكل جوهر القانون بحيث من الصعب اجراء التعديل عليه فيمكن ان يتجه مجلس النواب الى تشريع قانون جديد وهو ما ذهب اليه مجلس الوزراء حيث تم اعداد قانون جديد بديلاً عن القانون الحالي وارسل الى مجلس النواب حسبما بين ممثل السيد رئيس مجلس الوزراء ( إضافة لوظيفته ) في جلسات المرافقة وسيكون مجلس النواب ملزماً بأن يأخذ بنظر الأعتبار قرار المحكمة الإتحادية بنظر الاعتبار بحيث تكون جميع مواد القانون الجديد منسجمة مع القرار .
ومن الجدير بالذكر ان هنا اثنان وثلاثون خبير نفطي معظمهم من المقيمين خارج العراق ممن دعموا الدعوى وكانوا راغبين للدخول فيها كمدعين لكن موضوع التوكيلات جعلهم يكتفون بالدعم من خلال ارسال المذكرات والمقالات والملاحظات من خلال التنسيق مع المدعيان في الدعوى كلاً من السيدين فؤاد قاسم الأمير وماجد عبد محمد صالح علاوي مما شكل زخماً اضافياً للسير بالدعوى .

وفيما يأتي خلاصة بالمواد المنقوضة من قانون شركة النفط الوطنية رقم (4) لسنة 2018 بموجب قرار المحكمة الاتحادية في الدعوى 71/ اتحادية/2018 وموحداتها الصادر بتاريخ 23/1/2019 .

المادة (3) المتضمنة اهداف الشركة لأن المهام التي تضمنتها تتعارض مع احكام المادة (112) من الدستور بفقرتيها ( اولاً ) و (ثانياً) والمادة (114) لان المهام التي ذكرتها المادة (3) تكون من مهام الحكومة الاتحادية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة للنفط .
الفقرتين ( ثالثاً) و (خامساً) من المادة (4) من القانون وبقدر تعلق الامر بعملية تسويق النفط حيث ان ذلك من مهام وزارة النفط والشركة المرتبطة بها وذلك لتعارضها مع المادة (112) من الدستور .
المادة (7/اولاً/1) من القانون التي نصت على ( يرأس الشركة موظف بدرجة وزير ) لتعارضها مع احكام المادة (62/ ثانياً) من الدستور حيث جاء النص المذكور خلافاً للمشروع الحكومي رغم كونه متضمناً جنية مالية .
البند (ح) من الفقرة (ثانياً) من المادة (7) من القانون المتعلقة بجعل شركة سومو من التشكيلات المرتبطة بمركز الشركة وذلك لتعارضها مع احكام المادة (110/ اولاً/ وثالثاً ) من الدستور .
المادة (8) من القانون التي نصت على مهام مجلس الإدارة لأن غالبية هذه المهام هي من اختصاصات الحكومة الاتحادية مع الأقاليم والمحافظات المنتجة للنفط معاً استناداً للمواد (78) و (80) و (112) من الدستور.
المادة (11) من القانون التي نصت على (اولاً : تستقطع الشركة مبلغاً يغطي جميع الكلف الاستثمارية والتشغيلية ولا يقل عن معدل الكلفة في جميع الحقول المستثمرة عن كل برميل من النفط الخام والغاز المنتج مضافاً اليه نسبة معينة من الربح ويتم تحديد ذلك بالاتفاق بين الشركة ووزارات المالية والنفط والتخطيط ويصادق عليه مجلس الوزراء وتتم مراجعة كل ثلاث سنوات ويستقطع مباشرة من حساب وزارة المالية لدى البنك المركزي عن عوائد النفط والغاز
ثانياً : يتم تسوية الحسابات بين الشركة ووزارة المالية بعد نهاية السنة المالية للشركة وبعد اكتمال الحسابات النهائية لها ومصادقة ديوان الرقابة المالية عليها ). وذلك لتعارضها مع احكام المواد (78) و (80) و (111) و (112) من الدستور.
المادة (12) من القانون التي بينت الإيرادات المالية للشركة وارباحها واوجه توزيعها وذلك لتعارضها مع احكام المواد (78) و(80 / اولاً / وثانياً) و (106) و (111) و (112) من الدستور.
المادة (13 / ثانياً) من القانون التي نصت على (استثناء حوافز العاملين في الشركة من احكام قانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام رقم (22) لسنة 2008ويحدد ذلك بنظام بصدده مجلس الوزراء) لتعارضها مع احكام المادة (12/ ثانياً) من الدستور وتضمنها جنية مالية.
المادة (16) من القانون التي نصت في الفقرة (اولاً) منها على استثناء الشركة والشركات المملوكة لها من قانون الإدارة المالية وقانون الشركات العامة وقانون الجمارك وقانون إقامة الأجانب وقانون تنفيذ العقود الحكومية وتعليمات تسهيل تنفيذه وقانون بيع وايجار أموال الدولة ونصت الفقرة (ثانياً) منها على ( يصدر مجلس الوزراء وباقتراح من الشركة نظاماً يحل محل القوانين المستثناة) وذلك لتعارضها مع احكام المادة (5) من الدستور التي لا تجوز الغاء قانون ما بنظام او تعليمات.
المادة (18/ سادساً) من القانون نصت على (للشركة ان تساهم في تنمية القطاع الزراعي والصناعي والخدمي) وذلك لتعرضها مع احكام المادتين (78) و (80) من الدستور.
وتضمن قرار المحكمة رد وبقية الطعون الواردة في الدعاوى الموحدة لعدم تعارضها مع احكام الدستور والسياسة العامة للدولة.

ابرز الخروقات التي تضمنها القانون
وضعت الشركة نفسها في العديد من مواد القانون فوق مجلس الوزراء ووزارات النفط والمالية والتخطيط والبنك المركزي العراقي واختصاصاتها بموجب الدستور .
أوكلت لنفسها مهمة توزيع الثروة المتمثلة بإيرادات النفط التي هي ثروة الشعب وفقاً للدستور وهمشت مبدأ ملكية الشعب للثروة النفطية من خلال مؤسساته السيادية وفقاً للدستور .
جعلت عملية تسويق النفط ضمن مهامها من خلال ربط شركة سومو بها وهو من اختصاص وزارة النفط .
استبعد القانون شركة النفط في إقليم كردستان من تشكيلات الشركة خلافاً للدستور .
اعتمدت الشركة مبدأ زيادة الإنتاج للنفط والغاز بغض النظر عن الحاجة الفعلية .
حصرت بنفسها مهمة تطوير مختلف قطاعات الطاقة وهو خارج مسؤوليتها .
وضعت ضمن مهامها تنمية القطاعات الإنتاجية الأخرى وهذا من اختصاص وزارات وجهات أخرى .
اعتمدت مواردها كجزء من إيرادات تصدير النفط وكان عليها ان تعد موازنة خاصة بها تخصص لها الأموال من الموازنة الاتحادية.

أبرز الاستنتاجات:-
ان القضاء العراقي مازال بخير فكان موقف المحكمة الاتحادية العليا بنقض جميع مواد القانون التي تتعارض مع الدستور دون النظر ال أي تأثيرات جانبية يؤكد ذلك .
ان المجتمع المدني من خلال منظماته وشخصياته يمكن ان يلعب دوراً حاسماً في التصدي لكل المظاهر السلبية في الدولة من خلال الإمكانيات المتاحة له ومنها اللجوء للقضاء للحفاظ على ثروة العراق .
ان مجلس النواب العراقي وبعد نقض نصف مواد القانون من قبل المحكمة الاتحادية العليا لعدم دستوريتها كان تقصيره واضحاً لعدم اخذه ذلك بنظر الاعتبار النصوص الدستورية عند تشريعه للقانون وهو السلطة التشريعية الوحيدة في البلد مما يشير الى خضوعه لتأثيرات غير مشروعة مما شكل مثلبة بحقه .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب