لا عبرة بعدالة لا تنفذ أحكامها .
أستذكر هذه الحقيقة وفي الذهن قرار المحكمة الإتحادية الصادر في ٢٠٢٢/٢/١٥ الذي قضى بإلزام إقليم كردستان بتسليم كامل إنتاج النفط المنتج من الحقول النفطية في إقليم كردستان والمناطق الأخرى إلى الحكومة الإتحادية ، فها قد مضت ثلاثة أشهر ونصف على صدور القرار أعلن رئيس الإقليم خلالها صراحة رفض تنفيذه ، دون أن يصدر عن الحكومة الإتحادية التي صدر القرار لصالحها موقف واضح .
هيبة القضاء ركن أساسي من أركان هيبة الدولة ، ودون احترام أحكامه يصبح الحديث عن سيادة القانون وهماً .
لقد سعى التشريع إلى دعم القضاء واستقلاله واحترام ما يصدر عنه من أحكام ، ومنح الدستور قرارات المحكمة الإتحادية العليا علويّة بالنص في المادة (٩٤) منه على أن قراراتها باتة وملزمة للسلطات كافة ، كما وضع المشرع عدم الإمتثال لأحكام القضاء تحت طائلة التجريم بالنص في المادة (٣٢٩) من قانون العقوبات على فرض عقوبة الحبس والغرامة أو إحدى العقوبتين بحق كل موظف أو مكلف بخدمة عامة يستغل سلطة وظيفته لوقف أو تعطيل تنفيذ أي حكم أو أمر صادر من إحدى المحاكم.
ومثلما جرت العادة عند رفض تنفيذ حكم ما ، جاء التبرير بأنه غير صحيح وأنه صدر بفعل تأثير ودوافع سياسية ، ولو سلّمنا بهذا التبرير جدلاً لأصبحت أحكام القضاء نهباً للرغبات والمصالح !.
المبدأ الذي يجب على الجميع الإلتزام به في الدولة هو وجوب الرضوخ لنصوص القانون وأحكام القضاء ، فلا محل لرفض تنفيذ حكم قضائي بات وليس القضاء ملزماً بتوفير القناعة بأحكامه لطرف أو آخر ، ولا مصدر لأحكام القضاء سوى القانون .
قد لا تتوفر القناعة لدى أيّ منّا بقرار قضائي بسبب اختلاف التفسير والإجتهاد، لكن القرار يظل في النهاية واجب الإتباع .
دون شك فإن الرفض المذكور لتنفيذ قرار المحكمة الإتحادية يمثل موقفاً مرفوضاً للتعامل مع السلطة القضائية .
لعل حكومة الإقليم تعلق الآمال على صدور قانون جديد للنفط والغاز ، لكنّ تنفيذ القرار الصادر المذكور يظل واجباً ، كما أن القانون القادم إذا ما شُرّع وتضمن نصوصاً تخدم موقف الإقليم فإنه يظل عرضة للإلغاء بداعي عدم الدستورية في ظل المادة (١١١) من الدستور التي تنص على أن النفط والغاز ملك كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات .