18 نوفمبر، 2024 12:56 ص
Search
Close this search box.

قرار الغاء الوزارات الخدمية وتبعاته

قرار الغاء الوزارات الخدمية وتبعاته

ان قرار رئيس الوزراء – ان خمس من وزارات الدولة الخدمية غير السيادية ستتحول صلاحياتها الى المحافظات – هو اعتراف متأخر بفشل وعجز وزارات الدولة والقطاع العام المركزي .
فبإلغاء الوزارات الخدمية نقطع سلسلة المراجع الممتدة وصولا ً لبغداد ونختصره الى اقصى حد بأن يصبح المسيطر عليها ومرجعها مجلس المحافظة والمحافظ وبذا يتم التحكم الاقرب بها مما سيجبر المدراء العامين على الابتعاد عن الفساد الاداري لأن مراقبتهم ستكون فورية وقريبة ونكون لاول مرة امام فرصة حقيقية للتغلب على ا لفساد الاداري والمالي المستشري منذ اجيال .
كما ان هذا يعني ان السبب الذي ادى الى تخلف الخدمات وتراجعها وهو المحاصصة والتنافس في بغداد لن تحصل هنا لأنه بعد ان كان هناك رأس واحد تنافست عليه الكتل توزع هذا الرأس الى (18) راس صغير مما سيفرغ المحاصصة من جدواها .
صحيح ان البعض سيقول ان مجالس المحافظات تتكون من كتل لذا سينتقل التنافس اليها .لا هذا غير دقيق لان اذا افترضنا اختيار رئيس المجلس من كتلة مسيطرة معينة وانه سيلاقي عراقيل من الكتلة الاخرى هذا لن يحصل لأن هذه الكتلة المعارضة المغايرة ستكون هي المسيطرة في محافظة اخرى والمسيطرة هناك ستكون الأقل سيطرة هنا أي حصل تبادل ادوار مما يسهل حصول اتفاق دعني انجح هنا وسأدعك تنجح هناك
كما ان هذه الخطوة ستؤدي الى وضوح المسؤولية ووقوع اللوم على جهة محددة بذاتها عند الفشل مما سيعطي فرصة حقيقية لتحقيق المستحيل تصوره من الشخصية السياسية وهو عدم تدخلها باختيار المدراء العامين وعدم اشتراطها ان يكونوا من كتلها بل هذه الخطوة ستشجعهم وتجبرهم على ان تكون الادارات بالمحافظات تشغل من شخصيات مستقلة ذات كفاءة لان النجاح سيجير لها والفشل سيقع مباشرة عليها .
كما انه يوفر شيء اساسي جدا ً وجوهري لدينا وهو المنافسة لا اعني المنافسة مع الاخر فهي معدومة لدينا لكن اعني بها المنافسة فيما بيننا وهي حجر اساسي من كل شخصية محبطة خسرت معاركها مع الحياة وتبخرت ارادتها .
لانه عند التراجع والتخلف وضياع الارادة تستفز المنافسة بين المجاميع لانها الشيء المتبقي الوحيد لاحترامنا لذاتنا وهو ما نسميه بالعامية ( الغيرة ) من بعضنا
فقبائل قريش غير المتحضرة والمتخلفة لم تكن تطمح لمنافسة الإمبراطوريات الى جانبها لكنها كانت ذات طابع تنافسي حاد والفخر بينها كان على أشده ونحن نفس الشيء الان فاعطاء الصلاحيات الى محافظات يشعل التنافس فيما بينها وسيضطرها للتطور ان هذا لوحده دافع اكثر من كاف لأنجاح هذه الخطوة ونحن لطالما قارنا انفسنا باقليم كردستان كلما تكلمنا عن فشل محافظاتنا فلا نقارن انفسنا بالكويت او الاردن بل بمحافظات عراقية – شبه مستقلة – لأننا نعدها من نظرائنا .
ان خصلة المقارنة مع النظراء قوية ومتأصلة بالذات الانسانية ولا تتخلى عنها حتى وهي بأسوأ حال ممكن تصوره [ بسم الله الرحمن الرحيم ” وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذَين أضلانا من الجن والأنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين۝”  29فصلت ] فالانسان وحتى وهو باسوا مكان في الوجود ممكن تخيله فانه لا يتخلى عن هذه الخصلة فيه ويبقى يقارن نفسه مع اقرانه حتى وهو في جهنم .اذن نستطيع ان نستفيد من هذه الصفة ونسخرها لتأتي بثمار ايجابية
اذا اردنا ان نتطور فليس امامنا الا ان نطور القطاع العام وهو قطاع يستحيل تطويره وتغييره الا بطريقة واحدة وحيدة وهي تفتيته فهو مترهل , متكاسل , بليد وفاسد وغسلنا أيدينا منه بكل شطوط وبحار العالم وهو سبب تخلف العراق
لكن وللأسف لم نبادر لهذه الخطوة واضعنا عشرات المليارات وعشرات السنوات كله من اجل الحفاظ على داء المركزية وداء العاصمة الذي يتولع به كل من يحكم العراق .

أحدث المقالات