7 أبريل، 2024 10:33 ص
Search
Close this search box.

قرارات مجلس الوزراء … وحدود التخويل الدستوري

Facebook
Twitter
LinkedIn

القسم السادس
الطامة الكبرى أن يحصل الخطأ الفادح بمخالفة الدستور والقانون من قبل مجلسي النواب والوزراء في آن واحد ، عند ممارسة مهامهما وواجباتهما خلال مدة عملهما بشكل طبيعي ، ومثالنا في ذلك ما تضمنته ورقة الإصلاح الحكومية التي قدمت بموجب قرار مجلس الوزراء المرقم (307) في 9/8/2015(1) ، التي أقرها مجلس النواب بالإجماع في الجلسة التي شارك فيها (297) نائبا من أصل (328 (نائبا ، وفي يومها كتبت على صفحة التواصل الإجتماعي ( بأن إجراءات السيد العبادي ، ذر للرماد في العيون ، وإمتصاص لغضب الجماهير المتظاهرة ، وتخدير مؤقت لثورة الشعب ، كونها للإستهلاك المحلي ، ورمي للكرة في ملعب مجلس النواب ، فهل هي حقا متطابقة مع أحكام الدستور والقانون ؟، أم إنها مخالفة لهما ، وذلك ما سنوضحه على وفق القواعد المتسلسة ، من حيث القوة التشريعية الملزمة ، وبهذا ندعو إلى عدم التعجل في إصدار الأحكام ، وأن يحاط الموضوع بحكمة العقل ، وعدم الركون إلى سيطرة قوة العواطف والأهواء ، لمعالجة الأمور بشكل سطحي ومؤقت ، ينتهي بعودة الملغى بذات سرعة الإلغاء ، حيث أرى البعض متفائلا ومندفعا إلى حد العيش في صورة وحالة سراب ما بعد التغيير ، ولأني من الناصحين بأن تنتظروا رؤية صدق النوايا والمواقف بالإجراءات ، لأن السياسة فن الكذب وخلط الأوراق والتلاعب بالألفاظ ، وأفضل ما قيل فيها أنها فن الممكن ، ولا أجد في تصورات ورؤى أركان العملية السياسية وأتباعها بعد الإحتلال ، إلا تحقيق مصالحهم ومنافعهم على حساب معاناة وآلام الشعب ، فهل سندرك حجم المؤامرة الهادفة إلى قتل العراق ، بعدما قتل أهله الأصلاء ، على يد الغرباء أصلا وانتماء ) .لقد صدق توقعنا فيما تضمنته المحاور الخمسة لورقة الإصلاح بشكل عام ، ومنها :-

1- إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء فورا . الذي قررت المحكمة الإتحادية العليا بقرارها المرقم (119) في 10/10/2016(2) ، عدم دستورية الإلغاء .

2- كما تضمن المحور الخاص بمكافحة الفساد ثلاث نقاط لم نلمس من نتائجها شيئا وهي :-

أ- تفعيل دور مجلس مكافحة الفساد ، ويتولى السيد رئيس الوزراء رئاسته ، وإطلاق حملة ( من أين لك هذا ) إلى جانب مهام المجلس الأخرى ، وبالتعاون مع القضاء .

ب- تنشيط دور المؤسسات الرقابية والكشف عن المفسدين ووضع معايير لتقييم أداء المؤسسات الرقابية ، ويقتضي ذلك تفعيل دور هيئة النزاهة الوطنية وإعادة النظر في مكاتب المفتشين العموميين ، والتركيز على المهام الأساسية لمكاتبهم بما يقتضي ذلك من ترشيق هذه المكاتب وإيقاف الترهل فيها من أجل أن تكون فاعلة .

ج- فتح ملفات الفساد السابقة والحالية تحت إشراف لجنة عليا لمكافحة الفساد ، تتشكل من المختصين وتعمل بمبدأ ( من أين لك هذا ) ، ودعوة القضاء إلى إعتماد عدد من القضاة المختصين ، المعروفين بالنزاهة التامة للتحقيق فيها ومحاكمة الفاسدين ، ووضع سقف زمني لحسم قضايا الرقابة وكشف الفساد والإعلان عنها طبقا للقانون .

3- بتأريخ 10/8/2015 أعلن رئيس مجلس النواب عن تقديمه ورقة اصلاح برلمانية تتضمن (11) أحد عشر فقرة ، تنص على الدعوة إلى المباشرة بعملية ترشيق الهيئات ودمج المديريات القابلة للدمج للقضاء على الترهل ، ودعوة رئيس مجلس الوزراء إلى إقالة كل من يثبت تقصيره في الإدارة وتحقيق مصالح الشعب . وعلى إقالة أعضاء مجلس النواب ممن تجاوزت غياباتهم من دون عذر مشروع ، أكثر من ثلث جلسات المجلس من مجموع الفصل التشريعي الواحد ، والنظر في أداء رؤساء اللجان النيابية ، وتقليص أعداد أفراد حماية المسؤولين إلى النصف خلال 15 يوما ، ومحاسبة المقصرين في الدفاع عن العراقيين ممن تسببوا في تسليم الأرض والسلاح إلى جماعات إرهابية ، وإيجاد حلول عملية لمشكلة النازحين بما يحفظ لهم حياة كريمة ، إلا أن واقع الحال شاهد على عدم تنفيذ حزمة الإصلاحات تلك ، بما يقتضي ويتطلب فعله وليس قوله ؟!، ولا تحتاج مأساة إحتلال عصابات داعش لمحافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار وبعض أجزاء محافظات كركوك وديالى وحزام بغداد ، وما رافقها من إرتكاب الجرائم الكبرى ، وخاصة ما يتعلق بجريمة قاعدة سبايكر إلى دليل أو برهان ؟!.

4- لقد كشفت قرارات مجلس الوزراء عن أخطاء إدارية وقانونية ، إتخذ منها سبيلا لتنفيذ ورقة أو حزمة الإصلاحات ، في مجال تخفيض مقادير الرواتب والمخصصات لذوي المناصب والوظائف ، دون إعتراض مجلس النواب أو تصحيح أية جهة رقابية إدارية أو مالية مختصة في ذلك ، وكما يأتي :-

آ- إصدار قرارات تجاوزت حدود المخول به من الصلاحيات بموجب المادة (80/ثالثا) من الدستور ، حيث ( إصدار الأنظمة والتعليمات والقرارات بهدف تنفيذ القوانين ) ، وليس إصدار القرارات التي لها قوة القانون كما هو معمول به ؟!، بدليل مضامينها التي لا يجوز المساس بها إلا بموجب قانون يشرعه مجلس النواب ويصدره رئيس الجمهورية ، كما أوضحنا ذلك في المقالات سابقة البيان ، إضافة إلى القرار رقم (333) لسنة 2015 الخاص بتخفيض الرواتب والمخصصات .

ب- لقد كشف قرار مجلس الوزراء رقم (282) لسنة 2015(3) المتضمن ( تخفيض مخصصات رئيس مجلس الوزراء ونوابه بنسبة (50%) ، ويكون مقدار ما يتقاضاه رئيسا الجمهورية ومجلس النواب بمقدار راتب ومخصصات رئيس مجلس الوزراء بعد التخفيض ، ومقدار ما يتقاضاه نائبا رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب بمقدار راتب ومخصصات نائب رئيس مجلس الوزراء بعد التخفيض ، وتخفيض ما نسبته (45%) من مخصصات الوزير ومن هم بدرجتهم ومن يتقاضى رواتبهم (ومنهم النواب) ، وما نسبته (40%) من مخصصات وكلاء الوزارات والمستشارين وأصحاب الدرجات الخاصة والمديرين العامين ومن هم بدرجتهم ومن يتقاضى رواتبهم ، وما نسبته (30%) من مخصصات موظفي الرئاسات الثلاث والهيئات والمديريات المرتبطة بها ) ، عن عدم وجود قانون خاص بمنح المكافآت والمخصصات لذوي المناصب ؟!، كونهم من غير الموظفين ، وفي ذلك خلل كبير ، يستوجب بيان السند القانوني الذي تم بموجبه تخصيص ومنح ( المكافآت والمخصصات مجهولة المقادير ) ؟!.

كما يتوجب إصدار قانون خاص بشؤون خدمة موظفي الدرجات الخاصة ، الذين يتقاضون رواتبهم على وفق المحدد بموجب الدرجتين العليا ( أ و ب ) من جدول الرواتب والعلاوات السنوية الملحق بقانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام رقم (22) لسنة 2008-المعدل ، لعدم سريان أحكامه عليهم . وكذلك هو الحال بالنسبة لموظفي الرئاسات الثلاث والهيئات والمديريات المرتبطة بها ، عملا بأحكام المادة (19) من القانون المذكور ، حيث ( يستمر موظفو الهيئات الرئاسية الثلاث ( مجلس النواب العراقي ورئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ) وموظفو وزارة الدفاع ووزارة الداخلية من العسكريين بتقاضي المخصصات الممنوحة لهم حاليا بدلا من المخصصات المنصوص عليها في هذا القانون لحين صدور قوانين الخدمة الخاصة بهم ) ، وقد مضى على ذلك أكثر من عشر سنوات ؟!.

ج- في ضوء خيار تخفيض رواتب الدرجات العليا وزيادة رواتب الدرجات الدنيا ، صدر قرار مجلس الوزراء المرقم ( 366 ) في 13/10/2015 (4) ، القاضي بتعديل جدول الرواتب الملحق بقانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام رقم (22) لسنة 2008-المعدل ، محققا تحسنا بين مستويات الدرجات الدنيا والدرجات العليا ، والحد من الفروقات من حوالي (6,8) إلى (5,35) درجة في سلم الرواتب . وقد تبع ذلك إستقطاع نسبة (3% و 3,8%) من رواتب الموظفين والمتقاعدين إعتبارا من 1/1/2016 ولغاية 1/1/2018 ، لدعم النازحين والحشد الشعبي ، في ظل خلاف مبهم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بشأن الجهة التي أوصت بذلك ؟!، وقد ظهرت بوادره قبيل إنتخابات العام 2018 ؟!. مع إن ذلك ليس من صلاحية مجلس الوزراء ، حيث نص البند (ثانيا) من المادة (3) من قانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام رقم (22) لسنة 2008- المعدل ، على أن ( لمجلس الوزراء تعديل مبالغ الرواتب المنصوص عليها في جدول الرواتب الملحق بهذا القانون في ضوء ارتفاع نسبة التضخم لتقليل تأثيرها على المستوى المعيشي العام للموظفين ) ، أي أن التعديل محدد في حالة إنخفاض قيمة النقد وارتفاع أسعار السلع والخدمات ، بمعنى زيادة مقادير الرواتب لتقليل تأثير التضخم على المستوى المعيشي العام للموظفين وليس تخفيض رواتبهم ، ولوقوع ذلك ضمن صلاحية مجلس النواب لتعلقه بتعديل قانون الرواتب ، كما نص البند ( ثالثا ) من المادة (3) ذاتها ، على أن ( يجري تعديل مبالغ الرواتب المنصوص عليها في البند (ثانيا ) من هذه المادة باعتماد سنة أساس ، ويعتبر تأريخ نفاذ هذا القانون سنة الأساس الأولى ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لم ينشر القرار المذكور في جريدة الوقائع العراقية لنتمكن من تدوين نصه ، وما نقلناه كان نقلا من موقع الأمانة العامة لمجلس الوزراء ، للمنشور بتأريخ 29/7/2015 .

2- نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد ( 4074) في 12/5/2008 .

3- نشر القرار في جريدة الوقائع العراقية بالعدد ( 4385 ) في2/11/2015 ، وأعتبر نافذا إعتبارا من 1/11/2015 .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب