7 أبريل، 2024 2:06 ص
Search
Close this search box.

قرارات مجلس الوزراء … وحدود التخويل الدستوري

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

القسم الثالث

2- قرار مجلس الوزراء رقم (81) في 23/2/2010 (1) .

بناء على ما عرضه السيد وزير الزراعة وكالة ( د. أكرم موسى هادي الحكيم ) ، بشكل طارئ خلال جلسة إجتماع مجلس الوزراء ، قرر مجلس الوزراء بجلسته الثامنة الإعتيادية ، المنعقدة بتأريخ 23/2/2010 ، الموافقة على ما يأتي :-

(( إطفاء المبالغ التي سبق وأن إستلمها الموظفون كافة بعنوان مستحقات رواتب ومخصصات ، وظهر لاحقا عدم إستحقاقهم لها نتيجة خطأ الإدارة في تقييم الإستحقاق ، وذلك إستنادا إلى الصلاحية المخولة لمجلس الوزراء بموجب أحكام الفقرة (11) من القسم الرابع من قانون الإدارة المالية والدين العام رقم (95) لسنة 2004 المعدل )) .(2)

هل أن ما عرضه وزير الزراعة ( وكالة ) مستند إلى قانون نافذ ومعتمد ؟، من أجل أن يتخذ مجلس الوزراء قراره بإطفاء المبالغ التي تسلمها الموظفون من غير إستحقاق ؟!، وهل أن مجلس الوزراء متأكد من أن الصلاحية المخولة إليه بموجب القانون المشار إليه صحيحة ؟، أم إنه مجرد إجتهاد غير مسؤول !، وهدر للمال العام على حساب مبادئ حمايته وتحقيق منافع الدعاية الإنتخابية في حينها ؟!، أسئلة لا بد من إثارتها وصولا إلى بيان السند القانوني الذي بموجبه أصدر مجلس الوزراء قراره ، لتسهيل تنفيذ ما لم يتم وفقا لأحكام الدستور الدائم .

إن تدافع الموظفين بعد الإحتلال على تحقيق المكاسب الوظيفية الشخصية ، وإن كانت بوسائل وسبل التلاعب والإلتواء وحيل المساعدة على خرق القانون والإلتفاف عليه ، بتزييف الحقائق والوقائع وتزوير المستمسكات والوثائق ، وإنتهاز فرصة غياب القانون ورواج سلع الفساد الإداري والمالي ، والدفـع بإتجاه إنضـاج ثمارها وإستثمار تداعياتها ، مع ضعف الكفاءة الإدارية والقانونية الممزوجة بسوء النوايا والمقاصد ، والإصرار على إتباع ما فرضته أهواء ورغبات من لا يفقه في أصول التطبيق السليم لقواعد القوانين والأنظمة والتعليمات العراقية الأصيلة ، ولأن ما ترتب على ذلك من إسراف أدى إلى إلحاق الضرر البالغ بالمال العام ، فإن تطبيق نص المادة (61) من قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960-المعدل ، التي تقضي بأن (1- للوزير المختص أن يضمن الموظف ، الأضرار التي تكبدتها الخزينة بسبب إهماله أو مخالفته للقوانين والأنظمة والتعليمات المرعية ، وللموظف حق الإعتراض على قرار الوزير المختص لدى المحاكم المدنية ، خلال ثلاثين يوما من تأريخ تبليغه ) و ( 2- لا يمنع خروج الموظف أو المستخدم من الخدمة بأي شكل كان ، من تضمينه وفق الفقرة (1) من هذه المادة ) ، هو السبيل لمعالجة الخلل وتقدير الضرر وتحديد مسؤولية التقصير وضمان حقوق الخزينة ، وليس إطفاء المبالغ التي تسلمها الموظفون بعنوان مستحقات رواتب ومخصصات ، وظهر لاحقا عدم إستحقاقهم لها ، لأن ذلك يتعارض ومفهوم الذمة واجبة الرجوع بالسداد ، حيث لا يجوز تملك الأموال العامة بالتقادم ، كما إن الفقرة (11) من القسم (4) من قانون الإدارة الماليـة والدين العام ، نصت على أن ( يخضع وزير المالية للقيود التي يضعها مجلس الوزراء ، ولوزير المالية التنازل عن حق الحكومة الفدرالية ، في إستحصال مبلغ مستحق الدفع أو إرجاء موعده أو تقسيطه ، كل ذلك يجب أن يكون بموجب الشروط والإجراءات المحددة قانونا ) .

وعليه لا يوجد سند قانوني لإعفاء المتسبب بالضرر من سداد ما بذمته من المال العام ، لأن تلك الأموال ليست من مبالغ الديون مستحقة الدفع ، ولا الواقعة ضمن صلاحية تنازل وزير المالية عن حق الحكومة الفدرالية في إستحصالها ، كما لا يجوز التصرف بأموال الدولة بهذا الشكل والقدر من السخاء غير المرخص به ، إلا إذا كان على وفق قاعدة ( وهب الأمير ما لا يملك لمن لا يستحق ) ، وبذلك فإن عدم إسترداد المبالغ المصروفة لعدم الإستحقاق ، يعد سابقة خطيرة في إدارة المال والدين العام ، وخرقا لقواعد حماية الراتب التي تجيز خصم ما صرف للموظف بغير وجه حق بالإسترداد ، ولا نريد الخوض في مسائل الحلال والحرام وأكل السحت وإجترار المحرمات ، ولكن إعفاء المتسبب بالضرر يعد مكافأة له على فعل مخالف للقانون ، بدلا من إخضاعه لإجراءات الحماية المدنية والجنائية التي أقرها القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951- المعدل ، بإعتبار المال العام مملوكا للدولة ومخصصا للنفع العام ، الذي حرصت الدولة على العمل بموجبه وتجسيد تنفيذ أحكامه ، وليس الإستناد إلى أوامر سلطة الإحتلال المؤقتة للعراق ، وإن إتفقت مع القانون العراقي في هذا المجال ، حيث جاء في نص الفقرة (10) من قانون الإدارة المالية والدين العام المذكور (… لا يجوز للشخص المخول أن يخفق بإستعمال أموال الحكومة الفدرالية ، أو التصرف بها على نحو غير ملائم ومخالف لهذا القانون ، ومخالفة هذا القانون تخضع إلى العقوبات الجنائية والإدارية بموجب التشريعات العراقية ) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لم ينشر القرار في جريدة الوقائع العراقية ، إنما عمم على الوزارات كافة بموجب كتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء ( دائرة شؤون مجلس الوزراء ) ذي العدد ( ش ز /10/1/إعمام 7221) في 25/2/2010 ، بعنوان ( إطفاء مبالغ بذمة الموظفين ) ؟!.

2- القانون ملحق بأمر سلطة الإحتلال المؤقتة للعراق المرقم (94) في حزيران 2004 ، وليس بالرقم (95) كما ورد بنص القرار أعلاه ، وقد نشر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (3984) في 4/6/2004 .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب