23 ديسمبر، 2024 3:40 م

قرارات حازمة بانتظار حكومة العبادي بسبب نقص الاموال

قرارات حازمة بانتظار حكومة العبادي بسبب نقص الاموال

ان المعلومات التي ترد في هذه المقالة تستند الى قراءة موضوعية للمعطيات , والغرض من نشرها ليس إثارة القلق لدى المواطن العراقي ولكن لتذكير من يعنيهم الامر بخطورة الوضع الاقتصادي الذي يمر به بلدنا العزيز , فبعض السياسيين منشغلين بخلافاتهم وتحقيق اهدافهم في حين ان الاقتصاد الوطني على حافة الخطر المؤكد فهو يتهاوى يوما بعد يوم , بسبب وجود مغالطات وحسابات خاطئة او متفائلة في تحديد ايرادات الموازنة الاتحادية لسنة 2015وهناك من يستسهل المشكلة من خلال تضخيم ارقام عجز الموازنة او زيادة صادرات النفط , فبموجب الانتكاسات في اسعار النفط والالتزامات السياسية والاقتصادية التي ترتبت بذمة الدولة , فان مجموع الايرادات النفطية لسنة 2015 ستكون بحدود 38 مليار دولار في ( أحسن ) الاحوال على أساس احتساب سعر برميل النفط ب 62,8دولار للبرميل ضمن أسعار ( برنت ) الذي يباع لأمريكا و آسيا , وهو السعر السائد في الاسواق العالمية بتأريخ كتابة هذه المقالة .

وقد تم وضع ايرادات بحدود 38 مليار دولار على فرض معدل الصادرات هو 3 ملايين برميل يوميا بعد الاتفاق الاخير مع حكومة اقليم كردستان , حيث كانت معدلات التصدير 2,16 مليون برميل يوميا لسنة 2011 و2,12 مليون برميل لسنة 2012 و2,39 مليون برميل لسنة 2013 و 2,47 مليون برميل لسنة 2014 , كما ان السعر الذي تم اعتماده لهذه الايرادات هو 62,8دولار لكل برميل وهو السعر السائد لمزيج برنت في الاسواق العالمية بتاريخ 12/ 12/2014 , وكما هو معلوم فان ( سومو ) تبيع النفط حاليا بسعر يقل 3 دولارات عن الاسعار العالمية ضمن سياسة الاسعار المحفزة لحجز مساحة في الاسواق العالمية بمعنى ان سعر النفط العراقي 8, 59 دولار لكل برميل , ويتم الخصم من هذا السعر لفرق الكثافة لان نفوطنا يفترض ان تكون من النفوط الخفيفة بكثافة 34 درجة ولكن مزجها بنفوط متوسطة وثقيلة جعلها بدرجة كثافة 27 درجة مما يعني خصم 2,8 دولار عن كل برميل لان كل انخفاض في الكثافة قيمته 40 سنت , كما يتم خصم 0,5 دولار عن فرق الماء و 0,2 دولار عن تأخير التحميل .

وبموجب هذه الحسابات فان صافي سعر البرميل سيكون 56,3 دولار وبذلك سيكون مجموع الإيرادات 6, 61مليار دولار في حالة تصدير 3 ملايين برميل يوميا على مدار 365 يوم في السنة , وسيتم استقطاع 10,5 مليار دولار لحساب اقليم كردستان عن حصته البالغة 17% بموجب الاتفاق الاخير ( الذي استبعد النفقات الاخرى ) كما سيتم استقطاع 1 مليار لحساب رواتب البيشمركة وبطرح ال 11,5 مليار دولار لإقليم كردستان فان المتبقي هو 50,1 مليار دولار وستطرح من هذا المبلغ 12,3مليار دولار لحساب شركات النفط الاجنبية التي عملت بموجب جولات التراخيص فمن حقها ( بموجب العقود الموقعة ) ان تأخذ حصتها نقدا او من كميات النفط , وقد تم احتساب المبلغ على اساس الاستحقاق القانوني الذي يعادل 600 الف برميل يوميا بسعر56,3 دولار للبرميل , وبعد طرح هذا الاستحقاق الذي يجب ادائه بالدفع فان ما سيتبقى هو37,8 مليار دولار , وليس من المرجح ان توافق الشركات على تأجيل استحقاقاتها لأنها مرتبطة بالتزامات مالية تترتب عليها غرامات وتكاليف .

ويتضح من خلال هذا العرض , بان كل انخفاض في الاسعار العالمية للنفط بمعدل دولار واحد لكل برميل يؤدي الى انخفاض الواردات النفطية للعراق بمقدار مليار دولار سنويا على الاقل , لان حجم الصادرات ( المتوقع ) هو 3 ملايين برميل يوميا وعدد أيام السنة 365 , ولأن التوقعات تتجه لانخفاض أسعار النفط الى 50 دولار خلال سنة 2015 فان الإيرادات النفطية ممن الممكن ان لا تتجاوز 25 مليار عند وصول البرميل الى50 دولار ( وهي ليست من امنياتنا كعراقيين ) , ورغم ان هذه النظرة متشائمة ولكنها السائدة حاليا في الاسواق العالمية , ويعود الانخفاض المتسارع في الاسعار الى زيادة المعروض النفطي في الاسواق العالمية حيث ان سقف الانتاج للدول الاعضاء في منظمة اوبك قد تم ابقائه على مستوياته البالغة 30 مليون برميل يوميا في اجتماعها الاخير المنعقد في 27/ 11 / 2014 , وقد اصبحت الدول الاعضاء تعطي اسعارا تفضيلية للمشترين لغرض اغرائهم لشراء النفط من دولهم بسبب التزاحم في المعروض النفطي .

وبموجب الواقع الحالي للأسعار والصادرات , فأن توقعات الإيرادات النفطية مهما تمت المبالغة في تفاؤلها فإنها سوف لا تكفي اطلاقا بإيفاء البلد لالتزاماته الداخلية المتعلقة بالرواتب والنفقات العسكرية والدعم المقدم للمتقاعدين والرعاية الاجتماعية والبطاقة التموينية وشرائح المتضررين من الشهداء والمسجونين وتعويضات حرب الكويت والنفقات الرئاسية والسيادية , وغيرها من النفقات التي تشكل قائمة طويلة من الالتزامات التي لا يمكن التخلي عنها او تخفيضها الا بحدود معينة لا تستطيع مواكبة انخفاض الايرادات , وسيكون اللجوء الى الاحتياطيات والاعتماد على المديونية الخارجية يمثل مخاطرة كبيرة , لأن اسعار النفط من الصعب ان تتعافى وترتفع الى مستوياتها السابقة والتي تجاوزت ال100 دولار للبرميل , والسبب ان تكاليف انتاج النفط الصخري قد انخفضت الى 50- 65 دولار لكل برميل , مما قد يعني بان الارتفاع ( ان حصل ) سيكون حده الاقصى 65 دولار , وهو ما يتطلب قرارات حازمة من قيل حكومة العبادي لا تقبل المجاملات لتسيير امور البلاد والعباد .