ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة أكرر التأكيد على امر ترسخ في الوعي والموقف الشخصي هو: اذا نهض العراق فمن الجنوب والوسط, وان انتكس فمن هناك ايضاً, هناك الروح الوطني للتاريخ والهوية, بيئة عريقة توارثت عبر بناء حضاري امتد لأكثر من سبعة الاف عام, تلك العراقة الرافدينية وحدها ستشد القطع الحضاري الذي احدثه الفتح العروبي الأسلامي قبل الف واربعمائة عام, لهذا اغلب النهضات والأنتفاضات ذات المضامين الثورية, ان لم تكن جميعها حراك يومي عراقي يهمس في سمع مجتمعات المنطقة ليذكرها بما كان علية وما سوف يكون.البركان العراقي الصامت احياناً لايمكن له ان يكون رماداً, ولا يمكن لمن يقترب منه او يمر عليه الا ويمتلكه الذعر والخوف من يقظته, انه القلق الأزلي الذي لازم انظمة الجوار, لهذا ومن بين الأجراءات التي اتخذتها تلك الأنظمة, فرض العوق الذاتي عبر الأختراقات القومية الطائفية ومجندي مختلف الطوابير المحلية التي اتخذت شكل التبعية والعمالة احياناً.بعد عام 2003 اصبحت احزاب الأسلام السياسي ذات النفس الطائفي كالمجلس الأسلامي الأعلى وحزب الدعوة والتيار الصدري ومجاميع مليشاتية اخرى وبكل واجهاتها المفتعلة, اصبحت الشلل القاتل لمجتمع الجنوب والوسط, الأخطر من ذلك كله النفوذ المراجعي والعقاب الجماعي للعقل العراقي, تلك المراجع وان تظاهرت بما ليس معنية به, لكنها في واقع الأمر تفتقر الى روابط الأنتماء بالوطن والولاء للمجتمع, فالأنتماء للبيئة الوطنية والولاء للأنسان العراقي لا يستحقها ويحملها الا بنات وابناء الوطن, انه لذة وجع عشق الأرض يورثه السلف للخلف, هوية لا يمكن استعارتها او ادعائها.احزاب تختزل الوطن في الطائفة والمذهب, لا يمكن لها ان تكون وطنية, كذبة ادعاء الأنتماء والولاء لا يمكن لها ان تمر مهما (رطنت) بمفردات الوطنية, في حالتها تلك ليس الا اذرعاً لأرادات خارجية محكومة بتبعية مطلقة كما لا يمكن لها ان تفلت من بيئة الخالات والجدات والزوجات ونسيج علاقات القربى والأندماج الروحي العاطفي وتاريخ المنافع العائلية مع مجتمع الأمتداد الشرقي للمذهب, تلك الكيانات غير مؤهلة ولا معنية باعادة بناء دولة او حماية وطن, انها قراد اسلاموي يتطفل على عافية العراق ثم يغادر الى (ذاك الصوب).حتى تضمد الذات جراحها ويقف العراق على قدميه في جنوبه ووسطه, يجب ان يُسقط عن ظهره احزاب التخلف الطائفي ثم يعيد المراجع الدينية الى صلب وظيفتها من داخل بيوت العبادة, هنا فقط سيستعيد العراق مكانته وامتلاكه لكامل جغرافيته وسيادة دولته, ان التحرر من السيد الفاسد والتقي المزيف والواعظ المحتال وسارق الله والوطن وارزاق الناس عبر سحب غطاء الثقة والأصوات عن عوراتهم او عبر انتفاضة شعبية سيشكل القفزة التي ترسم طريق الأجيال.ما بال العراق منكوباً بمكوناته ومراجعه وسياسييه ومثقفيه, يدفع ثمن بيئته وجغرافيته ومخزون ثرواته وارثه الحضاري, لماذا خُلق الأجمل ليدفع ثمن جماليته وليس مدللاً متسكعاً مترهلاً آمناً كما هم عليه القبحاء, ياليت شعبه لم يولد عقلاني حداثي جدلي ثائر ليعيش مترفاً بالكسل واللاابالية كما هم عليه البلداء, اسفي لهذا الشعب الجميل بعطائه المعرفي ان تحكمه وتتحكم به اغبياء لصوص الأسلام السياسي و (قچقچية) عشائر التعصب القومي وها انت يا عراق فاقد السكينة في مستنقع انظمة الجوار ورؤساء كتل التبعية.يبدو ان بيضة البركان العراقي ابتداءت تكسر كلسها التاريخي للأنكسارات والهزائم, فالنهوض الشعبي على عموم العراق الذي دق ابواب المنطقة الخضراء وكسر (قنفة) السلطة التشريعية الى جانب الحراك الوطني لجبهة الأصلاح من داخل مجلس النواب والتي ستكسر (قنفة) العملية السياسية برمتها, سيزيل عن وجه الوطن اثار اوحال الفساد والأرهاب لرؤساء الشراكات والتحاصص اللصوصي.حراك الشارع العراقي ونهضة جبهة الأصلاح من داخل مجلس الفساد, ظاهرة عراقية لا خيار لها الا ان تولد والأيام القادمة حبلى بولادات وطنية ربما سوف لن يستوعبها قراد الفساد لكنها ستقطع اعناق الفضائح ويغتسل وجه العراق من اثار النكبة.