9 أبريل، 2024 5:45 ص
Search
Close this search box.

قرابين ايران للاله الأميركي – وثيقة المجلس الأميركي للعلاقات الخارجية

Facebook
Twitter
LinkedIn

تقول علوم السياسة أن عقائد الدول ومبادئها هي إحدى أدوات قوتها الناعمة وموظفة لخدمتها ولم يحدث أبداً أن كانت دولة في خدمة عقيدة أو مبدأ أو دين , و قد يكون مناسباً تذكّر هذه الحقيقة الآن في الوقت الذي يشهد فيه العالم مخاضاً سياسياً يُتوقع أن يلد صفقة شاملة بين ايران والولايات المتحدة الأميركية . وعلى مدى السنوات الخمس الماضية كنت واحداً ممن يظنون أنه في لحظة حاسمة ستقايض ايران نفوذها في بلاد الشام وموقفها من اسرائيل و حكاية تسلحها النووي , بموقع خاص في العراق و بشرعنة اغتصابها للجزر الإماراتية وبنفوذ معترف به في الخليج العربي , وكنت أضرب مثلا عن علاقة ايران بسوريا وحزب الله و فلسطين , بمربّي المواشي الذي يعمد إلى تسمينها قبل بيعها حتى يحقق أعلى ربح على موائد المساومة , ولم أكن أتصور أن وثيقة صادرة عن المجلس الأميركي للعلاقات الخارجية ستعزز وجهة النظر هذه وتحسم الجدل باليقين !
 تأسس المجلس الأميركي للعلاقات الخارجية عام 1922 على يد اثنين من أكبر رجال الأعمال في زمنهما هما ” جون روكفلر ” و ” جون بيرمونت مورغان ” , وأرادا به أن يكون صلة الوصل بين الاقتصاد والسياسة , فهو يضم ممثلين عن المجّمع الصناعي المدني والعسكري إلى جانب أهم القادة السياسيين ونخبة المفكرين في أميركا مثل الرئيسين جيمي كارتر وبيل كلينتون , هنري كيسنجر وجون كيري وهيلاري كلينتون , جورج سوروس ونوح فيلدمان , ديك تشيني و توماس فريدمان الى جانب حوالي أربعين عضو آخرين جميعهم أعضاء مجالس إدارة في الشركات الأميركية العملاقة أو مستشارين لديها .
………………………….
نص الوثيقة :
المجلس الأميركي للعلاقات الخارجية – 31-3- 2006
تقدمت وزارة الخارجية الايرانية عبر السفير السويسري ” تيم غالدمان ” الذي يتولى رعاية المصالح الأميركية في طهران , باقتراح شامل تعتقد أنه يعالج كافة نقاط نزاع ايران مع الولايات المتحدة الاميركية , وقد أكد السفير” غالدمان” أن هذا الاقتراح قد صيغ بمعرفة كل من المرشد الأعلى علي خامنئي , الرئيس محمد خاتمي , وزير الخارجية كمال خرازي وشقيقه صادق خرازي سفير ايران في فرنسا , وجواد ظريف ممثل ايران في الامم المتحدة .                   
وفي مقدمة مقترحهم قال الايرانيون أنهم يعرفون أن أسلحة الدمار الشامل ودعم الارهاب قضيتان مهمتان بالنسبة للولايات المتحدة , وبالتالي فهم مستعدون لوقف دعمهم لمنظمتي حماس والجهاد الاسلامي والضغط عليهما لوقف هجماتهما على اسرائيل , وكذلك هم مستعدون لتأييد نزع سلاح حزب الله وتحويله الى حزب سياسي ؛ و قد عرضوا بالنسبة للموضوع النووي فتح برنامجهم النووي بالكامل أمام عملية تفتيش دولية غير مقيدة من أجل إزالة أية مخاوف قد توجد لدينا , وسيوقعون على البروتوكول الإضافي الخاص بمعاهدة عدم الانتشار النووي , وعرضوا امكانية مشاركة أميركية كثيفة في هذا البرنامج كضمانة إضافية وإيماءة على حسن نواياهم ؛ كما ورد في المقترح استعداد ايران للتعاون الكامل في محاربة الارهاب وخاصة تنظيم القاعدة . وفي الموضوع العراقي قالت الرسالة أن ايران ستعمل بنشاط مع الولايات المتحدة على دعم الاستقرار السياسي في هذا البلد وإقامة المؤسسات الديمقراطية فيه , والأهم من ذلك المساعدة على تشكيل حكومة عراقية غير دينية , وأكدت كذلك على أن ايران ستقبل إعلان بيروت الذي أصدرته القمة العربية في شهر آذار 2002 بخصوص مبادرة ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز والتي عرض فيها  إبرام سلام عربي شامل مع اسرائيل مقابل انسحابها من كافة الأراضي العربية المحتلة , والقبول بدولة فلسطينية مستقلة مع حل مشكلة اللاجئين , و أن ايران ستعترف رسمياُ بالحل القائم على دولتين .
بالمقابل قدم لنا الايرانيون مطالب تكتيكية وأخرى استراتيجية , فعلى المستوى التكتيكي طالبوا بتسلم أعضاء منظمة  “مجاهدي خلق ” الموجودين في العراق في مقابل تسليمنا عناصر من تنظيم القاعدة معتقلين في ايران , وعلى المستوى الاستراتيجي طالب الايرانيون بوقف ما أسموه بالتدخل الأميركي بشؤونهم الداخلية وإنهاء كافة العقوبات الأميركية , واحترام المصالح القومية الايرانية في العراق , ودعم مطالبهم بالحصول على تعويضات عن الحرب التي شنها العراق عليهم في عهد الرئيس صدام حسين , واحترام حق ايران بالحصول دون قيود على التكنولوجيا النووية والبيولوجية والكيماوية , وأخيراً الاعتراف بالمصالح الأمنية الايرانية المشروعة في منطقة الخليج الفارسي .
………………………….
………………………….
لا تحتاج هذه الوثيقة لتعقيب مطوّل فهي كاشفة ناطقة , ولئن لم تلق المقترحات الايرانية تجاوباً من الولايات المتحدة في ذلك الوقت فلأن أميركا كانت لا تزال تعيش وهم النصر في العراق و ما أسماه الرئيس الأميركي جورج بوش ” انتهاء المهمة ” , ولكن الصورة الآن اختلفت تماماً عما كانت عليه عام 2006 , فاليوم بالذات وافقت الولايات المتحدة على مفاوضات مباشرة مع ايران حول ملفها النووي بعيداً عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعن الاتحاد الاوروبي ومجلس الأمن , فضلا عن خطاب الرئيس الأميركي أمس في الكونغرس والذي تضمن بلا مواربة التركيزعلى الاقتصاد الأميركي ومشاكل بلده الداخلية ومشيراً بوضوح إلى انكفاء أميركي عن مشاكل العالم الخارجي ,  ثم يضاف إلى ذلك الوضع الاقتصادي الحرج لأوروبا الغربية , و انكسار المشروع القومي العربي الذي أتاح لأنظمة البترودولار – بفكرها الظلامي المتصحّر وفتنها المذهبية واستعدادها لخدمة السياسة الأميركية بل والاسرائيلية – أن تصادر القرار العربي ,  كل ذلك يحمل نذر يوم تتحول فيه هذه الوثيقة الايرانية من مقترح على الورق إلى حقائق سياسية على الأرض . 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب