18 ديسمبر، 2024 11:22 م

قراءة وتحليل: في ألإتفاقيّة السعودية – الإيرانية

قراءة وتحليل: في ألإتفاقيّة السعودية – الإيرانية

تشكّل الإتفاقية السياسية ،بين المملكة العربية السعودية وإيران،ركيزة أساسية،لإعادة الأمن والإستقرار في منطقة الشرق الأوسط،(إذا) خلُصَتْ النوايا وصدقتْ،وأنا أشكّ بذلك وأجزم،إذْ لدينا نحن العراقيين،تأريخ طويل من الخداع والتضليل، والتسوّيف والعناد وخيانة الأمانة مع إيران،منذ عهد نبوخذنصر والى يومنا هذا، حيث إحتجاز الإسرى العراقيين في حرب الثمانينيات ، وحجز الطائرات المودعات لديها (186) طائرة، وغيرها هي آخر خيانات الأمانة ،إذن لايمكن الوثوق بنظام لايحترم الأعراف والقوانين الدولية ،وقدسيّة الجوار،لهذه الاسباب وغيرها، نقول نشك بصدق نوايا ايران في الاتفاقية مع السعودية، ولكن هل المملكة لاتعرف وتدرك مدى جدية ونوايا طهران في تنفيذ تعهداتها ، لاسيما ولها تأريخ حافل من الصراع العقائدي والسياسي،معلن وموثّق،وحرب بالإنابة بينهما في اليمن ولبنان،وسوريا،ومع هذا نقول أيضا أن الإتفاقية جاءت في وقت ،هو الاقسى لدى طهران وهي تعيش أضعف حالاتها ،في المنطقة،بسبب الحصار الأقسى في التاريخ،وتصاعد حدّة الخلافات بينها، وبين أمريكا وإسرائيل وأوروبا، والذي يهدّد بهجوم وشيك عليها ،بسبب القنبلة النووية الايرانية التي أصبحت قاب قوسين وأدنى من الحصول عليها،فالاتفاقية تفتح آفاقاً للمنطقة ، وحصول إيران على القنبلة النووية ، لايشكّل بنظري خطراً على العرب، بقدر خطرها الأول على إسرائيل والمصالح الإستراتيجية الأمريكية والأوربية في المنطقة والعالم،والإتفاقية  التي رعتّها الصين، هي رسالة مزعجة لأمريكا،فهي جاءت بعد توترات حادة بين السعودية ودول الخليج العربي ،مع إدارة بايدن،وبحضور لافت للرئيس الصيني في مؤتمر الدول الخليجية في الرياض،الذي قاد من هناك مراحل الإتفاقية بين طهران والرياض،لهذا نقول أنّ المتضرّر الأول هي المصالح الإستراتيجية الأمريكية وإسرائيل من الإتفاقية ،والدليل أن الإتفاقية فاجئت إدارة بايدن، ودون علِمها والتنسيق معها،خاصة بعد توجه المملكة العربية السعودية الى روسيا وتوسطها في قضية الأسرى في حرب روسيا اوكرانيا، وعقد صفقات السلاح والتعاون الأمني والعسكري بينهما،أدارتْ السعودية ظهرها لواشنطن،والسعودية عندما أعلنت عن الإتفاقية برعاية وضمانات صينية، فرضتْ شروطها القاسية على طهران، وبنود الإتفاقية التي لم تُعلن، ولكن السعودية ليستْ ساذجة الى هذا الحدّ، لكي تمرّر عليها طهران إتفاقية، لاتتضمن (شروطاً) شبه تعجيزية لها، أولها الأذرع الايرانية في المنطقة، وخطرها على أمن وإستقرار المنطقة ،وخطرها وتهديداتها للسعودية، والأزمة اليمنية والحوثيين، والوضع في لبنان وسوريا والعراق،أعتقد أن الإتفاقية وضعتْ إيران في الزاوية الأحرج لها في تاريخها ،لأنها تعيش وضعاً إقتصادياً حرجاً جداً، بسبب الحصار النفطي والاقتصادي،وتعيش حالة غليان شعبي وتظاهرات تهدد نظامها بالسقوط، ومعارضة تحظى برعاية امريكية لاول مرة، اسقبال ادارة بايدن لمريم رجوي ، وظهور ابن الشاه بفعاليات ضد نظام طهران،وتهديدات اسرائيلية وامريكية واوروبية وشيكة جداً ،بضربة لمفاعلاتها النووية بعد فشل زيارة مديروكالة الطاقة الذرية غروسني الاخيرة لطهران،وتصعيد إعلامي عالمي واسع ضد طهران،ومشاركتها في حرب بوتين ضد أوكرانيا، وتزويد بوتين بالمسيّرات والصواريخ الباليستية وغيرها، كلُّ هذا جعل من نظام طهران، منبوذاً ومحاصراً سياسياً وإعلامياً ،فالإتفاقية مع السعودية،(قدْ)، تخرجه من مأزقه السياسي، ولو مؤقتاً، ولكن لن تنجيه من الغضب الإسرائيلي – الامريكي أبداً،طالما تصرّ طهران على إمتلاك قنبلة نووية ،تهدّد مصالحهما الإستراتيجية مستقبلاً وحاضراً،نعم لاقتْ الإتفاقية ترحيباً واسعاً من دول الخليج العربي والعالم، ولكنها شكّلت صدمةً حقيقة لإدارة بايدن وإسرائيل،وهذا ما يجعل الإتفاقية صعبة التحقق،خاصة إذا لم تنفّذ طهران بنود الإتفاقية، في غضون شهرين، المدة التي إتفق عليها الطرفان،بضمانات صينية ،وفي هذه الفترة الحرجة ، قد تقْدِم إدارة بايدن وإسرائيل على إفشال ألإتفاقية، بالقيام بضربات جوية،كالتي تعلن عنها وتسرّبت معلومات بصددها،بعد إنتهاء المناورات الأمريكية – الإسرائيلية والأوروبية في في خليج عمان،الشهر الفائت،ممّا قد يقوّض الإتفاقية كلّها، ويضع المنطقة كلّها في كفّ عفريت ،كالذي وضعته في غزوها للعراق،وجميع الدلائل تؤكد وتشير، الى أنّ مايحصل من سيناريو ضد إيران ،هو مشابه تماماً لسيناريو غزو العراق، وهذا مبعث القلق الدولي،وعندها تصبح الإتفاقية لاقيمة لها ولاوزناً،لهذا نعدّها اليوم خطوة في الإتجاه الصحيح ،لفرض أمن وإستقرار المنطقة،اذا ما طبّقت طهران بنود الإتفاقية بحذافيرها، ونزعت فتيل حرب قادمة في الشرق الأوسط ،لاتُبقي  ولاتذر،وإثبات حسن النوايا وصدقيتها،المنطقة والعالم كله يفور ويغلي بسبب مايحدث في المنطقة، من تغول وتسليح وتغوّل دول، وتأجيج طائفي وقومي وعرقي،وتنّمر إرهاب متنوع الوجوه الوحشية،هدفه تدمير وتقسيم المنطقة، الى دويلات طوائف حقيرة،تدخل الشرق الاوسط بحروب لاتنتهي مدى الدهر، وهذا مايخشاه عقلاء المنطقة، ليس خوفاً على كراسيهم ومصالحهم فقط، وإنمّا خوفاً على مستقبل المنطقة كلها ، التي يُراد لها أن تدخل نفقاً مظلماً من الإحتراب ،لاتخرج منه ابداً، لهذا نعتقد أن الإتفاقية فرصة لإعادة النظر بكل ماتواجهه المنطقة، من تحديّات تستهّدف الجميع،وعلى أمريكا وإسرائيل أن تدّركا، أن الحرب على إيران لن يضمن مصالحهما الإستراتيجية في عموم العالم،وليس في الشرق الأوسط فقط، وإن مشروع إقامة الشرق الأوسط الكبير، لن يتحقق في المدى المنظور، بالحرب وإفتعال الحروب والأزمات ،وتقسيم وتجزئة وتدميرالدول،وإن التهوّر الأمريكي في غزوه للعراق، أنتج كل هذا الإرهاب العالمي، وأطلق الحروب في المنطقة، فعليها أن لاتنس أنها هي راعية الإرهاب الاول في العالم ،وجاءت بعدها إيران كنتيجة لغزوها للعراق،أمريكا هي الخاسرالاول،من الاتفاقية السعودية الإيرانية،لأنها خسرتْ الحليف التأريخي الأستراتيجي الأهم لها في العالم،وهو المملكة العربية السعودية،والصين الرابح ،فتوجه السعودية الى الصين وروسيا، تعد أكبر ضربة موجعة الى رأس إدارة بايدن ، ولهذا ستعمل إدارة بايدن ونتنياهو ،على إفشاله بكل الطرق ، وعلى إيران تفويت الفرصة ،وتنفيذ بنود الإتفاقية بإسرع وقت،واثبات حسن نواياها مع العرب،وتطبيع العلاقة مع دول الخليج العربي ، والتخلّي عن مشروعها القومي الديني الكوني، وتصدير ثورتها المزعومة لدول المنطقة، وقد أثبتت سنوات حرب الثمانينيات،فشل تصدير الثورة ، نعم الإتفاقية السعودية – الإيرانية ، فرصة لإعادة الإمن والإستقرار في المنطقة ولكن…!!!!