18 ديسمبر، 2024 9:45 م

قراءة نقدية للقراءأت القرآنية

قراءة نقدية للقراءأت القرآنية

مقدمة :
ليس الغرض من هذا المقال المختصر تقديم سرد لموضوعة قراءأت القرآن ، وذلك لأن الموضوع متناول وبالتفصيل ، مع الكثير من التفاسير ، وبمصادر لكبار الفقهاء ، ومن وجهات نظر مختلفة – وفق منظور المذاهب الأسلامية المتعددة ، وذلك في الكثير من المواقع المتخصصة .. ولكن ما سأقدمه هو وجهة نظري النقدية للقراءأت القرآنية . وسوف أقدم بعض الأضاءات المختصرة حول القراءات ، قبل عرض قراءتي الخاصة .

الموضوع : 1 . لغرض الأطلاع السريع للقراء عامة ، ولغرض أجمال الموضوع بداية ، أود أن أبين في ما سرد وباختصار في موقع / أسلام ويب ، حول ” ان الفرق بين القرآن والقراءات ” ( وقد بين الفرق بينهما الزركشي في البرهان في علوم القرآن فقال: واعلم أن القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان: فالقرآن هو : الوحي المنزل على محمد للبيان والإعجاز. والقراءات هي : اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في كتابة الحروف أو كيفيتها من : تخفيف ، وتثقيل وغيرها ..) .

2 . ويجب ان نفرق بين ” نزول ” القرآن على سبعة أحرف وبين القراءات السبع ، فهما موضوعين مختلفين ! ، وذات الموقع السابق يبين التالي ( فقد ثبت في الصحيحين عن ابن عباس : أن رسول الله “أقرأني جبريل على حرف فراجعته ، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف”. وقد اختلف العلماء في معنى هذا الحديث اختلافاً كبيراً ، وليُعلم أن العلماء اصطلحوا بعد ذلك على تقسيم قراءات القرآن إلى سبع قراءات ، حتى توهم عوام الناس أن القراءات السبع التي اصطلح عليها العلماء هي بعينها الأحرف السبعة الواردة في الحديث السابق ، وهذا خطأ . وقد اصطلح العلماء كذلك على تقسيم قراءات القرآن إلى عشر قراءات ، فأضافوا إلى القراءات السبع ثلاث قراءاتٍ أخرى ، كلها متواترة .. ) .

3 . قراءة القرآن ، قراءات مختلفة ، ولكل جماعة قراءة خاصة محددة لها ! ، فهذا موقع / نون للقرآن وعلومه ، يبين بعضا من هذه الأختلافات ، أنقلها بأختصار ( قال الأصفهاني في تفسيره ، كانت قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة ، وهي قراءة العامة التي قرأ بها رسول الله على جبريل في العام الذي قبض فيه ، وبقي الذين قرأوا قراءات مخالفة لمصحف عثمان يقرأون بما رووه لا ينهاهم أحد عن قراءتهم ولكن يعدونهم شذاذا ولكنهم لم يكتبوا قراءتهم في مصاحف بعد أن أجمع الناس على مصحف عثمان ، قال البغوي في تفسير قوله تعالى ” وطلح منضود ” عن مجاهد وفي الكشاف والقرطبي – قرأ علي بن أبي طالب ” وطلع منضود ” بعين في موضع الحاء ، وقرأ قارئ بين يديه ” وطلح منضود ” فقال : وما شأن الطلح ؟ إنما هو ” وطلع ” وقرأ ” لها طلع نضيد ” فقالوا أفلا نحولها ؟ فقال إن آي القرآن لا تهاج اليوم ولا تحول ، أي لا تغير حروفها ولا تحول عن مكانها فهو قد منع من تغيير المصحف ، ومع ذلك لم يترك القراءة التي رواها .. ) . أي أن الجماعة المحيطين بالرسول كانوا يقرأون القرآن كما يقرأءه محمد ، والأخرين كان لهم قرائتهم الخاصة بهم ! ، هذا والرسول حي ! . وبذات الوقت يعدلون ويصححون من كلمات الأيات ! .

4 . ولكن القراءات ، ليس كما ذكر الفقهاء أختلاف الحروف في ” التخفيف ، والتثقيل وغيرها ” – التي ذكرت في النقطة “1” أعلاه ، فهناك في القراءات تغيير في النص أيضا ، وذات الموقع السابق يبين التالي (( .. قد يؤخذ من كلام أبي علي الفارسي في ” كتاب الحجة ” أنه يختار حمل معنى إحدى القراءتين على معنى الأخرى ، ومثال هذا قوله في قراءة الجمهور قوله تعالى ” فإن الله هو الغني الحميد / سورة الحديد ” ، وقراءة نافع وابن عامر ” فإن الله الغني الحميد ” بإسقاط ( هو ) أن من أثبت ” هو ” يحسن أن يعتبره ضمير فصل لا مبتدأ ، لأنه لو كان مبتدأ لم يجز حذفه في قراءة نافع وابن عامر .. )) .

5 . تعددت القراءات ووصلت الى عشرة قراءات ، حيث بين موقع / موضوع ، التالي ( أوجه اختلاف القراءات العَشْر هو في أوجه القراءات العَشْر يتفرّع إلى سبعة أوجهٍ ؛ الأوّل : الاختلاف في الحركات فقط دون التغيير في معنى الكلمة أو صورتها ، والثاني : الاختلاف في المعنى دون الصورة ، والثالث : الاختلاف في الأحرف ، وتغيّر المعنى وبقاء الصورة نفسها ، مثل : تبلوا ، وتتلوا ، والرابع : التغيير في الأحرف والصورة دون المعنى ، مثل : الصراط والسراط ، والخامس : الاختلاف في الصورة والأحرف ، مثل : يتأل ويأتل ، والسادس : الاختلاف في التقديم والتأخير ، مثل : قاتلوا وقتلوا ، والسابع : الزيادة والنقصان ، مثل : وصّى وأوصى .. ) .

6 . وأود أن أبين الفرق بين القراءة والرواية ( إنّ القراءة هي اختيار الإمام الطريقة التي يقرأ فيها اللفظ القرآني كما وصله بسند متّصل إلى الرّسول ، وتنسب إلى إمام من أئمة القراءة ، أمّا الرّواية فهي نقل الراوي لكيفيّة قراءة الإمام ، ولكلّ قارئ راويان ، كرواية ورش عن عاصم .. / نقل من نفس المصدر السابق ) ، وسوف أسرد فيما يلي عددا من القراءات المتداولة من موقع / بيت العلم ( عدد القراءات الصحيحة للقرآن الكريم هو 10 قراءات ، والقراءات كالتالي : قراءة نافع المدني ، قراءة ابن كثير المكي ، قراءة أبي عمرو البصري ، قراءة ابن عامر الشامي ، قراءة عاصم الكوفي ، قراءة حمزة الكوفي ، قراءة الكِسائي الكوفي ، قراءة أبي جعفر المدني ، قراءة يعقوب البصري ، قراءة خَلَف ) .

القراءة : أولا – لا زال الفقهاء وشيوخ الدين يجملون من الوضع العقائدي للقرآن ، ويركزون على أقل عدد من القراءات القرآنية ، ولكن المفكرين الموضوعيين يسردون غير هذا العدد / القراءات العشر ، فقد بين د . يوسف زيدان ، بوجود أكثر من 11 ألف قراءة للقرآن ، فقد جاء في موقع / بوابة مصر ، التالي أنقله بأختصار (( زعم د . زيدان ، أنه لا يوجد نسخة موحدة للقرآن ، وأن علماء الدين واللغة على مر السنوات الماضية كانوا يضعون اجتهاداتهم في ذلك . وقال زيدان إن هناك 11 ألف قراءة للقرآن ، بـ11 ألف معنى ، نافيا ما هو مترسخ بذهن الناس أن عبارة ” المصحف العثماني ” ، تعود إلى عثمان بن عفان ، قائلا إنها لشخص متأخر قبل سنوات ليست بالبعيدة ، ووضع عليها جميع اجتهاداته ، كما قال زيدان إن غالبية المفسرين ، لا يتعاملون بالطريقة المثالية لتفسير القرآن ، وبين : أن صيغ القرآن المختلفة قابلة لقراءات لا حصر لها ، مضيفا أن المؤلف حاجي خليفة له كتاب اسمه ( كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ) ويقول فيه ، إن عدد القراءات للنص القرآني وصل إلى 11 ألف قراءة هي عدد المدن والنواحي العربية )) ، وهذا المؤلف هو مصطفى بن عبد الله الشهير ب ” حاجي خليفة ” ويعرف كذلك بلقبه كاتب جلبي (1609 م – 1657 م) / ولد بالقسطنطينية ، جغرافي ومؤرخ عثماني ، عارف للكتب ومؤلفيها ، مشارك في بعض العلوم . صنفه ( فرانز بابنجر) كأكبر موسوعي بين العثمانيين .

ثانيا – لو فرضنا جدلا وجود 11 ألف قراءة قرآنية / وفق كلام المؤرخ العثماني ” حاجي خليفة ” ، ولو قلنا من جانب أخر أن هذا الرقم جدا مبالغ به ، ولو قبلنا بأقل نسبة عددية من هذا الرقم ، مثلا ” ألف قراءة ” ، فماذا يعني هذا ! ، أعتقد يعني وجود ألف قرآن يختلف أحدهما عن الأخر ” ضبطا وتشكيلا ، و زيادة كلمات أو ضمائر أو أحرف ونقص أخرى ، مع الأختلاف في المعنى الكلمة أو صورتها – أو الأثنين معا .. ” وقس على ذلك !! .

ثالثا – يضاف الى كل ذلك ، المشاكل التي تحصل في القرآن المترجم ، فكيف نترجم مثلا أية ( الحاقة 1 ما الحاقة 2 وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّة 3 / سورة الحاقة ) ، والذي تفسيرها : ” تعظيما ليوم القيامة كما تسمعون ” ، لأن القرآن لا يمكن ترجمته كباقي الكتب ! ، بمعنى أخر أن القرآن أضافة الى المشاكل السابقة / التي ذكرت في أعلاه ، يضاف أليه الصعوبة الخاصة في ترجمته ! ، فالقرآن أذن مختلف في معانيه ومقاصده وصوره ورسمه من بلد الى أخر ! ، والذي يقرأ في المغرب العربي ليس كالذي يقرأ في مصر أو باقي أفريقيا ! .

رابعا – ومن باب علم الأحصاء ، فأذا كان في القرن السابع عشر هناك 11 ألف قراءة للقرآن / وفق المؤرخ العثماني حاجي خليفة ، فكم قراءة ستكون لدينا ونحن في القرن الواحد والعشرين ! ، هذا من جانب ، ومن جانب أخر ، يقول الفقهاء أن : ” الأدلة الواردة في القرآن الكريم التي تدل حفظه من الضياع أو الزيادة والنقصان هي قوله تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر/9 ، وتفسيرها وفق الإمام الطبري : ( إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ ) وهو القرآن ( وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) قال : وإنا للقرآن لحافظون من أن يزاد فيه باطل ما ليس منه ، أو ينقص منه ما هو منه من أحكامه وحدوده وفرائضه ، عن قتادة : ( وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) قال : حفظه الله من أن يزيد فيه الشيطان باطلا ، أو ينقص منه حقا.. / نقل بأختصار من موقع الأسلام ” . هذا الأية وتفسيرها الوارد في أعلاه يوقعنا في أشكاليات لا حصر لها ، وذلك لأن الأية تتكلم عن أن ” الله يحفظ القرآن من الزيادة والنقص .. ” !! ، وكيف التعامل مع أية أخرى في نفس السياق ( قُرْآنٌ مَجِيدٌ 21 * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ 22 / سورة البروج ) ، وتفسيرها ” في لوح محفوظ من الزيادة فيه والنقصان منه عما أثبته الله فيه / وفق تفسير الطبري ” ، فالقرآن المحفوظ منذ الأزل عند الله ، وبه ألاف القراءات .. ، وانا أتساءل كفرد عاد ، أذا كان الله يحفظ القرآن وللقرآن 11 ألف قراءة ، فكيف الحال لو لم يحفظه الله !!! .

خاتمة : من كل ما سبق نلاحظ أن معظم المسلمين يقراؤن ولا يفهمون ما يقرأؤن ! ، يرتلون ويجهلون ما يرتلون ! ، يحفظون القرآن عن ظهر قلب دون علم بما يحفظون ! – فهل ما يقرؤونه ويرتلونه ويحفظونه هو قرآن محمد ! ، وهل هو ذات ما أنزل على محمد ! . أن الأهمية هي في أن نفهم ما نقرأ ، وليس في حفظ ما نقرأ ! .. أن القراءات القرآنية أشكالية مستمرة ومتفاقمة ! ، وهذا الأمر يجرنا الى ” أي قرآن نقرأ الأن ” ، لأن المسلم وحتى المطلع والمثقف عقائديا ، وحتى أن عرف أسماء بعض القراءات القرآنية ، لكنه يجهل أختلافها وتوظيفها في النص القرآني ، لذا مصحف الشرق يختلف عن مصحف الجنوب ! ، والمسلمون صامتون ومسلمون أمرهم الى شيوخهم وهم معصوبوا العيون ! .