الديمقراطية،الحوار،السلام،الاستقرار،التسامح،نبذالعنف،الأعتدال هي مصطلحات يرددها الساسة الكورد في غالبية المناسبات ويؤكدون عليها في الحوارات واللقاءات والمفاوضات فضلا على التجمعات الجماهيرية التي تعقد هنا وهناك، ولم تكن تلك المصطلحات مجرد تسويق للمفردات بل هي ترجمة على ارض الواقع في جنوب كوردستان في الماضي والحاضر ويأتي ذلك ايماناً بالمبادئ الأنسانية التي يؤمن بها الشعب الكوردي للعيش بسلام الى جانب الشعوب الاخرى في العراق والمنطقة والعالم.
مر الشعب الكوردي خلال نضاله المرير الذي طال عقود من الزمن ضد الانظمة الدكتاتورية والشوفينية في المنطقة بظروف صعبة للغاية وتعرض لأبشع جرائم القتل والأبادة الجماعية بسبب عنجهية الانظمة الحاكمة وعقولها الصدئة التي لاتؤمن بالحوار والاعتدال والسلام لحل المشاكل والخلافات بل تؤمن بقوة السلاح وفقدان قوة المنطق والبصيرة في التعامل مع القضايا التي تعجزعن ايجاد حلول منطقية لها.
رئيس اقليم كوردستان نجيرفان بارزاني من الشخصيات السياسية الكوردية الذي يؤمن إيماناً راسخاً بالحوار والسلام وكلما تشتدد الخلافات بين القوى السياسية في اقليم كوردستان او مع الحكومة الأتحادية وتصل الى طريق مسدود نراه يطلق مبادرة لتهدئة الأجواء والشروع بحوارات هادئ للحيلولة دون انزلاق الامور لما لايحمد عقباه.
الجميع يعلم ان رئيس أقليم كوردستان له العديد من المبادرات لحل القضايا والمشاكل بين القوى السياسية في الأقليم او مع الحكومة الأتحادية، ويقوم شخصياً بزيارة خصومه السياسيين ويلجأ الى التحاور المباشر والجاد معهم بدلاً من استخدام وسائل الاعلام واطلاق التصريحات الأنفعالية وترك الامور تتفاقم،ومبادراته بزيارة النجف قبل اشهر ولقائه قيادة التيار الصدري بغية ايجاد مخرج للأنسداد السياسي الحالي وزيارته قبل ايام الى مدينة السليمانية ولقاءاته مع القوى السياسية الكوردستانية وعلى رأسها قادة الاتحاد الوطني هي خير دليل على نواياه لتطويق الخلافات وحلها بشكل يرضي جميع الأطراف.
وخلال مشاركته في مؤتمرأربيل الذي عقد الأثنين 30 ايار 2022 تحت عنوان (السلام من خلال الأعتدال) الذي نظمته منظمة “سبارك” الهولندية المختصة في مجال حماية حقوق النساء واللاجئين، والتي تعمل في المناطق الواقعة تحت تأثير الحروب والصراعات. عاد وكرر خلال حديثه في المؤتمر على ضرورة حل الخلافات عبر الحوار عندما اكد أن” الحرب وغياب السلام في العراق خلف المشاكل للمنطقة برمتها”.
وفي جانب اخر من كلمته اكد ان الحرب والتوتّرات والنزاعات باتت تحتل مساحة أوسع في الوقت الراهن، وليس هناك ما هو أكثر أهميةً من السلام لهذه المنطقة. أي انه قلق من تلك التوترات والنزاعات ولابد من ايجاد حلول آنية لمشاكل الشعوب داخل البلد الواحد او بين دول المنطقة للحفاظ على الامن والاستقرار في المنطقة،لأيقاف نزيف الدم ووضع حد لتبديد الثروات واستثمار الطاقات البشرية والاقتصادية لصالح شعوب المنطقة في التنمية والحركة العمرانية والزراعية والأقتصادية.
ونوه بارزاني خلال كلمته قائلا:لو ان السلطات العراقية تعاملت بواقعية مع قضية شعب كوردستان ولم تلجأ الى السلاح والقتال لما حلت كل هذه المآسي والفواجع على شعب هذا البلد، نعم لو تعاملت الانظمة التي توالت على حكم العراق بعقلانية ومنطق الحق ازاء حقوق الشعب الكوردي في العراق،لما حدثت الحروب والكوارث المدمرة داخل البلد ومع دول الجواروالتي خلفت خسائر كبيرة بشرية وأقتصادية ومايزال العراق يعاني من تداعياتها والتي كان يمكن حلها بطريقة حضارية عبر الحوار والجنوح الى السلام بدلاً عن الحرب.
وشدد رجل السلام والحوار على ان المكونات العراقية وشعوب المنطقة بحاجة الى سلام حقيقي يعيد الطمأنينة والثقة وسلام يضمن حياة حرة كريمة للجميع ويجمع المكونات العراقية تحت مظلة العراق، منوها الى أن “العراق بكل حروبه يجب ان يكون درسا لنا جميعاً وعبرة ترشدنا باتجاه مستقبل أفضل لكل مكونات هذا البلد، والمضي ببناء مجتمع يعكس التعددية ويلبي تطلعات كل المكونات” كل هذا التأكيد على نبذ العنف واتخاذ الاعتدال كمنهج و وسيلة لضمان مستقبل العراق،هي رسالة صريحة وواضحة أن استخدام القوة والسلاح لايمكن له أن يحل او يحسم القضية الكوردية وتأريخ العراق المعاصر خلال القرن الماضي اثبت ذلك بشكل ملموس وعلى من يريد ان يعيد النهج السابق لتركيع الكورد،عليه ان يدرس احداث الماضي بدقة واخذ العبر منها وعدم المغامرة بدماء وارواح العراقيين وتدمير ماتبقى من العراق.