تميزت العلاقات بين العراق والولايات المتحدة بعد الغزو والاحتلال الامريكي للعراق بالكثير من الغموض والالتباس وتباين مواقف الطرفين واحيانا تقاطعهما على الاقل في الظاهر، في الكثير من المواقف وبالذات الموقف الامريكي من نوعية العلاقة بين ايران والعراق..لقد أجبر الامريكيين على الانسحاب من العراق تحت ضغط المقاومة العراقية وهنا المقصود مقاومة المحتل الامريكي وليس الارهاب، فقد واجه الامريكيون مقاومة شرسة في الوسط والجنوب وفي الشمال والغرب، أستمرت بلاتوقف ولسنوات دفع فيها العراقيون الكثير من الدماء التى سقت اديم ارض العراق. مما اضطر الامريكيون على ابرام (اتفاقيتي الاطار الاستراتيجي) مع الحكومة العراقية والتى تضمنت الانسحاب الامريكي من العراق بنهاية عام 2011كحد اقصى وبالفعل انسحب الامريكيون( هناك فقرة في اتفاقية الاطار؛ تلزم امريكا او ان امريكا ملزمة بالدفاع عن الديمقراطية في العراق حين تعرضها للخطر؟!..). الحكومة الامريكية او الاصح ادارة اوباما رفضت طلبا عراقيا بشراء منظومة الرادار او منظومات الرادارات ليتسنى للعراق السيطرة على اجواءه ومنظومات اخرى لكشف حركة الافراد عن بعد، في الصحراء..مما جعل أو كان من نتيجة هذا، أن لا يسيطر العراق على اجواءه ولا يسيطر ولو جزئيا على الصحراء الواسعة..لاحقا صارت أو استمرت، السيطرة الجوية بيد الامريكيون حتى هذه اللحظة وهذا حسب ما تيسر لنا، من الاطلاع على ما يتم تسريبه من اخبار في هذا الاتجاه..في عام 2014وبعد فوز قائمة (دولة القانون) في الانتخابات حينها وبايام قليلة؛ تمكنت داعش من السيطرة على ثلث مساحة العراق، في صلاح الدين ونينوى وديالى ولاحقا الانبار، حتى وصلت الى مشارف بغداد العاصمة، في عملية سريعة اثيرت حولها الكثير من الشكوك ولم تزل تلك الشكوك بلا اجابة واقعية وموضوعية اي ترك الامر مفتوحا على مختلف التأويلات، فقد وجهت في حينها؛ اصابع الاتهام الى الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ومن الطبيعي تخاذل القادة العسكريين أن لم نقل شيئا اخر..ان هذا التطور الخطير مهد الطريق الى عودة القوات الامريكية الى العراق تحت عنوان مخادع الا وهو المستشارون الامريكيون وفي الحقيقة؛ ولاحقا بعد سنوات يعترف الامريكيون بان قواتهم في العراق تعد بالآلاف وهي قوات قتالية. بعض الصحف الامريكية كصحيفة الواشنطن بوست، أكدت قبل اكثر من سنتين، بان عدد القوات الامريكية في العراق يربوا على التسعة ألاف، بينما الحكومة العراقية؛ تؤكد ان عددهم خمسة آلاف وهم مستشارون؟!، وفي قواعد بالقرب من بغداد العاصمة وفي غرب وشمال العراق بحجة مقاتلة داعش وطرده والقضاء عليه، تحت مظلة التحالف الدولي وفي حقيقة الامر؛ ان من تمكن من طرد داعش والقضاء عليه في ارض العراق وتحرير مدن العراق ومحافظاته في شمال وغرب العراق هم العراقيون بجميع اطياف الشعب العراقي، الجيش العراقي والحشد الشعبي وقوات مكافحة الارهاب بقيادة الفريق الاول الركن عبد الوهاب الساعدي الذي شهد له اهل نينوى بشجاعته ومرؤته وغيرته العروبيه كما شهدت له ساحة النزال الملحمي مع فلول داعش الاجرامية. في ذات السياق اعلن ترامب من انه سوف يقوم بسحب القوات الامريكية من سوريا وبالفعل يجري الآن وفي هذه اللحظة، لحظة كتابة هذه السطور، انسحاب القوات الامريكية البالغ عديدها الآلف من سوريا الى غرب العراق وهذا ما صرح به المسؤولون العسكريون الامريكيون، وايضا باستخدام ذات الحجة وهي محاربة داعش والدفاع عن العراق في حالة تعرضه للخطر.( القوات التركية تحتل جزء من ارض العراق في سهل الموصل وعلى وجه التحديد في بعشيقه ومنذ سنوات؟!..) ترامب وفي اثناء زيارته، في وقت سابق من هذا العام، للقاعدة الامريكية، قاعدة عين الاسد؛ أكد بان القوات الامريكية باقية في العراق ولن تنسحب منه ابدا. المسؤولون العسكريون الامريكيون وفي معرض تعليقهم على الانسحاب الامريكي من سوريا؛ اكدوا بان الولايات المتحدة لن تنسحب من قاعدة التنف التي تقع على المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والاردن. فهي أي القاعدة، في هذا، تشكل موقع ستراتيجي يتحكم بالطريق الرابط بين سوريا والعراق لمنع ايران من استخدام هذا الطريق الى سوريا وكذلك كموقع استخباراتي متقدم. القاعدة بالاضافة الى انها اي قاعدة التنف الامريكية، استخدمها الامريكيون وفي وقت سابق ولا زالوا، في تدريب ما سمي زورا وبهتانا بالمعارضة السورية المعتدلة وهي تضم عدد من الفصائل، بالاضافة الى تدريب وتسليح العشائر العربية في هذه المنطقة، هذه الفصائل والعشائر لاتزال تحت الحماية الامريكية بالاضافة الى استمرار الولايات المتحدة بتدريبهم وتسليحهم، كما يبدوا ويظهر من تاكيداتهم على عدم الانسحاب من تلك القاعدة. الشيء الاخر المهم لعدم الانسحاب الامريكي من هذه القاعدة هو لأدامة الوجود الامريكي في سوريا كي تستمر في التاثير على اي حلحلة للوضع في سوريا من خلال تبني موقف هذه الفصائل وغيرها كالجيش الحر المدعوم تركيا، في الحل المقبل للوضع في سوريا وهذا الحل القادم له الاهمية القصوى وهو الاخطر.. مع الاعتقاد بان هناك تفاهم ضمني بين روسيا والولايات المتحدة على الاطار العام للتسوية السياسية في سوريا. أن الولايات المتحدة، تحت ضغط الواقع الدولي وتغير مراكز القوى الدولية في التاثير المنتج على السياسة الدولية في الدعم والاسناد، دوليا واقليميا وفي مجلس الامن الى حد ما، للدول المستهدفة امريكيا، فنزولا وايران وسوريا وكوريا الشمالية..وهنا نقصد المحور الروسي والصيني، عادت الى سياستها السابقة اي اثناء حقبة الحرب الباردة؛ الى حروب الاستخبارات وحروب الانابة ومن بين فضاءاتها في هذه المرحلة أو من بين اهمها؛ المنطقة العربية، باسثمار فساد وطغيان انظمة الحكم العربي المدعومة غربيا وامريكيا في وقت من الاوقات حين كانت حاجتها اي الولايات المتحدة ماسة لهذا النوع من انظمة الحكم. أما الان فلم يتغير الامر كثيرا، فهذه الانظمة اما انها جاءت بانتخابات ضبابية ورمادية في ظل ديمقراطية منخفضة الحدة..بعد ما سمي بالربيع العربي، وأما أن حكامها فاسدون أو أن حكامها سفله أو أنهم يحتمون من حرارة شمس الحق والحقيقة، تحت افياء سقوف المقدس أو انهم يحوزون في الاجراء والتصرف، كل ما ورد انفً في المشهد السياسي العربي والذي يعكس غباء العربان السياسي. الشيء المؤكد ومن القراءة لتطورات الاحداث وطبيعة ونوعية الاجراءات الامريكية على الارض؛ أن الولايات المتحدة، تبيت امر ما، أما ماهو هذا الامر، نترك معرفته لتطور الاحداث التى لاتجعلنا هذه المرة، ننتظر طويلا. لكن، أكيدا ان هذا الامر يتعلق بالعراق بالدرجة الاولى والاساسية وايران كناتج عرضي ولكنه اي الناتج العرضي، وفي السياق ذاته؛ هو احد واهم الاسباب والدوافع، لهذا الامر المفترض؟ بالاضافة الى لبنان وفي مرحلة لاحقة بقية الدول العربية، اليمن وغيرها اي ان هناك طبخة يجري الاعداد لها أو تسخينها، لأنضاجها، على نار هادئة..يحضرني هنا مقولة الامام علي( ع) الاثيرة على نفسي وعقلي؛ كلمة حق يراد بها باطل..