25 نوفمبر، 2024 11:25 ص
Search
Close this search box.

قراءة .. للآية 72 من سورة المائدة

قراءة .. للآية 72 من سورة المائدة

 أولا سأعرض تفسيرا مقتضبا وفق تفسير الطبري ، للآية 72 من سورة المائدة ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖ ” وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ) ، ومركزا على المقطع الأول / كما هو مؤشر في أعلاه ، لأنه محور النص – ومن ثم سأسرد قراءتي الخاصة . ( قال أبو جعفر : وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن بعض ما فَتَن به الإسرائيلين الذين أخبر عنهم أنهم حسبوا أن لا تكون فتنة . يقول تعالى ذكره : فكان مما ابتليتهم واختبرتهم به ، فنقضوا فيه ميثاقي ، وغيَّروا عهدي الذي كنت أخذته عليهم بأن لا يعبدوا سواي ، ولا يتخذوا ربًّا غيري ، وأن يوحِّدوني ، وينتهوا إلى طاعتي = عبدي عيسى ابن مريم ، فإني خلقته ، وأجريت على يده نحوَ الذي أجريت على يد كثير من رسلي ، فقالوا كفرًا منهم ” هو الله ” . وهذا قول اليعقوبيّة من النصارى عليهم غضب الله . يقول الله تعالى ذكره : فلما اختبرتهم وابتليتهم بما ابتليتهم به ، أشركوا بي ، وقالوا لخلق من خلقي ، وعبدٍ مثلهم من عبيدي ، وبشر نحوهم معروفٍ نسبه وأصله ، مولود من البشر ، يدعوهم إلى توحيدي، ويأمرهم بعبادتي وطاعتي ، ويقرّ لهم بأني ربه وربهم ، وينهاهم عن أن يشركوا بي شيئًاهو إلههم.. ) .

القراءة :                                                                                                                                   1 . بداية الآية ، تنص ” لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا .. ” ، و كلمة ” كافِرُ ” ، تعني وفق قاموس المعاني ( من لا يؤمن بالله ) ، فهل المسيحيون لا يؤمنون بالله ! ، أذن النص القرآني هنا وقع في أشكالية ـ بتكفير اهل الكتاب ، الذي يعترف بنبيهم المسيح ! من طرف أخر ، شيوخ الأسلام من اليسير لديهم تكفير الأخرين / المسيحيين واليهود ، فالكل كفرة عدا المسلمين ، بينما داعش التي قتلت وذبحت وصلبت وحرقت الأبرياء ، لم يكفرهم شيخ الأزهر ( رفض د . أحمد الطيب شيخ الأزهر تكفير تنظيم ” داعش ” مجدداً . وقال خلال لقائه ، مساء الثلاثاء ، بطلاب جامعة القاهرة إنه ” لكي تكفر شخصاً يجب أن يخرج من الإيمان وينكر الإيمان بالملائكة وكتب الله من التوراة والإنجيل والقرآن ، ويقولون : لا يخرجكم من الإيمان إلا إنكار ما أدخلت به“. / نقل من موقع العربية ) .. الشيوخ لا نعرف بأي مكيال يكيلون ! ، هذا من جانب ، ومن جانب أخر ، قد غاب عن الشيخ الطيب ان داعش لا تعترف لا التوراة ولا بالأنجيل ، وحتى لا تعترف به ، لأنه من شيوخ السلطة .

2 . وفي التفسير : عن أبو جعفر ، يقول عن المسيح أنه ” عبدي عيسى ابن مريم ” ، ولكن أله القرآن يقول عن المسيح ، كلمة الله ووجيها .. ( إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ / 45 سورة آل عمران ) . والتساؤل هل نحن نثق بالمفسرين ، أم نتبع ما ينص عليه القرآن ..

3 . تفسير الطبري ، ونقلا عن أبو جعفر ، يقول عن المسيح ” وقالوا لخلق من خلقي ، وعبدٍ مثلهم من عبيدي ، وبشر نحوهم معروفٍ نسبه وأصله ، مولود من البشر ” .. بادئ ذي بدأ ، التفسير ليس له أي علاقة بالعقيدة الأسلامية ، وبعيد عن النص القرآني أيضا ، الذي يحكم كل الأشكاليات في التفاسير ، بل أن هذا التفسير يناقض القرآن ، وذلك لأن المسيح ليس مولودا من بشر ، لأنه من روح الله ، وفق الآية التالية ( وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ / 12 سورة التحريم ) . أي أن المسيح ليس مولود من أب وأم كباقي البشر ، بل أنه من روح الله .

4 . أما التساؤل عن هل المسيح هو الله ، فهنا يجب أن نعترف بوجودأشكالات في النص القرآني ذاته ، فمثلا الآية التالية ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۖ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ۘ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ .. / 171 سورة النساء ) ، أني أرى .. أن النص القرآني هنا يقول عن المسيح أنه ” كلمة الله ، روح من الله ” ، فالكلمة أي المسيح ، تمثل الناطق بها أي الله ، أما روح منه فهو الأمتداد المتجسد لله على الأرض .

أضاءة :

شخصيا .. أترك مرجعية لاهوتية المسيح ، لأباء الكنيسة / رجالالكهنوت ، ولكني أثير التساؤلات التالية حول المسيح في القرآن ، فهو : كلمة الله ، وروح منه ، وبعث حيا ( وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا / 33 سورة مريم ) ، يحيي الموتى (وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ م 49 سورة آل عمران ) ، يخلق ( أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ الله / 49 سورة آل عمران ) ، تكلم وهو في المهد ( فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً / سورة مريم 19 :29 ,30 ) ، ينزل موائد من السماء ( قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ * قَالَ اللَّهُ إِنِّى مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّى أُعَذِّبُهُ عَذَابا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدا مِنَ الْعَالَمِينَ / سورة المائدة: 112-115) ، فهل من نبي أو رسول / من العهد القديم الى العهد الجديد ، من أبراهيم وأسحق وموسى مرورا بمحمد .. هل لأي من هؤلاء الأنبياء أو الرسل ، له هكذا صفات ! ، أذن من يكون المسيح .. أترك هذه التساؤلات للشيوخ ورجال الأسلام والمطلعين ! .

أحدث المقالات

أحدث المقالات