22 ديسمبر، 2024 2:46 م

– قراءة للآية 194 من سورة البقرة

– قراءة للآية 194 من سورة البقرة

 

” الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ۚ فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ / 194 سورة البقرة ” .
الموضوع :
من موقع / أهل الحديث والأثر ، أقدم تفسيرا مختصرا للآية أعلاه { قال الله : الشهر الحرام بالشهر الحرام )) يستفاد من هذه الآية الكريمة : تسلية الله عز وجل للمسلمين بأنه إذا فاتهم قضاء عمرتهم في شهر الحرام فيمكنهم أن يقضوها في شهر الحرام من السنة الثانية كما حصل ذلك )) . ومن فوائدها أيضا : (( أن الحرمات قصاص يعني أن من انتهك حرمتك فلك أن تنتهك حرمته مثلا بمثل )) ، ولهذا فرع عليها قوله .. فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم . ويستفاد من الآية (( أن المعتدي لا يجازى بأكثر من عدوانه ، لقوله : بمثل ما اعتدى عليكم )) ، فلا يقول الإنسان أنا أريد أن أعتدي للتشفي ، (( ومن ثم قال العلماء إنه لا يقتص من الجاني ، لا يقتص إلا بحضرة السلطان أو نائبه من الجاني خوفا من الاعتداء ، أن الإنسان يريد يتشفى لنفسه فيعتدي أكثر مما يمثل به أو ما أشبه ذلك )) . ومن فوائد الآية : وجوب تقوى الله عز وجل في معاملة الآخرين وفي كل حال ، لقوله : اتقوا الله . ومنها : إثبات أن الله مع المتقين ، لقوله: واعلموا أن الله مع المتقين . ومن فوائدها (( تأكيد هذه المعية ، ولهذا قال: واعلموا ، لم يقتصر على مجرد أن يخبر بها بل أمرنا أن نعلم بذلك وهذا الأمر فوق المجرد الإخبار )) . ومن فوائد الآية (( فضيلة التقوى حيث ينال العبد بها أيش ؟ معية الله ، فأنه من المعلوم إذا كان الله معك ينصرك ويؤيدك ويثبتك فهذا يدل على فضيلة السبب الذي هو التقوى .. )) } .

القراءة : سيكون تركيزي منصبا على مقاطع التفاسير التالية : ( أن الحرمات قصاص يعني ، أن من انتهك حرمتك فلك أن تنتهك حرمته مثلا بمثل ) ، ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) ، ( وجوب تقوى الله عز وجل في معاملة الآخرين وفي كل حال ، لقوله : اتقوا الله ) .. وذلك لأن قراءتي ستعتمد على مفرداتها ، دون ما جاء بالتفسير من تأويل ! . * هذه الآية تتوافق مع نص قرآني محدد ( كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ / 45 سورة المائدة ) . أي تتفق مع سياق نص الآية التي نحن بصددها ” فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ” . * من الآية يتوضح لنا ، أنه لا سماح ولا غفران ولا عفو ، لمن أنتهك أو أساء أو تجاوز عليك / المسلم ، بالرغم من أن عقائديا – أنه من أسماء الله الحسنى ، هو الغفار ” اَلْغَفَّار : هو وحده الذي يغفر الذنوب ويستر العيوب في الدنيا والآخرة ” .. أي أن الآية تتقاطع مع مبدأ الغفران الألهي . * الأشكال ، بذات الآية ، أنها تنص ، على أن يكون ” الرد ” مثل فعل الأعتداء ، وهذا الأمر لا يمكن تطبيقه ، وذلك لأستحالة قياس رد فعل الأعتداء وطريقته وأسلوبه ومدى تأثيره ! . * أشكال اخر ، كيف أن تنص الآية على رد الأعتداء بالمثل ، ومن جانب أخر ، تبين الآية على ( وجوب تقوى الله عز وجل في معاملة الآخرين ) . فكيف أن ترد الأساءة بالمثل ، ومن جانب أخر ، ذات الآية توصي بمعاملة الأخرين بتقوى الله . * هذا النص القرآني يناقض أو يتقاطع مع نصوص أخرى : تشدد على ” الصفح ” ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ / 85 سورة الحجر ﴾ . وأخرى تنص ” على العفو والأحسان ” ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ والضراء
وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ / 133 – 134 سورة آل عمران ﴾ . وأخرى تشدد ” على المعاملة الحسنى والتفاهم مع الأخرين ” { وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ / 34 – 35 سورة فصلت } . * هذا هو ديدن الموروث الأسلامي / قرآن وأحاديث وسيرة ، كل يناقض بعضه البعض ! .

خاتمة : لو فرضنا جدلا قبول مبدأ الآية أعلاه ، وهو ” فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ .. ” ، ولكن هناك حالات نفذ بها الأرهاب الأسلامي / داعش .. ، عمليات قتل وحشية ، بحق مواطنين لم يقوموا بأي أعتداء تجاه المسلمين ، مثلا : ( أعدم تنظيم داعش 21 مصريًّا قبطيًّا تحت عنوان رسالة موقعة بالدماء إلى أمة الصليب في 15.02.2015 ) و ( ونفذ داعش قتل أكثر من 144 روسي في مجمع كروكوس الروسي في 22.03.2024 ) . أذن المسألة ليست قضية رد فعل على أعتداء ، وأنما هي حقد دفين ووحشي ماضوي ، ضد كل المعتقدات الأخرى المخافة للأسلام ، وفق النص القرآني ” وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ۚ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ۖ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ۗ كَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ / 191 سورة البقرة ” . نقطة رأس السطر .