23 ديسمبر، 2024 5:25 ص

قراءة قانونية في تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية

قراءة قانونية في تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية

شهد مجلس النواب العراقي يوم ١٨ / ١٠ /٢٠١٥ جلسة لمناقشة  تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم ٢٣ لسنة  ١٩٧١ ويمكن ان نورد عدة ملاحظات  اولا على أصل التعديل . ثانيا : فيما يخص الجلسة وما ورد من آراء السادة النواب .بالنسبة لما يخص أصل التعديل اذ ركز التعديل على قضيتين مهمتين الاولى تخص تحديد المدة الزمنية الذي يكون فيها التصديق على حكم الإعدام نافذ وهي ٣٠ يوم من ايداع الحكم لدى رئاسة الجمهورية وهي خطوة تأتي للقضاء على التأخير في تصديق الإعدام من قبل رئيس الجمهورية . اما القضية الثانية وهي قضية إعطاء صلاحية لوزير العدل في تنفيذ حكم الإعدام في مكان الحادث او اي مكان يختاره الوزير كما عبر بذلك قانون التعديل . مع العلم بأن اغلب القوانين العراقية بحاجة الى تعديل اولا لانها كتبت قبل فترة طويلة والقانون في تطور مستمر . ثانيا تنوع مصادر التشريع في العراق وفي فترات متباينة جعل هذه القوانين غير منسجمة ومتناقضة في بعض الأحيان ، فتجد قرارات مجلس قيادة الثورة  ثم القوانين نفسها ، ثم قرارات الحاكم المدني بول بريمر . اما فيما يخص الجلسة  نلاحظ  انقسام مجلس النواب بين مؤيد لهذا التعديل وهم غالبية نواب التحالف حسب الجلسة طبعا وبين متحفظ لان الامر يمس صلاحيات رئيس الجمهورية وهم النواب الأكراد وبين رافض للتعديل وهم النواب السنة . وهذه مع الاسف صارت من البديهيات في السياسة العراقية لان السياسيين لا ينظروا للامر من منظور قانوني بل من منظور طائفي بحت .

بل بعض النواب ذهب بعيدا وبرأي فأنه يحتاج لدورة قانونية . أجمالا سنناقش الاّراء  الثلاثة . ونبدأ من أوسطهم المتحفظين اذ كان الأشكال الوحيد لديهم بأن هذا الامر ينقص من صلاحيات رئيس الجمهورية ولا اعرف هل ان مجرد تحديد مدة زمنية لكي يمارس رئيس الجمهورية عمله يكون فيه انتقاص من صلاحيته الممنوحة له بالدستور في حين نجد ان كثير من الصلاحيات محددة بمدة ومنها المصادقة على القوانين او المعاهدات ( انظر المادة ٧٣ فقرة ثانيا وثالثا ) اذ تعتبر مصادقة عليها  بعد مضي خمسة عشر يوم . بل ان المعيب على الدستور العراقي انه ترك بعض الأمور بنهايات سائبة كما يعبرون . بل البعض يعتبر إعطاء الحق لرئيس الجمهورية بالمصادقة على عقوبة الإعدام يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات . لانه يرى بأن هذه القضية يجب ان تكون من اختصاص القضاء .

 اما المعترضين على أصل التعديل فيقولون ان المطلق يجري على إطلاقه وان هذا الامر يحتاج الى تعديل دستوري فنقول ليس هذا دائما يصح فالمادة ٢٠ من الدستور تؤكد على حق العراقيين في المشاركة في الحياة السياسية فهل يحق لأي شخص بغض النظر عن عمره ان يقول ان لي حق في الترشح او الانتخاب . طبعا هنا يأتي دور القانون ليوضح هذه الأمور فليس كل شي يذكر بالدستور. اما الملاحظة على مؤيدي التعديل فلدي ملاحظة على الفقرة الثانية وهي إعطاء حق لوزير العدل باختيار اي  مكان يعدم فيه المجرمين وان كان هذا يحقق الردع وله أصل بالشريعة الاسلامية كالرجم مثلا ولكن الخوف ان يستخدم هذا بطريقة خاطئة خصوصا وان القانون باقي حتى لو تغير النظام السياسي واذكر قديما في طفولتي كان ينادي المنادي بأن هناك عملية إعدام ستنفذ بحق مجرمين ( وكان اغلبهم بل كلهم سياسيين ) وكانت عملية الإعدام تجري في نادي الفرات الرياضي ولإزالت صور ذلك المشهد تعلق في ذاكرتي لرجال موثوقين بالحبال على أعمدة من حديد والرصاص يخترق صدورهم . اخيراً من المؤمل ان يصوت مجلس النواب على التعديل بعد أربعة ايام من القراءة الثانية حسب نص المادة ١٣٦ من النظام الداخلي للمجلس فنقول ما احوجنا لهذا التعديل خصوصا تحديد مدة المصادقة على عقوبة الإعدام . ( يلحق ان شاء الله بمقالة عن عقوبة الإعدام بين المؤيدين والرافضين )