الباحث المنصف عندما يقرا تاريخ الشعوب والامم يقف عند حضارة عريقة امتدت لآلاف السنين الا وهي حضارة اليمن ، في وقت كانت الصحراء العربية رمال تحركها الرياح ، ولولا بيت الله ورسوله وعترته الميامين لكانت ارض الحجاز الى اليوم تعيش التخلف والجهل .
بلاد اليمن السعيد هكذا كانت قديما تسمى ، وارقى الحضارات نشأت عليها وكانت خط التجارة العالمية قبل الاسلام ، ولكن الاستعمار وأدواته عندما يدخلون انوفهم في بلداً فانهم يسعون اما الى استعماره طول الدهر واذا قُبل بالرفض فانهم يسعون الى تدميره اقتصادياً وعسكرياً ، وهذا ما حصل بالفعل لبلاد اليمن والتي يمتلك اَهلها القيم العربية الأصيلة حيث عمد الاستعمار الغربي الى تفتيته الى شمالي وجنوبي وزرع الفرقة بين أهله الشماليين والجنوبيين ، حتى جاءت عاصفة آل سعود وتحلفائهم في ضرب اليمن وتحطيم بناه التحتية وقواه العسكرية .
الملفت ان في اليمن ان اغلب العشائر فيها هي ضد هذا الغزو البربري ، الذي وقع على الانسان اليمني ، فذهبت الالاف من الشهداء جراء هذا الغزو الاجرامي والذي عكس همجية واضحة للإعراب في السعودية ، كما انه عكس مدى الحقد الطائفي الذي يحمله حكام الزهايمر في ارض النبوه والرسالة .
الحملة البربرية التي قامت بها السعودية على الشعب اليمني لحد الان لم تحقق. شيئاً من الأهداف المرسومة لها من الغرب وحلفائهم الخليجين سوى انها قتلت الأطفال وشردت العوائل الى الجبال ، ولكن اللافت ان هذه الحملة حملت جملة من المتغيرات على الارض وهي تعكس تراجع وخسارة الحملة السعودية وفشل ال سعود في تحقيق هدفهم وهي :-
١) التغيير في الخطاب الإعلامي للتحالف الخليجي والذي تقوده السعودية من خطاب الانتقام والقتل الى استطالة امد الحرب ،لأنهم يعلمون ان الجو لايمكن ان يصنع نصرا لهم مهما حاول طيرانهم .
٢) التفكك الواضح في هذا التحالف ، وتغيير قناعة الحلفاء ، والتأرجح الواضح في مواقفهم من الحرب كموقف مصر وتراجع الموقف التركي ، ورفض البرلمان الباكستاني مشاركة بلاده في حرب يدمر فيها الانسان العربي المسلم .
٣) ارتفاع صوت الدعوة الى الحلول السلمية وإطلاق مبادرات التسوية سواء ً من الامم المتحدة او من ايران .
٤) السعودية ومن خلال إشارات اطلقتها في حال فشل الحل السني وفرض الامر الواقع على الشعب اليمني والحوثيين ، فإنها ستعمل على اثارة الصراعات الطائفية في داخل اليمن ، لان البعض في السعودية اخرج هذه الحرب من حرباً ضد الحاكم الجائر الى حرباً طائفية ، وهذا ما يمثل خطورة على تماسك الشعب اليمني والذي في غالبيته هم من الشيعة الزيدية ، مع وجود المذاهب الاخرى كالاسماعيلية وغيرها من مذاهب اسلامية ، وهذا بحد ذاته يمس وحدة الشعب اليمني ويهدد تماسكه وتماسكه امام القاعدة العدو الحقيقي له ، وبالتالي يقود الى حرب أهلية تنهك البلاد وتمزق روابطه الاجتماعية .
وهذا يعتمد على ما يخرج من اجتماع القمة الامريكية -الخليجية والتي ستعقد في شرم الشيخ بعد ايام قليلة ، واذا لم يخرج باي حلول تحفظ ماء وجه ال سعود ،فسيصار الى تغذية الصراعات الداخلية وتحويل الكرة في الملعب اليمني كما كان للسعودية دور تخريبي في ليبيا وسوريا اليوم .
يبدو ان الواقع قراءه الشعب اليمني وخصوصا الحوثيين بشكل دقيق ، لهذا سعوا الى الحفاظ على وحدة الصفوف الداخلية ، وتوحيد الجبهة ضد العدو الرئيسي كما قلنا سابقاً “القاعدة ” ، كما من الضروري عدم الانزلاق وراء هذا المخطط والذي يهدد وحدة اليمن الجغرافية .
السعودية تحاول بجهدها العدواني تعويض الخسارة الكبيرة في سوريا والعراق ولبنان ودوّل اخرى كان لها تأثير سيء فيها ، او ربما هو استعداد لاثارة حرب طائفية في المنطقة وبالتاكيد على اسس طائفية بامتياز .
التدخل العسكري الخطير في اليمن مضاعفات خطيرة ليس على اليمن فحسب بل على عموم المنطقة العربية ، لذلك يجب الحذر من خطورة هذه التداعيات والدعوة الى الحوار السلمي الداخلي دون الاعتماد على الأوراق الخارجية ، بل السعي الى التهدئة وضمان عودة النازحين والمشردين من اثر القصف السعودي ، والسعي الى تشكيل ائتلاف يضم جميع الاطياف اليمنية ، والدعوة الى اجراء انتخابات مبكرة يختار فيها الشعب من يمثله في الحكومة ، لان الحرب القائمة اليوم هي سياسية وربما يراد ان تتغطى بغطاء طائفي ، لذا لا بد من الحكمة والتعقل وان ياخذ الشعب دوره ، والا فان هذا الاصطفاف هو مغامرة غير محسوبة وستكون نهاية مملكة النفط .