23 ديسمبر، 2024 1:04 م

قراءة في نصوص الزمان

قراءة في نصوص الزمان

وقفة مع قصة(آخر العمق) للقاص ناصر قوطي
انفتاح سردية الأخر وانغلاق الأنا النصية
قصة( اخر العمق) المنشورة في صحيفة الزمان(السنة الحادية عشرة العدد (2976) من نيسان ( 2008) للقاص ناصر قوطي،تدفع بنا إلى الاشاده بما يتمتع به هذا القاص من إنتاج قصصي متنوع يتناوب بين خطاب(عالم الحلم) وما بين سردية(فن الحكاية) ألقصيرة ،وتسعى هذه القراءة البسيطه إلى محاورة البنيه السرديه لضمير الأخر،كما وتسعى هذه الدراسة إلى قراءة قصة(آخر العمق) لما تمثله هذه ألقصه من مهيمنات أسلوبيه سردية ، إلى حد لابأس به، وتجدر الاشارة إلى أننا نجد في هذه القصة ارتطاما لحدود بنية (انفتاح سردية الأخر وانغلاق ألانا النصية)كما وإننا نلاحظ في الوقت نفسه امتثال هذه القصه لعناصر السرديه القاره من زمان ومكان ومنظور سردي عائد بالمقام الأول لتقنيات(الأخر) المنبثقه عبر تكثيف يستلزم تكثيفا صياغيا تارة، واستثمارا لوسائل تقنية( انغلاق الانا النصية) تارة أخرى، وسنحاول فيما يأتي استنطاق طبيعة البنية السردية ومحاولة الخروج بقراءتها من الإطار البنائي المحصن إلى فضاء أكثر اتساعا، يستدعي الافاده من الابعاد السياقية التي نجد ضالتها في بنية القصة لتأتي القراءة المنفتحه على أكثر من بعد ونسق. حيث تمثلت في هذه القصة عناصر السرد المألوفة من زمان ومكان ومنظور، إلا أنها في الوقت نفسه تميل إلى التركيز، كما تفعل القصة القصيرة غالبا، على عنصر ما ،تركيزاً مهيمناً لترتبط به عناصر السرد الأخرى ، والعنصر المهيمن على ( آخر العمق) هو عنصر المكان إذ استندت إليه البنيه السرديه مستفيدة من تقنيته البارزه وهي تقنية الوصف ذات البعد الشعري ، ولايخفى إن بنية المفارقه تمثل بؤرة الجذب الأظهر في القصة ألقصيرة عموماً ، والتي تتلخص دلالتها في قول شي والإيحاء بنقيضه ، بوصفها الوسيلة المالكة للإيحاء المكثف بتصارع الأضداد ، ولكونها ، أي المفارقه ، تتناسب مع روح الاقتصاد والتركيز التي تتسم بها القصة القصيره التي يستند السرد فيها إلى ما اصطلح عليها بشعرية (انفتاح الآخر) وتروي لنا هذا القصه بضمير المتكلم العليم حكاية تجري استعادتها عن طريق الاسترجاع والتداعي الوصفي ، وتتلخص هذه الحكايه بجلوس المتكلم إلى حافة رصيف الشاطئ حيث المراكب الخشبية والسفائن. تفتح القصة بنية مشهدية طويلة ، إذ إن الحدث محدود في طبيعتة الوصفيه(الجلوس لغرض الصيد) بالقياس إلى مساحته النصية التي تمتد على طول القصة وعرضها مستعينة بتقنية الوصف المركب ذات السمة الاستقصائي لا الانتقائي. وتقدم هذه البنية المشهدية بطريقة السرد الذاتي،ويأتي الزمن فيها ملتحماً بالمكان حيث إن الزمن، كما تعامل معه السرديون ذو طبيعة متداخلة وكينونة أو حقيقة سائلة تنداح على العناصر

الأخرى وتتشكل من خلالها، والزمن في هذه القصة ذو تشكل(ماضوي) يجنح السرد فيه إلى استثمار تقنية (التداعي) للايحاء بحركته الدائبة وباثره الممتد من الماضي الى الحاضر. ويشيع الوصف في هذا النص وينكمش الحوار والمكان الموصوف هو(الجلوس لغرض الصيد) مع شئ من الوصف لمكان اخر هو(ذلك الاخر) ويحفل الموصوف الابرز(مكان الصيد) بالدلالة الرمزية المغيبة الرامزة إلى دراما الحياة ودورتها التعاقبية، اذ ان السرد في القصة يسير سيروره دائرية، فالمكان(رصيف الشاطئ) كحال سواه من الأمكنة يتصف بسمة حيادية بإزاء قاطنيه ، يجلس فيه(الراوي العليم) مع شخصية البطل ولتبدو وظيفة الراوي تفسيرية انفعالية وهو يسترجع حكايات غيبها الزمان واستحظرها المكان . واذا ما قلنا ان المكان ذو طبيعة حيادية فان الاحساس بدبيبه الواقعي وحركتة اللائبة ذو طبيعة مغايرة ،اذ لاوجود للظاهرة خارج الذات المدركة لها كما يقول(الظاهراتيين) ليكون المكان هو بؤرة الارتكازالمشعة الموحية بحركة الحياة. واذا ما اردنا تحليل مركبات السرد في هذه القصة الى مكوناتها الاولية،نجد انه يبنى على مشهد طويل واقعي يتناوب بين السرد والوصف،والمتكلم فيه او الراوي هو الشخصية الرئيسة التي تمارس العملية السردية برمتها،اذ ان حضور(الشخص الاخر) ياتي رمزيا وكذلك الأمر مع شخصية المتكلم،أما المكان الموصوف فهو (المراكب/ الصنارة/ الجسر الحديدي/ ظله الاسود/ سمكة كبيرة) اما في ما يتعلق بآلية الزمن في هذه القصة تدل على نفسها في تفوهات السرد ذاتها القائمة على التخاطر بين الماضي والحاضر وتذويب او صهر الحد الفاصل بينهما ، ومن هذه التفوهات (استطعت ان اعرف خلال ذلك انه يعمل في حمل البضائع ويتخذ الشط نزلا له بعد ان طرده زوج شقيقتة الوحيدة بسبب ادمانه على تعاطي الكحول) وعلى الرغم من ان عنوان القصة (اخر العمق) يمتلك سمة شعرية رمزية الا انة لم يوظف سرديا على انه بديل رمزي لشخصية(السارد العليم) اما اذا حاولنا تحريك خيوط دلالة العنوان ومقاصدها الدلالية المغيبة نجد الافصاح والوضوح وكشف المستور الدلالي .