19 ديسمبر، 2024 1:00 ص

قراءة في نتائج الانتخابات… (الدعوة, المجلس الاعلى, التيار الصدري) نموذجا

قراءة في نتائج الانتخابات… (الدعوة, المجلس الاعلى, التيار الصدري) نموذجا

بداية هناك نقطتان وددت ان ابينهما قبل الاسترسال بكتابة هذا المقال وهما :
اولا: قد يقول قائل انه من الظلم اختزال الحركات الشيعية في العراق بثلاثة جهات وهم(الدعوة, المجلس الاعلى, التيار الصدري) فنقول لمن يقول بذلك ان كل الحركات الشيعية في العراق في الوقت الحاضر تدور في فلك هذه الجهات الثلاث وكل ما تملك من جمهور انما هو مختزل من الجمهور الاصلي لهذه الجهات .

ثانيا: الجهات الثلاث هي جهات ذات خلفية دينية  وهي تعرف ان(الدين النصيحة) وان الحكمة ضالة المؤمن كما انها تعرف المقولة المعروفة (خذ الحكمة من افواه المجانين) وعليه فيجب على هذه الجهات ان تستمع لما يقال  مادام ان الكلام يجري مجرى النصيحة والنصيحة لله .
بعد هذه المقدمة اعود الى الموضوع. الانتخابات والديمقراطية وغيرها من المصطلحات وان كان الاسلام لا يؤمن بالكثير منها او لديه تحفظ على البعض انها الا انها اصبحت واقع حال ولابد من التعامل معها على انها واقع حال وخصوصا الانتخابات فهي الكاشف عن شعبية جهة ما ومدى مقبولية تلك الجهات بين اوساط المجتمع العراقي وقد جرت في العراق اكثر من انتخابات واكثر من استفتاء قبل هذه الانتخابات حيث استطاع الشعب العراقي ولو بنسبة بسيطة ان تكون لديه خبرة في موضوع الانتخابات واختيار المرشحين لذلك فان هذه الانتخابات هي الفيصل وهي الاختبار الحقيقي لشعبية  هذه الجهات الثلاث لذلك  وجب على هذه الجهات ان تتخذ عدة اجراءات تصحيحية على ضوء ما تم تحصيله من نتائج  وسأحاول ان اتعرض لكل جهة على حدة :
اولا : حزب الدعوة: لا اعتقد ان احدا يشك في قدرة حزب الدعوة على احداث الكثير من التغيرات في الواقع العراقي الراهن  فهو يملك  المال والسلطة  ويعتمد على ارث جيد حيث ان الاف الشباب من ابناء الشعب العراقي المظلوم قد اعدموا ابان حكم الاستهتارين اللعناء ومع ذلك نلاحظ نتيجة غريبة جدا في هذه الانتخابات وهي النسبة الضئيلة التي حصل عليها حزب الدعوة على الرغم من التفوق العددي لدولة القانون والى درجة وصلت الى صعود شخص واحد من الدعوة وفي بعض الاحيان تكون امرأة وبالكوتا معنى هذا ان هناك تراجعا في شعبية  الحزب الى  درجة ملفتة للنظر وعلى المسؤولين على الحزب ان كانوا يفكرون بمصلحته وسمعته ان يعيدوا قراءة حاسباتهم وان يعالجوا الاخطاء التي ارتكبت والتي سترتكب لان العراق يتجه يوم بعد يوم نحو الديمقراطية والتي ستتجذر في نفوس الشعب وستقوده الى  اختيار الاصلح والاكفأ .
ثانيا. المجلس الاعلى الاسلامي العراقي . لا يخفى على احد ان العراقيين خصوصا في الوسط والجنوب كانوا ينظرون الى المجلس الاعلى بانه سيكون املا وذخرا لهم خصوصا انه كان يتمتع بسمعة  طيبة عند البعض في مواجهة النظام المقبور واعتماده على شخصيات دينية معروفة وفعلا بعد سقوط الهدام كانت المناصب التنفيذية في اغلبها للمجلس ولكن مع شديد الاسف لم يوفقوا في الادارة وظهرت الكثير من الاخطاء القاتلة التي ادت الى تفرق الناس عنهم وظهر ذلك جليا في انتخابات مجالس المحافظات 2009 والحق يقال ان الجهود التي بذلها السيد عمار الحكيم  بعد ذلك في تصحيح الكثير من الاخطاء والاعتماد على اسس صحيحة في الادارة استطاعت ان تنتج اموراً جيدة اثمرت في النتائج التي حققها المجلس في هذه الانتخابات وان كانت دون مستوى الطموح الا انها افضل من الانتخابات السابقة ولم يبق للمجلس سوى ان يطبق ما كان ينادي به من برنامج انتخابي والا ستكون النتائج لا يحمد عقباها في اي انتخابات قادمة سواء محلية ام برلمانية .
ثالثا التيار الصدري : تيار المحرومين وتيار المظلومين والمستضعفين وتيار المجاهدين وتيار العلماء الناطقين والتيار الذي بني بالدماء الطاهرة وفي مقدمتها دماء الشهيد الصدر ونجليه والتيار الذي يتمتع بسمعة طيبة في اوساط الشعب العراقي ومن كل الجانبين والذي لم تسنح له الفرصة لحد الان في خدمة الشعب العراقي من خلال ادارة المحافظات او الحكومة المحلية الا  بنسبة قليلة جدا وكانت كل الآراء والتوقعات تتجه نحو ترشيحه بان يكون الرقم الاول في الانتخابات وانه سيحصد اكثر المقاعد الانتخابية في مجالس المحافظات وهذه التوقعات والحسابات كانت تتناقلها الاوساط الصدرية وغير الصدرية وعلى مختلف المستويات ولكن كما يقال تجري الرياح بما لا تشتهي السفن فلم يحصد التيار الا مقاعد معينة لا تتلاءم وقواعده الشعبية وطموحات مريديه , نعم قد يقال ان عدد المقاعد التي تم الحصول عليها هي اكثر من الدورة السابقة لكنها تبقى دون مستوى الطموح لذلك فعلا المسؤولين عن ادارة التيار التفكير مليا في مناقشة الاسباب التي ادت الى هذه النتائج لان الشعب العراقي وخصوصا محافظات الوسط والجنوب يتأملون في التيار خيرا ويعولون عليه كمنقذ لهم من الفاسدين والسراق .
خلاصة القول ان هذه الجهات الثلاثة يجب ان تقف وقفة تأمل وتفكير في معالجة الاخطاء وتصحيح المسار لتكون قادرة على ادارة شؤون العباد والبلاد وصولا الى عراق مزدهر ينعم بالحرية والامان ويعوض ابناء شعبه المظلومين سني الظلم والحرمان .