23 ديسمبر، 2024 10:05 ص

قراءة في منهاج حكومة المكلف الكاظمي

قراءة في منهاج حكومة المكلف الكاظمي

ارسل المرشح لرئاسة الحكومة العراقية السيد فيصل الكاظمي المنهاج الوزاري لحكومته الى مجلس النواب العراقي بكتاب رسمي على امل ان تحضى بقبول الكتل السياسية واعضاءها الممثلة في المجلس النيابي، ولم يتضح الموقف النهائي لهذا الكتل فيما اذا كانت ستمنح الثقة للكابينة الحكومية ام لا ، اذ جرت العادة في سياق سلوك ونهج الأحزاب والكتل السياسية انها تحدد مواقفها السياسية ليس على البرامج وانما على أساس المصالح، فيما يكتسب المنهاج الحكومي أهميته لدى المراقبين وعموم الشعب من خلال ما ستبدو عليه روية عمل أي حكومة في مرحلة ما بعد نيل الثقة هذا اذا ما التزم رئيس الحكومة ووزراة في المنهاج الحكومي او يخضع لروى وتوجهات سياسية مغايرة لتلك التي وردت في المنهاج الحكومي وهي السمة السائدة في اغلب المناهج الحكومية كما انها السمة لدى الكتل والأحزاب السياسية قبل الحملات الانتخابية، عموما يمكن قراءة منهاج حكومي الكاظمي وفريقه التشاوري من خلال المحاور الاتية:
اولاً: الانتخابات المبكرة
تعهد الكاظمي في برنامجه الحكومي بأجراء انتخابات مبكرة بعد استكمال المتطلبات القانونية وبأشراف الأمم دون ان يحدد السقف الزمني للانتخابات المبكرة هذه، علما ان احدى اهم مطالب الحركة الاحتجاجية وبعض القوى الدينية والسياسية هي اجراء انتخابات مبكرة خلال فترة ستة أشهر.
ثانيا: مكافحة جائحة كورونا
تعهد الكاظمي أيضا بمكافحة جائحة كورونا من خلال ما اسماه بناء نظام صحي حديث معتمدا على روية مستقبلية، وفي ذلك يريد الكاظمي ان يوكد على جهود خلية الازمة وتقارير منظمة الصحة العالمية الناصة بضرورة تكثيف الجهود، والاستعداد لفترات قد تطول في مكافحة وباء كورونا. يأتي هذا كتأكيد على خطاب التكاليف من انه الحكومة تتعهد بأن تكون في خط الدفاع الأول لحماية العراقيين من خطر فايروس كورونا. وقال ستبذل حكومته قصارى الجهود وتستخدم كل العلاقات الداخلية والخارجية لحماية العراق في مواجهة هذا الوباء العالمي. نعم، سنرعى المتضررين من حظر التجوال وندعم الكوادر الصحية والطبية والأجهزة الامنية الان ومستقبلا، ونوفر الميزانيات اللازمة لحماية الصحة العامة.
ثالثاً: الازمة الاقتصادية وانخفاض أسعار النفط
مع الانخفاض الحاصل بأسعار النفط بسبب الصراعات الدولية هنا وهناك المتزامنة مع انتشار وباء كورونا، وفي بلد مثل العراق يعتمد كليا على النفط ويشكل ما نسبته 90من موارد الموازنة الاتحادية، هناك مخاوف حقيقية من انهيار الاقتصاد العراقي، وما قد يسببه من تداعيات كل مجمل الأوضاع في البلد ومن ضمنها الموازنة التشغيلية المتعلقة بالرواتب وما شابه، فأراد الكاظمي ان يطمن الشعب العراقي دون ان يضع الاليات الازمة لذلك، مقتصرا كلامه على التنويه بشكل عام.
رابعاً: السيادة الوطنية
حاول الكاظمي ان يشير الى ضرورة التأكيد على احترام السيادة الوطنية وذلك عبر ما اسماه بأبعاد العراق عن صراع المحاور من خلال تبني العراق أطروحة فتح الحوار بين الدول المتصارعة وتحييده عن أي صراع إقليمي او دولي محتمل، لا سيما وان العراق قد مضى طوال الفترة السابقة عرضة للانتهاكات العسكرية والسياسية. وقد أشار الكاظمي أيضا في مناسبة سابقة من ان السيادة خط أحمر، ولا التنازل على حساب كرامة العراق والعراقيين، العراق بلد عريق يمتلك قراره السيادي، والحكومة ستكون ساهرة على السيادة الوطنية ومصالح العراقيين. موكدا من ان سيادة العراق لن تكون قضية جدلية، وقرار العراق بيد ابنائه، العراق للعراقيين.
خامساً: مكافحة الفساد
أشار الكاظمي من خلال منهاجه الى مكافحة الفساد دون ان يوضح او يدلل على الاليات اللازمة لذلك. واكد ذلك من خلال المحور الخامس في الفقرات(1و2) متعهدا بتعزيز مؤسسات الدولة من اجل القضاء على الفساد بشتى اشكاله ومن ضمنه ارجاع الأموال المهربة خارج العراق، وتسخير إمكانات الدولة الأمنية اذا ما كان هناك تحديات داخلية قد تسببه الجهات السياسية.
سادساً: ترسيخ قيم المواطنة
من خلال تركيزه على احترام الخصوصيات القومية والدينية والمذهبية، وعدم السماح للخطابات الهوية بما يثير النزعات الاهلية.
سابعا: تطوير المؤسسات الأمنية واصلاحها
أكد الكاظمي على أهمية المؤسسات الأمنية كقوة الجيش والشرطة وجهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية، وهيئة الحشد الشعبي، والبيش مركه، وغيرها كقوى قانونية ومحاولة اخضاعها للقانونين العسكرية النافذة، فيما لا يزال الجدل دائرا داخليا وخارجيا حول الدور السياسي لبعض القوى المسلحة، إضافة الى مطلب حصر السلاح بيد الدولة، وقد عبر الكاظمي في خطاب التكاليف عن ذلك أيضا من السلاح كل السلاح، الثقيل، المتوسط، الخفيف، هو اختصاص الدولة لا غير الدولة، الدولة فقط، السلاح ليس اختصاص الافراد ولا المجموعات. والمؤسسات العسكرية والامنية بمختلف صنوفها، الجيش والشرطة، الحشد الشعبي، والبيشمركة ستقوم بواجبها لمنع انفلات السلاح، وسنعمل على حصر السلاح بإجراءات حاسمة. المطلب هذا الذي بقى لحد الان شعارا وحبرا على ورق ليس الا ولم يستطع أي ان من رؤساء الحكومات السابقة وربما حتى صاحب البرنامج هذا من تحقيق هذا المطلب بفعل الضواغط الداخلية والصراعات الخارجية.
ثامنا: الوجود العسكري الأجنبي في العراق
ذكر الكاظمي في منهاج حكومه من انه سيجري مفاوضات جادة مع قيادة الدول المشتركة في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، دون ان يوضح طبيعة المفاوضات المرتقبة وطبيعتها، لكن في المجمل هناك سابقة من الكاظمي نفسه من انه سيجري هذه المفاوضات مع الولايات المتحدة من اجل تحديد سقف للانسحاب من العراق كليا. فيما يشكك العديد من المراقبين عن قدرة الكاظمي على ذلك في الوقت الذي يعد البعض الكاظمي من المقربين للولايات المتحدة.
تاسعاً: تطوير بعض القطاعات الاقتصادية والاستثمارية
يضع الكاظمي في منهاجه في المحور ثالثا الفقرات من (1 الى 9) سرد نظري في تطوير الاقتصاد، وتطوير نطاق الرعاية الاجتماعية، والتجارة والسياحة، وتطوير قطاعات الاستثمار وهيئة البنك المركزي. مشيرا الى انخ سيحرك حركة الاقتصاد لتوسيع الاستثمارات وتنويع الدخل وتشجيع الصناعة والزراعة والتجارة.
عاشرةً: العلاقات الخارجية
حدد الكاظمي العلاقات الخارجية للدولة العراقية في المرحلة القادمة من خلال ثلاث مرتكزات:
السيادة
التوازن
التعاون
احدى عشر: تحقيق العدالة
افترض الكاظمي ان من اجل الوصول الى الدولة الناجحة هو تحقيق العدالة عبر دعم الهيئات القضائية، وإقرار القوانين والتعليمات اللازمة لاستقلال القضاء.
اثنى عشر: الحركة الاحتجاجية
أشار الكاظمي في برنامجه الحكومي الى الاحتجاجات كقوة ضاغطة دخلت على خط العملية السياسية في العراق بقوة فقد أشار لها في المحور الأول الفقرة(5)، وخصص لها المحور السابع والأخير من البرنامج تحت عنوان((الاحتجاج السلمي طريق لإرشاد الدولة))، وأشار الكاظمي الى أهمية تأسيس مجلس استشاري شبابي تطوعي مرتبط بمكتب رئيس الحكومة بهدف التنسيق في مجال الإصلاح، وهو هدف يدلل على محاولة الكاظمي مغازلة الجمهور المحتج طوال الفترة السابقة وقد شكلت الحركة الاحتجاجية عنصر ضغط ارغم الكتل السياسية تقديم تنازلات كبيرة ومنها استقالة حكومة السيد عادل عبد المهدي.
ومما تقدم نستطيع القول ان المنهاج الحكومي لسيد فيصل الكاظمي استكمالا وتكرارا لما ذكره في خطاب التكاليف ومن اهم مواده مايلي:
الانتخابات المبكرة بقيود قانونية دون ان يضع سقفا زمنيا لأجرائها
التأكيد على السيادة وابعاد العراق في صراع المحاور
تعزيز الإجراءات الصحيحة والأمنية في محاربة وباء كورونا
محاولة تدارك تداعيات انخفاض أسعار النفط
التأكيد على قيم المواطنة
كما تضمن المنهاج الحكومي محاور عامة تخص تطوير الاقتصاد والسياحة والتجارة
لم يحدد طبيعة التفاوض ومدتها مع قيادة القوات الأجنبية في العراق رغم الإشارة اليها وهل هي هدف لحكومته ام محاولة لإرضاء بعض الأطراف الداخلية والخارجية.
تطوير العلاقات العراق الخارجية وفق مرتكزات: السيادة، والتوازن، والتعاون.
مغازلة الحركة الاحتجاجية ومحاولة تحقيق مطالبها وفتح مكاتب للحوار مع اقطابها.
فيما خلى المنهاج الحكومي من مسائل أساسية كالمشاكل مع الكرد حول قضايا مهمة كتصدير النفط والقضايا السيادية الأخرى.