تنويعات الفعل التداخلي و محورية أحوال التشكيل
مدخل :
تتسع قابلية التوظيف في دلالات تجربة قصورة الشاعر القدير الأستاذ علي الأمارة، بذلك التجاوز و الانعتاق و معانقة أفق التشكيل المحوري ، المتضامن و حدود حافزية وعي الإثارة الصورية و منطقة الاستجابة النوعية النابعة من آتون محمولات الأبعاد الدوالية المتصلة و قيمة علاقتها التماثلية ، الممتدة بين محاور (اللقطة الصورية + إدائية مؤشرات الخطاب الشعري ) و هذا التداخل في حد ذاته، أنما هو حالة تحولية و متحولة بين صفات و أفعال و علاقات الدوال في القصيدة و مظهر مراوية رؤية اللقطة التشكيلية في أسلوبية اللوحة ، مما يجعل موجهات الإقامة البنائية في ثنائية ( القصيدة / اللقطة الصورية ) يشكلان كلاهما تضافرا منتجا ، آخذا بالأنعكاس المتخلق في توليد المعنى المتشارك ، بموجب وحدة عضوية من الدلالة التشكيلية المتناغمة في نسيج الخطاب المتوحد . من هنا نطالع تجربة قصورة ( أنا و شكسبير ) بوصفها علاقة استثمارية فاعلة بين طرفي ( القصيدة = قصورة ) وصولا إلى حجم تلك المساحة الإفاقية من شعرية ( انا الشاعر = أنا الصورة = قصورة ) و تتبع هذه الكيفية التوظيفية ذلك السياق من اداة الترشيح ، إلى جعل كلا من العلاقة الشعرية و الصورية تقع داخل محددات حال و أفق المعنى في الخطاب القولي ، تنويعا خصبا من شأنه تفعيل الدلالة اللقطاتية الثابتة في محورها الزمكاني إلى حالة تحقيقية من الشكل و نمو المحور و سمو نقلها إلى مسار إحيازية منفتحة في حدود التركيز و الترابط و العلامة التشكيلية المتوغلة ، في فضاءات التنصيص و جاذبية التصور الممنوحان في فكرة و اطار مبنى تشكيلية القصورة . و نحن نقرأ تجربة قصورة ( أنا و شكسبير ) و قصورة ( قصورة البصرة ) و تجربة ( رسائل إلى الميدان ) لاحظنا مدى فاعلية و خاصية الصورة التشكيلية ، أو اللقطة الفوتوغرافية ، في تأسيس مواطن حال الإيحاء الأحوالي في قصيدة الشاعر الأمارة مما جعلها تشكل بذاتها خصوصية تداخلية في منحى مصوغات هائلة من التكوين الإطاري المتشكل ، من خلال مصدرية اللقطة الكاميراتية في أبعادها اللونية و الخطوطية و الأفقية الممسرحة بين تمظهرات فضاء المتخيل الإيحائي في خطاب القصورة التشكيلية ، نقرأ انموذجا ما جاءت به قصيدة و لوحة ( حفلة تنكرية ) في أحدى مشاهد الاحتفال التنكري في مسرحية (روميو و جوليت ) للرائع الكبير وليم شكسبير :
خلف هذه الوجوه
بلدٌ سابحٌ في مياه الظنون
حياة ٌ مقنّعة
و ملامح ذائبةٌ في الرؤى . ص 1 / قصيدة : حفلة تنكرية
أن قراءة القصيدة و حركية مؤشراتها ، تدلل على وجود اللقطة الموازية لها جانبا من موضع حالات رؤية القصيدة ، إذ تصور شخصية روميو وهو يمسك بيد جوليت ، حيث راحت تتخفى قسمات وجوههم خلف ( حياة مقنعة ) و نستشف من مستهل النص ، بأن المخيلة الشعرية لدى الشاعر الأمارة ، راحت تبتعد بحدود محددات اللقطة التي جمعت روميو و جوليت في الرقص ، لتدخلنا دوال قصيدة الشاعر بهذا القول الصاعد نحو أدق لغة تبئيرات الذروة التوصيفية : ( خلف هذه الوجوه ـــ بلد ـــ في مياه ـــ الظنون ) لقد تم من لدن المخيلة الشعرية تعيين اللغة الناتجة من دلالة الحفلة التنكرية ، أبعادا خارج مستوى محمولات الصورة المحنطة في خطوط و ألوان زمكانيتها ، لتدلنا عليها دوال قصيدة الشاعر في موقع قصر الاحتفال ، أي بمعنى ما ، أن دوال قصيدة الشاعر ، أخذت في تجاوز زمنية اللقطة الآيقونية المحنطة ، لتدخل قارئها داخل آتون أفعال و حالات تتعدى بانورامية الرسم الصوري الراهن في المشهد المسرحي تقابلا : ( و ملامح ذائبة في الرؤى ـــ و قلوب تهيم على سكة الحب ) تستمر آلية التوصيف الأحوالية في النص ، لتلامس مؤديات داخلية الاستجابة الطموحاتية في التشكل و التمظهر في مقترح اللقطة في الحفلة التنكرية ، وصولا منها إلى درجات مشحونة بالرغبة و استنطاق المستحيل :
حتى حدود الجنون
خلف هذه الوجوه
ثمة قلبان يبتكران
من العشق فجراً جديداً . ص 1
اللغة المحكية في ملفوظات الدوال ، جاءتنا تشخيصا في زمنية ( الميتاعاطفة / الماقبل الحادثي ) لتستمر حضورية المقترح الثنائي ( الصورة = القصيدة ) دليلا مكتظا بكثافة العلاقة القصورية : ( موضوعة الرؤية ـــ حفلة تنكرية / دوال التداخل ــــ خلف هذه الوجوه / البرقيات الصورية ـــ بلد .. في مياه الظنون / استنطاق الداخل المروي ـــ حياة مقنعة / جهة أخرى من الحلم ـــ ملامح ذائبة في الرؤى / موقع العلاقة ـــ قلوب تهيم على سكة الحب / علامة قصوى من جهة الفاعل المكون ـــ حتى حدود الجنون ) أن خصوصية الفعلان المتجانسان في حكاية اللقطة التنكرية (روميو + جوليت = أنا الشاعر = أنا القصيدة ) يمارس عنهما الشاعر سرد شرارة الإثارة و التكثيف و الكشف عن مؤديات ثلاثية محاور ( استنطاق = اللقطة = العلامة الشعرية ) :
و يزيحان عمراً من الحقد
جفّتْ عليه السنون . / ص 1
الراوي الشعري هنا ، يسعى إلى إحالة العلاقة العاطفية من خلال دلالة جملة(خلف هذه الوجوه ) بما يجعل من جملة ( و يزيحان عمرا من الحقد ) بمثابة الواصلة الدلالية التي من شأنها إزاحة المعنى المرتقب في الصورة إلى منطقة من العلاقة الزمكانية المشحونة بفاعلية ( خارج المبنى / داخل المتن ) من المشهد الصوري ذاته ، و هذا الأمر بدوره يقودنا إلى أثبات أرتدادية ماضوية المشهد المكاني ، و صلة زمنية أحوال وحدات الخطاب في القصيدة ، بما ينطلي عليهما من مضمرات دوافع معنوية الأحقاد و تواريخ المساحة الزمكانية في مرشح شعرية القول :
خلف هذه الوجوه
غرامٌ عظيمٌ سيولدُ
من نظرات العيون . / ص 1
يبقى المشهد التصويري في مشغل شعرية الشاعر ، و تحديدا في نهاية هذه الجملة من القصيدة ، بما غدا يلوح نحو سرانية الاستجابة الأولى من جملة العتبة النصية (خلف هذه الوجوه ) آخذا بها لتشكل تلك الملازمة و اللازمة الفقراتية داخل فواصل قصيدته ، عبورا منها إلى رعشة ( غرام عظيم = سيولد / من نظرات العيون ) على الرغم من ضيق زوايا اللقطة المسرحية في رواية ( روميو و جوليت ) إلا أن الأمارة راح يدخلها في مضاعفات و تنويعات المشهد الشعري ، المنفتح تأثيرا انعكاسيا ، بما يناسب مساحة وحدات التصور و احوال تعددية المقولة الشعرية .
ــــ فضاء المتن الصوري و مساحة تنافذية الشرفة الشعرية .
تجتهد اللقطات الشعرية في القصورة ، بما يعامد تدخلا عميقا في منطقة البوح بمرجعية الحكاية المسرحية المتمثلة بقصيدة ( صعود ) و في هذه القصورة ، نعاين الشاعر وهو ينهل من حدود تداخلية ( فضاء المتن الصوري + مساحة الشرفة القولية في النص ) فالدال العنواني ( صعود ) جاءنا في حدود رؤية لقائية بين روميو الذي راح يتسلق جسد شرفة منزل جوليت ، و يتشكل حدود هذا اللقاء ، بما جعل الشاعر يبث بأدواته القولية واصفا تجليات هذا المدلول من متن المشهد في الصورة المسرحية :
إلى شرفة النور
يصعد قلبي
يحاول أن يحتفي بالقمر
تسلق كل حبال المودة
حتى ارتمى في عيون الخطر . / ص 2 قصيدة : ( صعود )
يتسع التصور الشعري في ملاحقات هذه الأسطر المؤسطرة في دلالة التعاطي مع الأخطار و الخطر ، لأجل الظفر بمواعدة حميمية تجمع الأثنان داخل شرفة الإطلالة الشعرية النابعة من وعي الشاعر . فالشاعر هنا يشتغل بحساسية الحالة التصويرية المصورة إلى لحظة جوهر القراءة الموازية بين الصورة و القصيدة ، مرورا بالذاكرة التي راحت تشاطر مرجعية النص الشكسبيري في حوارية فضاء المشهد المسرحي ، غير أننا نجد الأفعال المضافة إلى رصيد النص الشكسبيري ، إذ تلتحق بحظوة المعالجة الشعرية الجديدة ، التي من شأنها زرع روح العلاقة التشاكلية بين الطرفين داخل آتون مستحدثات من الإطار الشعري توليدا ممسرحا داخل دلالة الجملة التي تقودنا نحو هذه الترسيمة المفترضة منا : ( إلى شرفة النور ــــ لحظة الصعود إلى عتبة شرفة جوليت = موازاة استعارية بالعتبة الأيقونية المتصدرة إلى جانب القصيدة / يصعد قلبي ــــ حساسية مضاعفة من جهة الفاعل المتحرك حاضرا / يحاول أن يحتفي بالقمر ــــ استيعاب مفترض بموجهات دلالة الأيقونة في دال حال اللوحة / تسلق حبال المودة ــــ دينامية الحالة التواصلية بأسباب المستعار و المشبه به / حتى ارتمى في عيون الخطر ــــ تجليات المقترح التبئيري في مرجح زمن التوقع أو اللاتوقع / وجوليت واقفة في السماء القريبة ــــ ضمير الذات روميو في علاقة التقديم و التأخير طلبا منه إلى ذلك المستوى من التحقق المضاعف في حس المستعار الوصفي ) نحن في أفق هذه الترسيمة الجديدة نسعى إلى تقريب مستوى دلالات قصيدة الشاعر ، و ليس الغرض منها تأسيس خطاطة منهجية في النقد الشعري ، بل أننا نحاول الإحاطة بمؤولات حالة التشاكل و التزامن ما بين محيط المشهد الصوري و فضاءات القصيدة ، بدلالة القول المتزامن في المعاينة النقدية التأثيرية منا أنطباعا و ليس منهجا . على أية حال نعود لمحاور و علاقة التشكيل البنائية بين مرايا اللقطة المشهدية في زمن و مكان سكونية ألوان اللوحة ، و بين مرايا شعرية قول علي الأمارة المؤثر في عوالم إيحاءاته و هواجسه القصورية الرائعة الصنيع .
ـــ تعليق القراءة :
نقول ختاما في هذه الحلقة الأولى من مباحث دراستنا حول قصورة الشاعر القدير علي الأمارة .. أن مقاصد وحدة العلاقة الزمكانية في موقع الأيقونة الصورية ، ما هي إلا جملة تحققات تنويعية في مؤشرات الفعل التداخلي و تعددية أحوال التشكيل في قراءة علامات و سمات عوالم اللوحة في مداراتها السكونية و المتحركة ، مما جعل لغة القصيدة تبدو لنا و كأنها لغة تشريحية متحركة في معناها الزمكاني المتقد ، و هذا الأمر بدوره يعد فعلا من أفعال و أحوال خطاب القصيدة الشعرية المنفتحة حول فضاءات لغة زمنية و مكانية اللوحة التشكيلية أو الصورة الفوتوغرافية ، و من أجل أتمام حلقات مشروع كتابنا حول ثيمة قصورة علي الأمارة الشعرية الرائعة ، تعمدنا أن لا نكشف عن جهتنا المستدلة حول آليات و محاور و عنونة الدراسة المركزية . فقط نود الاشارة إلى أن اشتغلات الشاعر في قصيدة ( حفلة تنكرية ) و قصيدة ( صعود ) قد حققتا معادلة قصورية حاذقة في إيقاظ فاعلية الزمكانية داخل تنافذية العلاقة ما بين القصيدة و الصورة ، بما جعلهما أصوات دوالية متعددة في صياغة مهام التشكيل التوظيفي المؤثر .