23 ديسمبر، 2024 6:23 م

قراءة في مخاطر تطورات الوضع المصري بعد احداث اقتحام ميداني النهضة ورابعة العدوية

قراءة في مخاطر تطورات الوضع المصري بعد احداث اقتحام ميداني النهضة ورابعة العدوية

الاحداث الحالية المتسارعة في مصر وعملية الاقتحام التي جرت لميداني اعتصام النهضة ورابعة العدوية تؤشر جملة نقاط  خطيرة على مستقبل مصر وعلى المنطقة برمتها يمكن اجمالها وفقا لما يلي :
1. ان اسلوب معالجة الازمة   في مصر، بهذه الطريقة التراجيدية التي جرت بها ، لابد وان يترك تأثيرات خطيرة على مجمل الوضع المصري، تمثل في خطأ فادح باللجوء الى القوة العسكرية لفض اعتصامات سلمية ، وقد لاقت خطوة الاقتحام هذه انتقادات اميركية واوربية ودولية واسعة لم يكن بمقدور الولايات المتحدة على رغم مواقفها الغامضة من الازمة وانها هي التي تقف وراء كل تلك الاحداث الا ادانة الاقتحام، وتوجيه اقسى الانتقادات للمجلس العسكري، كون أسلوب القمع الذي استخدم مع متظاهرين سلميين يتنافى والقيم الديمقراطية، وكان الاحرى اللجوء الى سبل افضل للحوار،  بدل اللجوء الى الاقتحام وتعريض حياة الاف المصريين لعمليات للخطر وما رافقها من عمليات قتل واصابات بالغة واسعة لالاف المصريين ، ماكان لها ان تحدث لو ان المجلس العسكري الحاكم لم يستفذ سبل الحوار بأية طريقة وحل الازمة سلميا.
2.  ان المجلس العسكري الحاكم الان في مصر قد خسر فرصة ان يتم الوثوق به من الشارع المصري، وان وجد تجاوبا من قبل بعض المصريين المحسوبين على القوى العلمانية، الا ان طريقة الاقتحام هذه ربما أساءت الى القوات المسلحة المصرية وسمعتها الطيبة بالانحياز الى الشعب المصري الى مسار آخر همه تسلم زمام السلطة بأي ثمن ، حتى لو كان على حساب دماء الاف المصريين الذين تعرضوا للأذى من خطوات عسكرية قسرية وغير مبررة ، اضطر المجلس العسكري تحت ضغط سياسي داخلي من بعض القوى المصرية لهذا الخيار  غير الموفق.
3. لقد كانت الولايات المتحدة الداعم لكل عملية اضطراب الوضع في مصر ، بدءا من اسقاط مبارك حتى المجيء بمرسي ومن ثم تحريض المجلس العسكري على الانقلاب على مرسي ، رغم انه جاء وفقا للنظام الديمقراطي الذي سانده الغرب وامريكا على وجه الخصوص التي ارادات اتخاذ جماعة الاخوان فرصة لا ن تثبت ان |”لاسلاميين” هذا هو اسلوب نظامهم السياسي وقد جاءت بمرسي تلبية لهذه الرغبة وليس حبا بمصر ولا بالاخوان المسلمين، وارادت تشويه صورة الاسلام في كل الدول العربية على انه راع للارهاب والعنف والتدمير .
4. لقد كان العراق مقدمة للنظام الاسلامي الغربي الذي ارادت الولايات المتحدة فرضه كتجربة اولى في المنطقة بعد ايران، وتونس ودول في المنطقة ووجدت فيه خير سبيل الى الفوضى والدمار واشاعة الخراب وضياع الهوية العربية  وجعل العرب يتناحرون فرقا وشيعا فيما بينهم ويتم تحريض فئة ضد اخرى واشاعة اجواء القتل والحروب اوالترويع والفوضى والحرب الاهلية ، وما جرى في العراق بوابة الدخول الى هذا الفصل المأساوي المريع الذي اوصل المنطقة برمتها الى هذه الحالة التي هي عليها الان..ويدرك المصريون الان انهم وقعوا ضحية تضليل واسع النطاق ان تم استهداف نظام مبارك ومن ثم الاتيان بمرسي ومن بعده ترك العسكر يعبثون بمصير البلد على هواهم ينشرون الرعب والخوف وتمزيق وحدة مصر تحت عنوان استعادة النظام، وما يحدث الان من مشهد دراماتيكي متسارع في مصر يدخل في هذا الاطار، وما ان تدحرج العراق وسلب دوره حتى تراجعت كل الاتنظمة العربية وانهارت بالطريقة التي جرت عليها الان.
5. لقد سعى الغرب الى اتخاذ المجلس العسكري في مصر لان يكون وسيلة ليرسم شكل انظمة الحكم المتعاقبة في مصر وهو الذي يقر شكل النظام ويفرض سطوته من خلف الكواليس من قبل العسكر، اما السياسيون فمجال سلطتهم في تنفيذ شكل النظام المطلوب وفقا لاوامر العسكر ، في حين يتولى العسكر فرض هيبة الدولة بأذرع القادة العسكريين الذين يفرضون سلطة الامر الواقع من خلف حجاب ، وهو الان يجري على الهواء وامام الملايين ، وهو ما جرى لسنين طويلة منذ ايام حكم الرئيس جمال عبد الناصر الى وقتنا هذا، فالمجلس العسكري اداة لتسيير دفة النظام السياسي وتلميعه باطر ديمقراطية وما جرى من انماط حكم من عبد الناصر الى مبارك الى المجلس العسكري ومن ثم بعده عهد مرسي القصير المدى لشاهد على هذا التدخل في الشأن الداخلي المصري من قبل أهل مصر هذه المرة وليس من خارجها ، اي اعطاء ( مشروعية ) للمجلس العسكري لان يتصرف بالوضع المصري على هواه ووفقا للخطة المرسومة له والسيناريو الذي وضع له من قبل الغرب لتسيير دفة البلاد او السيطرة على مقدرات البلد بالطريقة التي لاتخرج بكل الأحوال عن اطار سياسة الغرب في ان يكون المجلس العسكري يسير دفة البلاد الى الطريقة التي يتمناها او يخطط لها.
6. لقد كانت استقالة نائب رئيس الجمهورية  المؤقت احمد البرادعي احدى الدلائل على عدم سلامة الموقف الذي اتخذه المجلس العسكري باللجوء الى استخدام القوة العسكرية في  فض تجمعات ذات طابع سلمي وهو التظاهر في ميادين معروفة ، ولم يتم استنفاذ سبل الحوار بعد ، بل ان الحوار يكاد يكون شيه مقطوع بعد سيطرة المجلس العسكري على السلطة في مصر، بل ان المجلس العسكري لم يترك اية فرصة للحوار لتجد صداها واراد فرض سطوته وما يريد فرضه هو وليس بارداة الاخرين المعارضين لتوجهاته او هو يتعارض مع توجهاتهم، ما وضعهم في موضع الاحراج امام الرأ ي العام الداخلي والخارجي على حد سواء.
 
7. ان ما نراه في خاتمة هذا الاستعراض ان مصر دخلت في نفق مظلم وبخاصة بعد فرض حالة الطواريء ليس بمقدورها ان تخرج منه  بسهولة اذا لم يدرك ابناء مصر حقيقة ان بلدهم الان هو في أسوأ أحواله وهو يسير الى مزيد من الفوضى والانفلات وهو ما توقعته في مقال سابق بعد سقوط مبارك ، وجاءت مجريات الاحداث الحالية لتؤكد صحة ماذهبت اليه في المستقبل المنظور  في  مرحلة مابعد مبارك، ليس حبا بمبارك ولكن مجريات الاحداث والطريقة التي جرى بها تهييج الشارع المصري وتحريضه ضد نظامه وكل المحاكمات التي جرت ما هي الا مسرحية تدحل في هذا الاطار الذي رسمه ان يكون وقد تحققت مسارات هذه التوقعات بحدوث كل هذه الفوضى وهذا الاضطراب الذي تشهده مصر هذه الايام.
 
8. ان بامكان المصريين وهم شعب مثقف له تاريخ حضاري مشهود له بالموقف المتجدد والحكمة الاصيلة ان يصل من خلال الحوار ومشاركة كل القوى المصرية في حكم بلادها بلا تهميش او اقصاء او الغاء للاخر هو السبيل الوحيد للخروج من الوضع المأساوي لمصر الامة والبلد الذي يمتلك أرثا حضاريا ضاربا في أعماق التاريخ، ليعيد رسم خارطة بلده من جديد برفض التدخل الخارجي في شؤون بلده والاهتداء الى حكمة المصريين العقلاء الذين كانوا على الدوام جزءا من حل مشكلات الاخرين واذا بهم يقفون مضطربين ازاء ازمة تمر بها بلادهم وشعبهم يدخل في نفق مظلم لايعلم الا الله ماذا يجري له من مخططات رهيبة لتدمير قدراته وتحويل شعب مصر نحو حروب اهلية لاتبقي ولاتذر والخاسر الوحيد هو الشعب المصري ، ولن يخسر بعون الله ان سار الخيرون من قادة بلدهم الى ما ينقذ احواال الامة مما تواجه من مخاطر واهوال.
 
9. ان خسارة مصر لدورها الوطني والاقليمي والقومي يملي عليها ان تعود الى ممارسة هذا الدور، وتضع حدا لتطاول الاجنبي بمقدراتها ووضع حد لطغيان العسكر وتصرفهم الكيفي بمستقبل بلادهم دون وعي للمخاطر الفادحة التي تسفر عن هكذا ممارسات اقل ما يقال عنها انها دكتاتورية فضيعة ، لم يشهد لها التاريخ العربي مثيلا الا في العراق، البلد الذي يتوقع مرة اخرى ان يشهد اوضاعا مشابهة لما يجري في مصر مرة اخرى وربما يحرض ما جرى أقول يحرض السلطة في العراق لاجتياحات مماثلة لساحات الاعتصام وفقا للطريقة الهمجية التي جرى بها الاقتحام العسكري لساحات الاعتصام في مصر وهو أمر متوقع وسيكون مصير العراق الأسوأ اذا ما جرى الاقدام على شاكلة ماجرى من خطوة متهورة كتلك التي اقدم عليها العسكر في مصر.