19 ديسمبر، 2024 6:13 ص

قراءة في مجموعة (وجوه ضائعة) للقاص كريم عباس زامل قراءة في مجموعة (وجوه ضائعة) للقاص كريم عباس زامل

قراءة في مجموعة (وجوه ضائعة) للقاص كريم عباس زامل قراءة في مجموعة (وجوه ضائعة) للقاص كريم عباس زامل

(افق تلقي القارئ واشكالية انتظار المؤلف)
يتضمن هذا العنوان (نظرية التلقي) وهي نظرية لا يمكن التعريف بها في بضع كلمات لا سيما ونحن نحاول هنا تفكيك عنوان هذا التعريف حتى يتاح لنا ان نشير الى انها من النظريات الحديثة التي ظهرت عند الغرب والالمان خاصة ,واثرت بشكل جلي على النقد الغربي ولها يدها ايضا على النقد العربي .

وهي نظرية تشير على الاجمال الى تحويل عام من الاهتمام بالمؤلف والعمل الى النص والقارئ.

والى جانب الاستفادة من مصطلحات هذه النظرية في المجال الشعري فاننا لا نعدم من تعامل مع (نظرية التلقي ) في مجال السرديات ,والى جانب هذا العنصر الايجابي ايضا والذي تحدثنا عنه , الناتج عن اثر استقبال (نظرية التلقي) على نقدنا الحديث نشير الى عنصر ايجابي اخر وهو : جانب التأويل :ان نظرية التلقي لكونها تعتمد على القارئ فانها تنظر اليه من زوايا عدة : ومن اهم الامور التي تستأثر بالاهتمام في هذا الصدد مسألة التأويل,اي تأويل النصوص الابداعية خاصة ولكن لماذا ترتبط نظرية التلقي بالتأويل؟ ان هذه النظرية تتكئ على القارئ كما هو معروف ,ولأن علاقته مع النصوص تتحدد من خلال التأويل الذي يمارسه على النص ,وهناك يبقى شئ واضح هو ان القراءة شرط مسبق وضروري لجميع عمليات التأويل الادبي .

ومن اجل توضيح ذلك ,وتوضيح بعض المفهومات التي مرت سابقا ,سأختار الان مجموعة قصص (وجوه ضائعة ) للقاص كريم عباس زامل ,كمثال للتطبيق .

بالاضافة الى ( افق التوقع ) سأستعين بمفهومين هما (مفهوم الفراغ )ووجهة النظر (الجوالة) وأبدأ هنا من بعض التعليقات التي هجستها من قراء اطلعوا على قصص المجموعة كليا او جزئيا .

فمنهم من قال انه لم يستسيغ هذا العمل القصصي ,ومنهم من رأى ان القاص في هذا لم يقدم في هذا جديدا بعد عوالم مجموعته الاولى (اغريق) وآخرون رأوا ان المجموعة القصصية المشار اليها سلفا لم تستوفي شروط ومطاليب البناء القصصي الجاد. غير اننا عندما قرأنا مجموعة ( وجوه ضائعة ) لقاص كريم عباس ,حللنا مجمل هذه الاقوال فلم نجد في دخيلة ذائقتنا القرائية سوى المزيد من الخلل والالتباس الناتج عن رأي الفريق الاول والنابع من بعض الرموز الموجودة في داخل مضامين اقاصيص المجموعة ,مثل قصة (عبور البحيرات) او قصة ( وجه بودلير) او قصة (موت لزج) .

يبقى الاهم من كل هذا وذاك على حد تقدير رأينا النقدي, هو حجم (الفجوة ) الموجودة بين مقدمات القصص وباقي اجزائها الشكلية والبنيوية .حيث تبدأ بعض قصص المجموعة بالحديث (الممسرح ) من خلال مشاهد وصفية اولية مغرقة بالايغالات الرمزية الغير مبررة في واقع شكلها الموضوعي والفني, حتى انها تبقى في بعض الاحيان للقارئ مجرد يافطات بانورامية متخيلة لا تشكل في عالم التحديد (السردي/العلاماتي) شيئا يذكر على وجه التعيين الادبي والنقدي .

في وقت راح يمضي بنا القاص كريم عباس في دوامة محاكاتية متصاعدة عن اجواء قصص مجموعته , وفجأة يتوقف ,حيث يحدث انكسار في مسار حكايات قصصه ,كما الحال في قصة (سور سليمان ) وقصة (اولاد العروس) ليأخذ بالتالي اتجاها غير متوقع, مما يشكل فراغا ينبغي للقارئ ان يملأه لكي يربط بين الاجزاء التي تبدو ظاهريا غير مترابطة , كما عليه الحال في قصة (عودة الزعفران) : وهذا لا يتآتى الا من خلال وجهة النظر (الجوالة ) , التي تتيح للقارئ ان يغير اتجاهه في كل مرة مع تغيير مسار الحبكة في قصص المجموعة . وهنا ارى ان مجموعة (وجوه ضائعة ) للقاص الصديق كريم عباس زامل قد احدثت عدم تطابق بين افق تلقي و توقع القارئ وبين مفهومية توقع افق تلقي النص , مما جعل المؤلف يواجه عجزه امام اشكالية الفهم المترتب من خلال نصوصه القصصية التي وقعت اسيرة الفراغ والفجوات التي يجب على القارئ الواعي ان يملاها . وهذا التواصل الذي ينشأ بدوره من سد الفراغات وملأ البياضات لا يعني بالضرورة المطلقة ,جمود النص او عدميته , بل نجد ان هناك عملية اخذ وعطاء بين الجانبين –أي-ان لا بد من النص ان يقود خطى القارئ ويضبط مسيرته الى حد ما , ما دام النص غير قادر على الاستجابة تلقائيا لملاحظة احكام اقتضائية القارئ وأسئلته المعرفية .

أحدث المقالات

أحدث المقالات