13 أبريل، 2024 5:32 ص
Search
Close this search box.

قراءة في مجموعة ( على قيد الحب )لحبيب السامر

Facebook
Twitter
LinkedIn

تقانة شيفرة الدوال النصية المتداخلة
تتجذر في تضاريس ذاكرة لغة مجموعة قصائد ( على قيد الحب )للشاعر حبيب السامر ، جملة مباهج جنوحات موضوعة ودلالة و ثيمة ثلاثية ( السكوني / المتحرك / المتعالق ) و القارىء لفحوى منازل هذه الاقطاب الدوالية الثلاثة ، لربما سوف يواجه وظيفة الاتصال الدلالي المشترك بين محفزات مكامن النص ، و هي تتمظهر جميعا في مسار من الفضاء التعددي الواحد و المتصل و حدود لغة وجدانية مناظرة لموضوعة الذات إزاء ذلك الفعل التسطيري بالعشق و البحث في مفاوز المحبوب ، مما جعل النص يشكل بذاته فعالية مشتركة بين ( الأنا / الآخر ) . فقصائد مجموعة السامر هنا تبدو عبارة عن اعترافات إيهامية جاءتنا مكثفة بلغة الحلم و الإيجاز و المفارقة الفنية و تقانة شيفرة و التداخل النصي الحاصلة في آلياتها الملفوظية على أعلى درجات أسلوبية الشد الاحوالي الراسم لذاته سلفا أجلى مهيمنات فعل التوصيل و التأثير الملفوظي على حال منظومة التلقي و المكاشفة و الجنوح المكثف في أرجاء و أنحاء شعرية النص . و تباعا لهذا القول منا ، سوف نتعامل مع نصوص مجموعة الشاعر في حدود مساحة وظيفة هذه الاقطاب الثلاثة الاحوالية الكامنة في تخصيصات فضاء المشغل الشعري لدى الشاعر .

ـــ السكوني و المتحرك و المتعالق في قصيدة الأنا .
و نحن نطالع أمكانية و نوعية تجربة نصوص ( على قيد الحب )واجهتنا ثمة حساسية خاصة في نمو أسئلة و أجوبة و تعالقات خطاب النص لدى مجموعة الشاعر . فالنص و عبر مسار رؤيته البوحية و الدلالية راح يتعدد و يتنوع و يتمدد على خارطة ذاته البوحية و ما يحيط به من حالات الأشياء ، لينفتح نحو أجلى منظورات و توظيفات الانبعاث السكوني الرابض في وجه أدق دقائق حسية محور الأشياء و صورها و حيثياتها و ظلالها الساكنة حالا في ملفوظية القول النصي ، كحال دلالات قصيدة ( اللاجدوى ) :

ما جدوى
كل هذا الهواء
و أنا أختنق . / ص36

إذ أن حساسية مستوى دلالة الجملة ( أنا أختنق ) جاءتنا مشحونة بالادهاش و اللاجدوى و الوجودية و المفاجأت الضمنية و التي من خلالها يعيش الشاعر حالة أجواء سكونية و صمت تلك العلاقات الغائبة من الوجود الذاتي و الطرف الآخر ، وصولا به الى قوله اللاحق من النص :

ما جدوى
تباعد خطواتنا
أيتها القديسة
اقتربي
مثل فراشات تقبل وردة
برفيف حالم . / ص36

و عند الشروع بالتدقيق و الامعان في دليل فعل الاقتراب (اقتربي ) صار الأمر يشكل بذاته كفعالية تحركية ضمن خاصية من شأنها جلب خصوصية الطرف الآخر نحو بؤرة دلالة الجاذبية و الجذب بمفهوم نسقية الحلم ( برفيف حالم ) . و بطريقة أخرى نعاين حصيلة القطب المتعالق و الحاصل عن فعل مخصوصيات قول حالات القصيدة التعالقية في مجموعة الشاعر ، كقصيدة ( ما لا تدركه الآن ) غير أننا هنا تحديدا ، نحاول جهدا الاشارة حول مقدرة توصيفات هذا النص ، خصوصا و أنه يمتلك أعلى معابر الانعطاف و تعالق و التأخير و الأخفاء ، و هذا ما يتبين لنا من خلال استعراض هذه المقاطع الشعرية منها : ( ما لا تدركه الآن .. قد تركته ضجرا في الزاوية القريبة من آخر شجرة .. تلك التي لم أشاهدها مطلقا على شاشة الحب منذ أكثر من موت . / ص 19 ) نلاحظ هنا مدى حسية و تصويرية البعد التشكيلي المتعالق ، و ذلك في محاولة الشاعر نفسه ضم منظورية حدود الأشياء المرسومة بين ملمح الأخفاء و الظهور و مرة بين مرمى الاستطراد الدلالي و مرة بين درجة التقاط غيرية المعنى القصدي ، وهو بين حالة الاحتدام و التصادم و التعالق و الغياب . أنها رومانسية التعالق المعتدل بالآخر المنجذب بجوانب متواليات القصيدة . و على هذا النحو نجد الشاعر بالمقابل يقول مؤكدا فكرة تعالق عوالم تشكيلاته الدوالية ، مستثمرا إياها بدءا من المجاورة و التراصف الى مجالية الانعطاف و القطع و على نحو لافت :

الشجرة تنمو خارج الحديقة !
الشجرة تتحسس فراغ أوراقها ،
لا تستطيع أن توظف كل وقتك
من أجل شجرة خارج الحديقة .

في هذه المقاطع من القصيدة ذاتها يتحرك خطاب الصورة الشعرية ، على نحو استثارة مستوى من مستويات التشكيل التعالقي المؤثر و الكامن بين التحويل الدلالي و بين مقابلة فضاءات الساكن و المتحرك من شعرية التحقيق القصدي ، كما يتضح لنا الأمر في مجال هذه الترسيمة الآتية : ( الفعل الحركي ـــ الشجرة تنمو / الفعل التعالقي ـــ خارج الحديقة / الفاعل التعالقي / الدلالة السكونية ـــ تتحسس فراغ ) و على هذا النحو نعاين تدفق جملة الاقطاب الثلاثية في مجال انثيالات عاطفة اللغة و المقدمات البوحية الكامنة في زمن ترشحات و توجهات مسار أحوال النصوص .

ـــ الضربة الشعرية الكاشفة .
و في أجواء تجربة مجموعة ( على قيد الحب ) يقدم لنا السامر الكثير من تراكيب الصور الانفصالية و الترقينية و التشبيهات الحافلة بدلالة الضربة الشعرية الكاشفة ، و التي تباغت أحيانا مخيلة القارىء و التلقي ، مثلما الحال عند قراءتنا لقصيدة ( في أي وقت نكون معا ) فالموازاة هنا في أفعال و أحوال و صفات هذا النص ، تبدو من الاختلاف و التجريب و المغايرة . فالموازاة المفصلية هنا لا تستقر على ملفوظية المبنى القولي من كلام النص ، و أنما جاءتنا موازاة بالمعنى الاسلوبي ــ الايحائي المتوزع في استقامة دلالية متماسكة ، و لهذا الأمر ظلت جملة التماثلات الإيحائية في عتبات النص و متونها و هوامشها في النص ملئية بعوامل ممكنات العبارات و الجمل المترابطة على نحو فاعلية التوليد و التصور و التقديم و التأخير و المسكوت عنه و المحذوف ، مما جعل علاقات أبنية الدوال و كأنها تتحرك عبر منظومة خارج نطاق مألوفية المراوحة و التقليد و التسويف : (في أي وقت ، نكون معا ، نلوذ بالصمت و نغرق ! / الغابة ليست لنا ، دعينا ، نمضي نحو النهر ! / حين تدلت عناقيد الكروم ، أنفرط قلبي ، كم كانت يدك رحيمة ، لملمت بقاياه / ص 24 ص25 ) بطبيعة الحال تمثل هذه التراكيب من شعرية النص ، تلك المرحلة المستحدثة من قرار أسلوبية رؤية قصيدة ( التوقيعات ) وهو المر الذي بات ينسحب إجمالا على باقي مجموعة نصوص المجموعة ، أردت أن أقول أن المقاطع الكامنة في مشهد النص المشار إليه أعلاه ، جاءتنا بإدراك الواقع الحسي العاطفي ــ بحسب وعي الشاعر ـــ من ثم تبقى منها الوظيفة الدلالية في النص تسعى لذاتها لتستخلص لعمرها ذلك التمثيل المدلولي المنجز داخل إطار كشف الرؤية و الدلالة المخزونة في أعالي علاقة الذات الواصفة و المتحدثة بأفق تفاصيل مقترنات معرفية آنية الزمن و بكلية فضاء الحال المتقادم من محتملات الشعرية و الشعورية الناجزة في مجاهيل تقانة لغة الذات .

ـــ تعليق القراءة ـــ
أتفق رواد الحداثة و التجريب ، على أن حداثتهم لا يمكن أن تتحقق دون تمثل التراث و تجاوزه . فالشعر الحديث في مجموعة ( على قيد الحب ) ما هو إلا إعادة تجريب و صياغة حالات لغة الحال الشعرية ضمن مستحدثات ملفوظية خاصة تدعمها بلاغة القول الحاذقة على وصف و توليف استجابات مظاهر صور حسية الأشياء ، على المستوى الفردي و المتمايز من فاعلية نقل حالات و رؤية الذائقة الشعرية الى مستوى محققات مؤثرة ومغايرة تكفلتها صيغ خاصة من علامات الاشارة و التحولات الدلالية المتصلة بسمو خصائص أداة شعرية العمق و الوضوح و الرؤية العاكسة لصور ذاتانية متوحدة و حدود أصوات البوحية الضاربة في أفق مجالية الإيحاء و القصدية الشعرية الواصلة باشارتها الدالة و حدود تقنية الإحالة و الأحتواء و الاستدلال العلائقي الواثق في خطاب مشاهد وحالات و صوات نصوص المجموعة :

أنا من يغسل بالليل كل هذا الندم
و يستجير بالحب كلما حاصرته الخيبة
أنا التوت فوق شفتيك
قلب الهدنة في جسد لا يحتمل الطعن
يشاكس الضوء في غفلة من الغيم . / ص14

هكذا يتضح دليل ثريا العنونة المركزية لقصائد المجموعة (على قيد الحب ) ضمن مداخل و مخارج و فضاءات ساكنة و متحركة و متعالقة ، لكي تنكشف من خلالها استدراجات الضربة التوقيعاتية الكاشفة عن مؤشرات تعاليق و مكونات وظيفة تقانة دوال شيفرة التداخل النصي و عبر اللغة الاحوالية و الفعلية القصدية المؤثرة في مواطن جمالية نواة نصوص المبدع ( حبيب السامر ) لتجنح بدورها جميعا نحو تسجيل حكايات قيد الحب لديه داخل ايقونة زمنية الحال القولي المتداخل في مسامات و وحدات أفق الخطاب الشعري المتماسك في شعاب القصيدة دالا و دليلا . و في الأخير أجدني قائلا بحق مجموعة نصوص الشاعر هذا الاستطراد الختامي : أن نصوص حبيب السامر عن قراءتها تجعلنا نحلق في أجواء رؤية و لغة متداخلة عضويا ودلاليا ، ليتوقف عندها قارئها متطلعا نحو أضواء جمالية قولية منبعثة كأنغام قيثارة سومرية في كل محطات وحدات دوال النص ، و في محاور تحليقات أحوالها الذواتية و الدلالية ، التي تختلف بالنتيجة عن حصاد أقران الشاعر من الشعراء اللذين نقرأ لهم اليوم من النصوص الشعرية ، ما يشعرنا بخلوها من مواقد الخصب و الطراوة و الانبعاث الذي راح يشدنا نحو الانفلات من ذواتنا القرائية نحو تلك الرؤى الحلمية في أتون تضاعيف شعرية قصيدة تقانة شيفرة الدوال النصية المتداخلة.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب