7 أبريل، 2024 9:29 ص
Search
Close this search box.

قراءة في مجموعة ( شيء عن الغابة ) لكاظم مزهر

Facebook
Twitter
LinkedIn

(تساؤلات الأنا في آتون أجوبة الآخر الضمنية )
مدخل : الذات الشعرية قوة و طاقة تساؤلية تبث في عاملية لغة إدراكها للأشياء ، تلك الجملة التحاورية الحلمية و الإيهامية اللا مدركة في شكلها المباشر المنصوص عليه في مجال إفصاحات خصائص قولها الوسائطي الواقع بين رؤية الأنا الشعرية و بين إعادة تشكيل صورة الآخر في إيحاءات المعنى الشعري المبثوث في مكونات أيقونة السؤال و المساءلة و افتراض التوصيف . فالشاعر من هنا يدرك الأشياء ، و يستكشفها عندما يدرك خصائص قولها مع ذلك الوسيط ( الغيري / الآخر ) بما يمتلكه هذا الأخير من لغات و موجهات من شأنها تحويل المشاهد و الصور التساؤلية التابعة لحيز الأنا المتكلمة في النص إلى مساحة إضافية تحاور وقائع إحساسات أخرى من خاصية تساؤلات الذات الواصفة ضمنا بجانب شرطية أجوبة الآخر الضمنية . بوسعنا الآن قراءة تجربة قصائد مجموعة (شيء عن الغابة ) للشاعر المبدع كاظم مزهر ، بوصفها تلك التجربة الناطقة بفكرة اللحظات الشعورية المتواصلة بين حيز صوت الأنا و مؤشرات ذلك الآخر، حتى أنها تبدو أحيانا مصحوبة بأزمات سوداوية و عدمية و انفعالية . فالقصيدة في هذه المجموعة ، تبدو عبارة عن تساؤلات الأنا الخارجة عن حقيقة الثوابت الداخلية لتصل بالنص إلى محطات اتصالية متسائلة بدلالات الحلم مرة و باليقظة الثائرة وجوديا مرات و مرات ، و يحدث ذلك في خطاب شعري لا يقتصر على لغة الإخبار و العملية الاستنساخية في نقل صورة و لغة الأشياء ، بل أنها أي القصائد راحت تتعدى سهولة مرتكزات الصور الإدائية اليومية الجاهزة ، لتتبدى نحو تخومات ذلك الانصهار الدوالي في جملة المحرك و المحفز الغيري الآخر ، و من خلال فضاءات أسئلة الأنا الواصفة ، نقرأ مثلا هذه المقاطع الشعرية نموذجا : ( مجبر حين أنطلق السهم .. من قوس مجبر .. كان الوتر أيضا .. كذلك الرامي وهو لم يكن متأكدا .. من ذهابي لصورة عينيه .. فلا يعقل إنه تركني في مهب الريح ليلهو.. القوة التي أجهل صهيلها لا نفوق لظهرها المطهم .. و الأهداف كما أراها ثابتة . فلماذا أطارد زوبعة . ص8 : قصيدة رغوة في الفراغ ) لايزال التقابل الثنائي بين الأنا الآخر متجسدا شعوريا هنا : (مجبر حين أنطلق السهم ) ممتدا بين زمن دال ( السهم) و بين دال الفاعل
(مجبر ) رغم إن فعلية الأنطلاق قد جاءتنا في صيغة لحظة التردد و الاستفهام و الترقب و الندم ، ثم العودة لاحقا إلى موقعية الموصوف الأخر ( كان الوتر أيضا ) التي راحت تحيل بدورها دلالة الآخر إلى مستوى من استرجاعية موغلة في زمن اللايقين الانطلاقي لذلك الفاعل الدال : ( وهو لم يكن متأكدا ) إذ يتآلف صوت الأنا حسيا هنا مع متواليات اتصالية النسق التصوري لثنائية ( =الأنا = الآخر ) وهو ما يشكل حدود العلامة المتباينة بين موقف إحساس الأنا الممتد في علاماته الجارية لاحتواء صورة و صيغة الآخر الضمني ( من ذهابي لصورة عينيه ) و في هذا السياق المتجسد في مستوى صوت الأنا الآخر ، راح يؤدي بنا إلى فهم طبيعة الملازمة التقاربية المدرجة و حدود أفق التوتر الداخلي القادم من جملة ( من ذهابي ) وصولا إلى حال الأرتباط و العلاقة البؤروية في دال ( عينيه) . من هنا ندرك كيفية استعانة الذات الواصفة بمعطيات الأخر الغيري ، حيث يتم فعل عملية الانجاز الشعري ، عبر إضافته ــ أي الآخر ــ كوسيلة ما لتحديد موضع أنويته الأحوالية المبثوثة ضمنا في مدار الذات الشعرية المتحكمة في الفعل الكلامي ، فيما و تقترح مسارية الآخر مقومات خاصة في الكشف و في حدود مساءلة الأشياء ــ تعالقا ــ مع حيثيات التصدير الأنوي الأحوالي للذات المتكلمة في القصيدة .

ـــ دال الآخر يؤول في تساؤلات ضمنية الأنا .

تقوم شعرية دلالات قصائد مجموعة ( شيء عن الغابة) إلى تقديم حالات مشهدية مبثوثة و حدود آفاق موجهات الأنا ، غير إن توظيفها في النص قد حل في مواطن (المعادل الاستبدالي البديل ) أي أن مجوعة متراصفات و معادلات حضور صوت و دلالة الذات الشعرية ، قد تم موضعته بموجب علاقة ضمنية حاضرة ولغة ذلك الآخر المتجسد على هيئة محورين : الحال / المجاورة . و يمكننا القول إن بنية المجاورة قد تم حضورها بين حقيقة واقعة وحال ( غيابات الأنا = حضور الآخر = المعادلة الاستبدالية في هوية البديل ) و في مستوى أصبح منه ضمير الأنا المتكلمة كمتوالية محورية دالة في تمظهرات حسية الآخر . وهذا ما نجده واضحا في قصيدة ( الليل أقصر من أن يحتويك .. قد يبدأ بك و ينتهي . ص12 : قصيدة النهاية الفارغة ) فالمعادلة التجاورية هنا تفيض و تلتم و حدود مساحة بوحها بالآخر ، وصولا إلى إدامة صوت و حساسية دلالة الأنا : ( الليل ـــ زمن / يحتويك ــــ مساحة الفعل / يبدأ بك ــــ إضافة / و ينتهي = تعطيل غيابي بالآخر ) إذ إن الطرف الأول من مساحة التشكيل تتمثل ب ( أنا + مكونات الحال + إحلال المعادلة = الأنا ـــ الآخر البديل ) أي بمعنى ما هناك معطى استبدالي بين طرف الأنا وهو يفيض حدودا على موجهات اتصالية الآخر ، و الذي هو في الآن نفسه ، راح ينتج ذلك التلاحم الواقع بين ( أنا الذات = الآخر بأنوية الأنا ) و تستعين الذات الشعرية بما يتاح لها من معطيات ( الآخر الأنا ) لأجل إتمام فعل تحريض الدوال نحو موجهات فضاء خارجي / داخلي و عبر أفق تمفصلات مشتركة دلاليا : ( و ينشق قاع الروح لعصا صوتك البلوري .. لكنني لن أسمح لنوتات همسك الماكر بالعبور .. هنا صحارى التيه الذي بمعنى الفردوس المفقود . ص12 : قصيدة النهاية الفارغة ) فالتوحد الأنوي و الأحوالي بين صوت الأنا و المرسل الآخر راحا يتداخلان و حدود مصيرية ملفوظية متغايرة ظاهريا ، غير أنها و على يد العناصر الدوالية المتلاحمة ، تظهر لنا انفتاحا متعالقا ، حتى و إن كان محتملا في مجليات حضوره الاجرائي :(ينشق قاع الروح ــــ تفاعل = تآلف / لعصا صوتك البلوري ــــ الأنا = الآخر = رؤية البديل / لكنني لن أسمح لنوتات همسك الماكر بالعبور ـــــ لن =اداة رفض ــــ همسك الماكر بالعبور = العلاقة المحتملة بالتضافر و الضدية في الآن نفسه ) خصوصا و إن الذات الأنوية و في إطار قولها اللاحق ( هنا صحارى التيه الذي بمعنى الفردوس المفقود و بهذا التوجه الدلالي ، لعلنا نلمس من طرف الأنا الذاتوية ، ذلك الحال في دلالة (التيه + المفقود = العلاقة الغيابية = الوحدة و العزلة ) و هذه الرؤى و الدلالات التي من شأنها الإفصاح أولا و أخيرا بما يجعلها تبدو تقابلات احتمالية بفقدان ذلك الآخر في موجهاته الخارجية ، و الذي دونه قد تصبح استجابات الأسئلة الأنوية الذواتية كحال بنية الفقدان ( صحارى التيه ) .

( تعليق القراءة )
إذن نفهم من خلال قراءتنا لمجموعة قصائد ( شيء عن الغابة ) إن المنظومة الاستدعائية المنعكسة بديلا بين (أنا الذات = أنوية الآخر الأنا ) ما هي إلا ذلك الجانب التصوري المتشاكل بين خصيصة أنا الشاعر / الآخر أنا الشاعر وصولا إلى إحالات و أصوات و علامات دلالات القصيدة ، و على هذا النحو من التشكيل الابداعي المتماسك الذي جاء به خطاب قصائد مجموعة الشاعر كقصيدة ( تحت ظل الغيم بعد سكوت المطر ) و قصيدة ( هذا ما فكر به صائد السمك ) و قصيدة ( المتغابي ) و قصيدة ( أوراق طائشة ) و قصيدة (أحايين) و قصيدة (ربما ) و قصائد أخرى مجموعة الشاعر : ( لا أغنيات لشهرزاد ولا حكايات / الوجوه ظلال لخوف في الحسبان / عصافيرك سيارات شرطة / تغريدك صفارات إسعاف / مسافاتك خسارات في الزمن / غائر فيك العراق .. يتلاشى .. بعيدا .. بعيد . ص83 قصيدة : ملامح المدينة : بغداد ) تتناول موضوعة قصائد مجموعة الشاعر المبدع كاظم مزهر ، بمعناها العام و الخاص ، تلك الجوانب المتعلقة بإتجاه فرضية بوح الذات ، وهي تلتقط بيانات أسئلتها السوداوية و العدمية ، من وراء حدود حالات واقع مأزومية الذات المضطهدة و المقهورة ، وهي تنطلق في أسئلتها من أقصى درجات توليدات جمالية تصوراتها الوجودية الرافضة في علاقتها بمحيط الواقع ، أنها قصائد راحت تتبنى أسمى و أجلى الاستجابات الجمالية و الشعورية في صوغ وقائع مقصدياتها الاستعارية المكينة . و هذا التجوال القرائي منا في حالات صور و أيقونات نصوص مجموعة الشاعر ، راح يعزز فينا تقويم مكرسات دلالات نصوصه ذات العلاقات المختزلة وهي داخل أبنية تحولات الدلالة المتصلة وخاصية تصويرها لأفق ذاتية الأنا المرتبطة بأنوية دليل الآخر الأنا . هكذا وجدنا ( تساؤلات الأنا ) في صور و علامات نصوص مجموعة ( شيء عن الغابة ) و كأنها جملة أسئلة راحت تطلقها أنا الشاعر لتتدفق و تتبدى مؤديات مختزلاتها كأجوبة ضمنية أخذت تتكفلها إحالات الآخر في علاقة مشتركة و عضوية و إحتمالية بين صوت الأنا و أنوية الآخر ، الذي راح بدوره يؤدي حركية ردود أفعال الأنا ، و لكن ضمن علاقة جوهرية ضمنية غير ملحوظة ، و لكنها أكثر حضورا عندما تتعالق حدوثيات وأسئلة الأنا في حيز من فضاءات أفعال المتصل الآخرالبديل و في حدود خصوصية أسئلة و أجوبة الاحوال الشعرية المتراصة دالا و دليلا في متواليات دلالة القصيدة الأنوية بمدلولات الآخر البديل الشعري الضمني .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب