23 ديسمبر، 2024 2:18 م

قراءة في كتاب : على ضفاف شط العرب للكاتب كاظم فنجان الحمامي

قراءة في كتاب : على ضفاف شط العرب للكاتب كاظم فنجان الحمامي

كاظم فنجان مرشد بحري خارج النمطية المعروفة للادلاء البحريين بسبب من موسعيته المعرفية وسعيه الحثيث لأمتلاك ناصية العلم  وتسخيره على مستوى الميدان ونبضه , وهو بعد هذا قد ادمن البحر وركبه ركوب المقتدر وحمل حقائبه في رحلة مضنية , جاب فيها البحار  وصفع موجات التيارات الشديدة التي كانت تصفع الساحل دهرا بلا حدود ثم امتثل للصوت القادم من  من منابع العلم وعانق عالم المصفوفات المتشعب الرؤى .رحلته الحياتية رحلة رغبت في المحاكاة لكنه وجدها مرفوضة من دواخله فكان حبل السرة مشدودا بينهما , لكن صفير الاحداث التي مر بها البلد ألح وازف فطال التحامه مع مستجداته اليومية من خلال الفكرة الثاقبة والاستنتاج الابهر والتأسيس المبدع  الملتحم  بالعلم والحقيقة ,فمتلأت حقائبه بالمعرفة التاريخية فعقر الناقة صوب الشط مرة ثانية واستهواه  العزف على اوتار التاريخ فكان ممن قال فيه وابدع .الكتاب يتناول شط العرب , وهذه الموضوعة ليست جديدة على مستوى الطرح العام الا ان فضيلة هذا الكتاب انه كتب بلغة شفيفة ومائزة وقد التفت المؤلف التفاتات نابهة وذكية الى الارهاصات التي رافقت تطلعاته ورحلاته البحرية في هذا الشط الخالد والى رغبته الجامحة في الحفاظ على ما تبقى منه بمنهجية علمية واعية وبسرد وقائع تاريخية رصينة واستخلاصات قل مثيلها ومنها الكثير الذي ينبغي التوقف عنده وتأمله تأملا واعيا وسريعا لأنه مبني على منهجية علمية تتساوق وطموحات الانسان العراقي الشريف في  الحفاظ على بيئته النهرية .
كتب مقدمة الكتاب الدكتور الفاضل عامر السعد وهو ابن الماء , ابن الملتقى وسدرة ادم , استنشق عطر الماء وهو صبي وخرج من  قاع الشط وهو يدندن نشوان بما تدغدغه نسيمات الهواء الراقصة على وجه الشط , فكانت مقدمته قطعة شعرية تنضح  ذكريات عبقة لهذا الشط . تناول الكتاب كل صغيرة وكبيرة بل ودخل في اطروحات عصرية ومقترحات كثيرة تساعد اصحاب القرار على الغور في هذه المسألة بنجاح لأن المفاتيح الرئيسة قد وضعت بين ايدهم .
في المقالة الموسومة البحث عن مرساتي الضائعة   يغوص كاظم فنجان في اعماق التاريخ ليقف عند كلمة ( الانكر ) وتأصيلها النظري وما تؤول اليه ويقول : ان العراقيين هم الذين اكتشفوا هذه التسمية وهي من رواسب اللغات السومرية والاكدية والارامية ,كما واكتشف ان سفينة سيدنا نوح هي من اكبر السفن السومرية وكانت تحمل ( 42 ) مرساة مصنوعة من الحجر ويصل وزن بعضها الى ( 10 ) اطنان . وحين يتحدث عن السلطة البحرية العراقية فهو يضع مجموعة من المقترحات التي تساعد اصحاب القرار في ان يحتل العراق المكانةالتي تليق به من خلال احياء فكرة السلطة البحرية العراقية . وحين يعرج على قناة
0 الروكا ) وسبب تسمياتها او معناها فيقول : وجدت كلمو الروكا في المفردات الانجلو – هندية وهي الوثسقة المكتوبة بخط اليد وهذا يعني ان قناة الروكا هي القناة الملاحية التي ترسم مسالكها وتثبت فناراتها بوثائق واوراق قانونية رسمية مكتوبة بخط اليد . وعلى امتداد صفحات الكتاب يظل المؤلف وفيا وحريصا على منهجيته التاريخية في استخلاص القيم الروحية والابعاد العلمية  لشط العرب والذي اكتسب على مر التاريخ بعدا مهما في حياة العراقيين بنحو عام وحياة البصريين بنحو خاص .
بقي ان اقول في ختام هذا العرض المتواضع لهذا الكتاب الوثيقة  ان على العراقيين جميعا قراءته بنحو كامل وعل كل بحري ان يتمعن فيه ليستخلص العبر والدروس والمواقف وما ينبغي ان نفعل للحفاظ على بيئتنا البحرية . ان هذا الكتاب يحاول انعاش الذاكرة العراقية في ضرورة عدم التفريط بهذا الشط ومنافذه البحرية ومما يسجل لهذا الكتاب ولمؤلفه تلك الطريقة الممتعة للعرض واللغة الرصينة وطلاوة التعابير التي استعملها المؤلف . مجمل القول الذي نريد الوصول اليه ان هذا الكتاب شهادة راقية ومهمة ووثيقة تاريخية لهذا النهر الاسطورة الذي استطاع ان يبقى علامة مضيئة في صفحات تاريخ العراق والبصرة .