23 ديسمبر، 2024 4:25 م

قراءة في كتاب ( طيف المنطقة المقدسة ) للناقد محمد علي النصراوي

قراءة في كتاب ( طيف المنطقة المقدسة ) للناقد محمد علي النصراوي

( نقدود مختبرية خاضعة لمقاييس وهمية )
المطابق لعلاقات جوهراتية فعل ذلك المبحث الراهن : ومن على ضوء هذه المقدمة الاستشرافية نطالع كتاب ( طيف المنطقة المقدسة ) لمحمد علي النصراوي ، واول ما قد يلفت انتباهنا ، هو ان هذا الناقد من النقاد العراقيين الذين لهم باع طويل ومشرق في اشعال فتيل جذوة النقد العراقي / لاسيما وكتاباته المتتابعة في صحيفة العراق سابقاً : غير اننا لربما واليوم نطالع صدور كتابه ( طيف المنطقة المقدسة ) قد لا نصاب بغير ذلك السرور الجميل ونحن نتأمل ونعاين مدى حجم ذلك البناء الذهني والذي قد سبقته قيمة جهود زمن وفاعلية مبحث فصول الكتاب نفسه ، كما ولا ننكر للكتاب وقيمة مضمون البحث ، حجم مسوغات ذلك الاندراج التفسيري في بناء وتوصيف شكل التفكير والتخييل ، بحيث لايملك القارئ ازاء مباحث كتاب النصراوي ، سوى لمزيد من الانقياد والاذعان لمجالات التامل لحيثيات ذلك السؤال البحثوي حول قيمة ( المعنى المخبوء ) او المركز الكتابي : الا ان ما قد وجدناه في مبحث كتاب النصراوي ، لربما قد لايشير لذلك الجهد السابق للناقد نفسه ، واذ جاز لنا القول وتسميته بـ ( عملية التنافر ) مابين صوت الشارح ( أي النصراوي ) ومابين ( صوت المصدر ) ولتأكيد ذلك نستعين بقائمة المراجع والاحالات في الكتاب ، لنعاين بذلك دقة ووضوح ما قد ورد : ( اننا نرى النقد التفكيكي ان العلامة غير وافيه وناقصة : ص18 ) ومن جانب اخر نلاحظ ايراد النصراوي باستشهادات لعبارة هي للكاتب ( جاك ديريدا ) حيث يحاول من خلالها النصراوي دعم قوله بشيء من محاولة اثبات عدم طغيان المصدر على قوله : وهذا بدوره لربما يعد في عالم الكتابة النقدية من الشيئ العادي او البسيط ، والذي قد تجاوزه

بعض النقاد من خلال تقنيات التناص او مقولات الما وراء الحداثية او ( التلصلص المسوغ !) مادامت الذات الكاتبة نفسها متعددة الملامح والخصائص الانتحالية : وارجوا ان لايكون هذا الكلام مأخوذ بمحمل الجد وعلى حساب قائمة استاذنا النصراوي ، وذلك لان طبيعة القراءة النقدية دائماً حمالة لاوجه متعددة من الطرح والتأويل ، فأرجوا ان لا يأخذ كلامي هذا مشاكلة طابعية التفسير الاحادي ، وهو ان دراسة كتاب ( طيف المنطقة المقدسة ) هي من النوع المشار اليه في قصدية استطرادنا ، الا اننا قد لا نضيف لقولنا هنا سوى اننا قد لاحظنا بأن دراسة كتاب النصراوي ، لربما تنحى احياناً منحى قد يبدوا وغير قصدياً ، وذلك في محاولة اخفاء تشكيلة صوت المرجع او المصدر خلف بيانات شروحية الكاتب ، وهذا بدوره ما قد لاحظناه بأكثر من فقرة وبأكثر من فصل : حيث ان طبيعة العلاقة النقدية ما بين المرجع وكاتب البحث لهذا الاعتبار ، وفي مجموع مظاهرها / تحرر دراسة البحث من وثوقية الملامح والقسمات التناصية في مقروئية مداليل الاثر الانعكاسي ، أي نقدية وثوقية المبحث الدراسي تطغى احياناً على معلوماتية المرجع او المصدر .

وبهذا التموضع الايحائي يكتسب كتاب النصراوي قيمة فضاء ( الما بين ) حيث السكن في المناطق النصية البينية التي تعيد الاعتبار الاوحد لمفهومات : ( الجدل / الوعي / الطاقة الابتكارية ) فأصلاً وفسحة ومسافة . من ناحية نلاحظ لاوجود لنص حاضر حصراً في كتاب مباحث النصراوي ، بل ان ثمة هناك نصيات منقوشة ضمن حدود جدلية النص المختبري المتعدد والاحادي احياناً .. وهذا بدوره نهج وجدناه في مبحث كتاب النصراوي ، وفي المكان القائم ظمن حدود الخط المائل مابين ( ممارسة الناقد ) وبين تشكلات صوت المصدر ، بمايشكل علاقة منتجة تشمل الازدواج والعبور والنفي بين ذات العارفة وجدلية الموضوع وبين العالم المصدري وطاقات النصوصية المختبرية : ومن جهة تطبيق تقنيات التأويل نجد كتاب ( طيف المنطقة المقدسة ) يشكل محالولة جادة لتجاوز عائق النظريات المعرفية الذاهبة الى تنصيص النصوص تحت يافطة اسقاطات صوت الذات وغلو حضور النظرية الجامدة وانحرافاتها . ان حضور الوعي المعرفي في عملية المعاينة النقدية ، هو مبثابة الامكان البحثوي الذي قد اراده النصراوي في كتابه ان يكون فعلا قرائيا ذات مقاربات معرفية ، حيث يكون في الوقت نفسه للذات الكاتبة تشخيصا نحو فهم مداليل التعرف على قيمة حدود ذلك ( الحيز الطيفي ) من منظور اشكالية تخمين المعنى المفهومي في طيف المقروء المختبري ، ومعنى ذلك يعني ان هناك حضورا غيابيا كبيرا لاستراتيجية المعاني داخل مواطن النصوص : وبهذا الجهد الكبير من الاستاذ النصراوي ، لانملك سوى الشكر ولامتنان والقول ايضا : – ان عملية البحث عن معاني النصوص لربما لاتقتضي من الناطق كل هذا الجهد ( المختبري ؟) الذي قد وصفته في كتابك والذي ايضا قد اشعرتنا ونحن نقراه كما لو كان المعنى عبارة عن رحلة ( برزخية مرعبة ) فياسيدي العزيز ؟ لعلك نسيت بان النصوص ومعاني النصوص هي فراغ بدواخل كل كاتب حقيقي ، ومن لم يتوفر بداخله هذا المعنى فهو ليس بناقد في أي يوم من الايام . واخيرا يبدو قارئ كتاب ( طيف المنطقة المقدسة ) قد اكتسب قناعة راسخة بان ماقد جاء في فصول

مباحث المؤلف النصراوي ماهي الا ( نقود مختبرية خاضعة لمقاييس وهمية ) وذلك نتيجة شعور القارئ بان مباحث الكتاب كما لو انها صادرة عن آلية مختبرية اقرب ماتكون الى توجسات بعيد كل البعد عن مدارات النص المنقود .